مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

تكدّس ناقلات النفط الروسي قبالة الصين بعد تراجع مشتريات الهند

نشر
الأمصار

شهدت أسواق الطاقة العالمية تطورًا لافتًا مع تكدّس عدد متزايد من ناقلات النفط الروسي قبالة السواحل الشرقية لـجمهورية الصين الشعبية، في ظل تراجع مشتريات جمهورية الهند، التي تُعد أكبر مستورد لخام الأورال الروسي خلال الأشهر الماضية. ويعكس هذا المشهد تحولات جديدة في مسارات تجارة الخام الروسي، على وقع تشديد العقوبات الغربية والرقابة الأميركية على تدفقات النفط.

وبحسب بيانات صادرة عن شركة «كبلر» (Kpler) المتخصصة في تتبع شحنات الطاقة، فإن خمس ناقلات نفط على الأقل كانت راسية في البحر الأصفر حتى يوم الأربعاء، محمّلة بنحو 3.4 مليون برميل من خام الأورال، وهو الخام الرئيسي للتصدير من روسيا الاتحادية.

 ويُعد هذا الرقم ضعف الكميات التي تم تسجيلها خلال الأسبوع الماضي، كما يمثل أعلى مستوى تكدّس لهذا النوع من النفط في المنطقة منذ أكثر من خمس سنوات.

وتقع هذه الناقلات قبالة إقليم شاندونغ في الصين، وهو إقليم يضم عددًا كبيرًا من مصافي التكرير المستقلة، ما جعل التكدّس الحالي محط أنظار المتعاملين في أسواق النفط العالمية.

ويُنظر إلى هذا التكدّس على أنه حالة غير معتادة، إذ إن المصافي الصينية، خاصة المستقلة منها، لا تُفضّل عادة شراء خام الأورال الروسي المُحمّل من الموانئ الغربية البعيدة في روسيا الاتحادية. وتميل تلك المصافي إلى استيراد الخامات الروسية القادمة من الموانئ الشرقية، نظرًا لقصر مسافة الشحن وارتفاع محتوى الديزل في تلك الخامات، ما يجعلها أكثر ملاءمة لاحتياجات السوق المحلية.

غير أن تشديد القيود على وجهة الصادرات الروسية التقليدية، ولا سيما السوق الهندية، دفع موردي خام الأورال إلى البحث عن أسواق بديلة في شرق آسيا، وفي مقدمتها السوق الصينية، رغم التحديات اللوجستية والتجارية.

ويأتي هذا التطور في وقت كثّفت فيه الولايات المتحدة الأميركية رقابتها على شحنات النفط الروسي المتجهة إلى الهند، ووسّعت نطاق العقوبات المفروضة على شركات طاقة روسية كبرى، من بينها «روسنفت» و«لوك أويل»، وهما من أكبر منتجي النفط في روسيا الاتحادية. وأسهمت هذه الإجراءات في إرباك حركة تجارة خام الأورال، ودفع الموردين إلى تغيير مسارات الشحن والبحث عن مشترين جدد.

وفي هذا السياق، يتوقع مسؤولون محليون في جمهورية الهند أن تنخفض واردات البلاد من خام الأورال خلال الشهر الجاري إلى نحو 800 ألف برميل يوميًا، مقارنة بذروة بلغت نحو مليوني برميل يوميًا في شهر يونيو الماضي. ويُعد هذا التراجع حادًا، ويعكس تأثير العقوبات الغربية والضغوط السياسية على قرارات الشراء الهندية.

وكانت الهند قد لعبت دورًا محوريًا في استيعاب كميات ضخمة من النفط الروسي منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، مستفيدة من الخصومات الكبيرة التي قدمتها موسكو، إلا أن تشديد الرقابة الدولية أعاد خلط الأوراق في هذا المسار.

وحتى الآن، لا يزال مصير شحنات خام الأورال المكدّسة قبالة السواحل الصينية غير واضح، إذ لم يُعرف بعد ما إذا كانت قد وجدت مشترين بالفعل أم لا تزال قيد التسويق. وغالبًا ما تُبحر الناقلات من الموانئ الغربية في روسيا الاتحادية دون عقود بيع مسبقة، إلا أن تضخم عدد السفن الراسية في منطقة واحدة قد يشير إلى تحول أعمق في أنماط تجارة النفط الروسي عالميًا.

ويؤكد هذا المشهد أن سوق الطاقة العالمية تمر بمرحلة إعادة تشكل، حيث تتداخل الاعتبارات الجيوسياسية مع الحسابات الاقتصادية، ما يجعل حركة ناقلات النفط مؤشرًا مباشرًا على التحولات الكبرى في تجارة الخام الدولية.