البرلمان الجزائري يناقش مشروع قانون لتجريم الاستعمار الفرنسي
يستعد المجلس الشعبي الوطني الجزائري، يوم الأحد المقبل، للمناقشة والتصويت على مشروع قانون يهدف إلى تجريم الحقبة الاستعمارية الفرنسية في الجزائر، للفترة من عام 1830 إلى 1962، في خطوة تعيد إلى الواجهة ملف الذاكرة الاستعمارية الذي لطالما شكل أحد أكثر القضايا حساسية في العلاقات بين الجزائر وفرنسا.
يهدف المشروع إلى وضع توصيف قانوني واضح للاستعمار الفرنسي، وإدراجه ضمن التشريع الجزائري بوصفه مرحلة ذات آثار سياسية وإنسانية واجتماعية عميقة، وذلك في سياق النقاش الداخلي حول قضايا التاريخ والذاكرة الوطنية.
وبحسب معطيات أولية، ينص المشروع على تحميل الدولة الفرنسية المسؤولية القانونية الكاملة عن ممارساتها خلال فترة الاستعمار، مع التزام الجزائر بالسعي للحصول على اعتذار رسمي، إضافة إلى المطالبة بتعويضات مالية عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت بالجزائريين.
حيث تولت لجنة برلمانية خاصة مكونة سبعة نواب، يمثلون مختلف الكتل البرلمانية إضافة إلى نائب مستقل، صياغة المقترح، بعد أن أشرف رئيس المجلس على تنصيبها في مارس/آذار الماضي ضمن يوم برلماني خُصص لقضية الذاكرة الاستعمارية.
قراءة الذاكرة الاستعمارية
الجدير بالذكر أن هذا القانون ليس جديدا بالكامل، إذ يعود إلى نص قانوني مجمد منذ عام 1984، قبل أن يعاد إحياؤه في ظل سياق سياسي ودبلوماسي متوتر بين الجزائر وفرنسا.
وكانت الجزائر قد عبرت في مناسبات سابقة عن رفضها لمبادرات وتشريعات فرنسية متعلقة بالذاكرة، من بينها قانون صدر عام 2005 واعتبر في الجزائر ممجدا للاستعمار، ما ساهم في تعميق الخلاف حول قراءة الماضي الاستعماري بين البلدين.
ومن المرتقب أن يخضع مشروع القانون لنقاشات داخل البرلمان، قبل إحالته إلى اللجان المختصة والتصويت عليه، وفق المسار التشريعي المعتمد، وسط اهتمام سياسي وإعلامي بآثاره المحتملة على النقاش الداخلي، وعلى مستقبل ملف الذاكرة بين البلدين.
توتر متصاعد
ويأتي هذا التطور في سياق شديد الحساسية بين الجزائر وفرنسا، على خلفية ملفات قضائية وإعلامية أثارت توترا متجددا بين البلدين.
فبعد فترة قصيرة من التهدئة النسبية التي أعقبت الإفراج عن الكاتب بوعلام صنصال، عادت العلاقات إلى التوتر عقب الحكم الاستئنافي القاضي بسجن الصحافي الرياضي الفرنسي كريستوف غليزيس سبع سنوات، في قضية أثارت ردود فعل واسعة في الأوساط الإعلامية والسياسية الفرنسية.