مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

حصاد 2025.. ترامب يعود وغزة تهدأ جزئيًا والسودان على صفيح ساخن

نشر
الأمصار

شهد العالم خلال عام 2025 أحداثًا سياسية غير مسبوقة، تركت أثرًا واضحًا على خريطة الصراعات الدولية والتحولات الإقليمية. 

وتميز هذا العام بعودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وتفاقم النزاعات الإقليمية في غزة والسودان وأوكرانيا، وظهور موجة احتجاجات واسعة للشباب من الجيل زد في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية. 

عودة ترامب: سياسة "أمريكا أولًا" والتحولات الداخلية

بدأ 2025 بعودة ترامب إلى السلطة في الولايات المتحدة، مع سلسلة من الإجراءات التنفيذية التي عززت سياسته المعروفة بـ"أمريكا أولًا". 

وشملت هذه الإجراءات فرض قيود جديدة على الهجرة، ترحيل المهاجرين غير النظاميين، إعادة هيكلة بعض القطاعات الحكومية، ومحاربة برامج التنوع والشمول داخل المؤسسات الفيدرالية.

وقد رافق هذه السياسات توترات داخلية، بما في ذلك إرسال قوات الحرس الوطني إلى عدد من المدن الرئيسية ذات الأغلبية الديمقراطية، وترهيب وسائل الإعلام، وهو ما أثار جدلاً واسعًا حول مدى احترام الحقوق الأساسية والحريات العامة. 

وفي المقابل، أظهرت استطلاعات الرأي تصاعد السخط الشعبي على ارتفاع كلفة المعيشة، ما أثّر على شعبية الحزب الجمهوري، خصوصًا بعد الهزائم في الانتخابات المحلية بنيويورك ونيوجيرسي وفرجينيا وكاليفورنيا، وهو ما وضع الحزب في موقف حساس قبل انتخابات منتصف الولاية المقررة عام 2026.

هدنة غزة: وقف إطلاق النار وتحديات المرحلة القادمة

وفي الشرق الأوسط، شهد قطاع غزة اتفاقًا على وقف إطلاق النار بين حركة حماس وإسرائيل، بدعم أمريكي مباشر، ودخل حيز التنفيذ في العاشر من أكتوبر بعد عامين من حرب مدمرة اندلعت إثر هجوم غير مسبوق نفذته حماس على إسرائيل في أكتوبر 2023.

وأتاح الاتفاق الإفراج عن الرهائن المحتجزين لدى حماس، سواء أحياء أو أموات، مقابل إطلاق سراح معتقلين فلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

 كما سمح بزيادة دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، رغم أن الكميات ما زالت أقل بكثير من احتياجات السكان.

ورغم ذلك، تظل المرحلة المقبلة حساسة للغاية، خاصة فيما يتعلق بملف نزع سلاح حماس. إذ تتبادل إسرائيل وحماس الاتهامات بانتهاك وقف إطلاق النار، بينما تشن إسرائيل ضربات محدودة على مواقع الحركة، إضافة إلى استمرار التوترات مع حزب الله في لبنان. 

وفي يونيو الماضي، تصاعدت المواجهات الإقليمية مع غارات إسرائيلية على منشآت إيرانية، ما أدى إلى اندلاع حرب قصيرة استمرت 12 يومًا، شاركت فيها الولايات المتحدة بشكل محدود لضرب ثلاث منشآت نووية إيرانية رئيسية. 

كما شنت إسرائيل غارات غير مسبوقة على قطر، استهدفت مسؤولي حماس مجتمعين في مجمع سكني بالعاصمة الدوحة.

السودان: فصل جديد في النزاع المسلح وتحول الجغرافيا السياسية

دخلت الحرب السودانية بين الجيش وقوات الدعم السريع منعطفًا جديدًا، بعد سيطرة الدعم السريع على مدينة الفاشر في 26 أكتوبر، إثر حصار استمر 18 شهرًا. 

ومنذ ذلك التاريخ، أصبحت جميع عواصم ولايات دارفور الخمس تحت سيطرة هذه القوات، فيما امتدت المعارك إلى إقليم كردفان المجاور، وهو ما يعكس فعليًا تقسيم السودان إلى محور شرقي وغربي، مع سيطرة الدعم السريع على غرب البلاد وأجزاء من الجنوب، بينما يحتفظ الجيش بمناطق الشمال والشرق.

وتصف الأمم المتحدة النزاع بـ"حرب الفظائع"، نظرًا لتزايد الانتهاكات الممنهجة ضد المدنيين على أساس عرقي، وما يرتبط بها من أزمات إنسانية. هذا التصعيد يعكس هشاشة المشهد السياسي السوداني، ويجعل من الصعب تحقيق استقرار طويل الأمد في البلاد، خصوصًا مع غياب الوساطة الفاعلة والضغط الدولي المتوازن على الطرفين.

أوكرانيا: مسار معقد نحو السلام والضغوط الدولية

وواصلت الحرب في أوكرانيا تأثيراتها على الساحة الدولية، حيث سعى ترامب خلال العام إلى دفع الأطراف نحو مفاوضات سلام، متذبذبًا بين التوافق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والضغط على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

جرت محادثات مباشرة في إسطنبول، بالإضافة إلى قمة بين ترامب وبوتين في ألاسكا، لكنها لم تسفر عن أي تقدم ملموس. على الصعيد العسكري، واصل الجيش الروسي تقدمه في الشرق، فيما كثف ضرباته على منشآت الطاقة وشبكة السكك الحديدية في أوكرانيا، بينما قامت كييف بشن غارات محدودة على منشآت نفطية روسية.

وفي نوفمبر، تم عقد مفاوضات دولية على خطة أمريكية، اعتبرتها أوكرانيا وحلفاؤها منحازة لموسكو، لكن منتصف ديسمبر شهد تقدماً نسبياً في التوافق بين الأطراف، ما يعطي بصيص أمل لاستئناف عملية السلام مستقبلًا.

احتجاجات الجيل زد: صرخة الشباب ضد الفساد والظروف المعيشية

وشهدت عدة دول حول العالم احتجاجات واسعة للشباب من الجيل زد، الذين تقل أعمارهم عن 30 عامًا، ضد الفساد وظروف المعيشة المتدهورة. 

وتركزت هذه الاحتجاجات في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، وأدت إلى تغييرات سياسية مهمة في بعض الدول.

فعلى سبيل المثال، اضطر رئيس حكومة النيبال كي بي شارما أولي إلى الاستقالة، فيما أطاح الجيش في مدغشقر بالرئيس أندري راجولينا، بينما شهدت تنزانيا احتجاجات واسعة بعد الانتخابات. 

كما تحولت رموز ثقافية مثل علم القراصنة المستوحى من الرسوم المتحركة اليابانية "وان بيس" إلى شعار للنضال ضد القمع، ما يعكس الطبيعة العالمية للتحركات الشبابية الجديدة.

الغارات الأمريكية في الكاريبي والمحيط الهادئ: حرب على تهريب المخدرات أم تصعيد إقليمي؟

في أغسطس الماضي، شنت الولايات المتحدة سلسلة من الغارات ضد قوارب تهريب المخدرات في الكاريبي والمحيط الهادئ، ما أسفر عن مقتل عشرات الأشخاص، وسط رفض من الأمم المتحدة وانتقادات دولية لاتهامها بالقيام بعمليات "خارج نطاق القضاء". 

وهذا التصعيد أثار توترات إقليمية، خاصة مع فنزويلا، التي اتهمت واشنطن بمحاولة الإطاحة بالرئيس نيكولاس مادورو والسيطرة على احتياطيات النفط، بينما قدمت الولايات المتحدة مكافأة قدرها 50 مليون دولار مقابل معلومات تؤدي للقبض عليه.

شكل عام 2025 محطة حاسمة على الصعيد السياسي العالمي، إذ جمع بين صعود سياسات الداخل الأمريكي الصارمة، تهدئة جزئية لنزاعات غزة، تصاعد النزاعات في السودان وأوكرانيا، واحتجاجات عالمية للشباب ضد الفساد وانعدام العدالة الاجتماعية. 

وهذه التطورات تؤكد أن العام المقبل سيكون مفتاحًا لتحديد مسارات السلام، إعادة التوازن الإقليمي، ومستقبل التدخلات الدولية في الصراعات المعقدة، وسط تحديات كبرى في مجال حقوق الإنسان والاستقرار السياسي والاقتصادي.