انعدام الرضا بين الناخبين الأمريكيين.. استطلاع جديد يفضح فجوة الثقة في الحزبين
أظهر استطلاع حديث موجة استياء واسعة بين «الناخبين الأمريكيين»، حيث بدا أن الثقة في الحزبين الرئيسيين وصلت إلى مستويات غير مسبوقة من الانخفاض، مع تعبير واضح عن «خيبة الأمل» تجاه السياسات والأداء السياسي الحالي. النتائج تكشف فجوة عميقة بين الجمهور والأحزاب التقليدية، إذ يشعر المواطنون بأن مصالحهم وأولوياتهم لم تعد محل اهتمام، مما يفتح الباب أمام تحوّلات مُحتملة في المشهد السياسي الأمريكي. هذه الحالة من الانزعاج العام ليست مُجرّد رد فعل عابر، بل انعكاس لتراكم شعور بالإحباط طال أعوامًا، يعكس تحديات جسيمة أمام الأحزاب في استعادة الدعم الشعبي وإعادة بناء الثقة.
بديل حزبي
يتزايد الاهتمام العام بحزب ثالث في «الولايات المتحدة» لدى كل من الجمهوريين والديمقراطيين، وكذلك بين أولئك الذين لم يصوتوا خلال الانتخابات الرئاسية في العام الماضي، حسبما أفادت نتائج استطلاع حديث أجرته منظمة «فوتو لاتينو».
وكشف الاستطلاع، الذي نشرته صحيفة «ذا هيل»، أن (9%) من جميع المشاركين الأمريكيين قالوا إنهم يستطيعون اختيار مرشح حزب ثالث في الانتخابات الرئاسية المُقبلة.
وأفاد (7%) ممن أدلوا بأصواتهم في انتخابات عام 2024 بأنهم سيختارون مرشحًا من حزب ثالث. كما أفاد (14%) ممن لم يصوتوا في انتخابات العام الماضي بأنهم سيختارون مُرشحًا من حزب ثالث.
سخط الناخبين
أيضًا، أظهر الاستطلاع أن الناخبين الأمريكيين يرون أن كلا الحزبين «لا يُؤديان عملهما على أكمل وجه». وكشف الاستطلاع أن (45%) من المشاركين قالوا إن الديمقراطيين لا يُمثلونهم تمثيلًا جيدًا، بينما أبدى (50%) منهم نفس الرأي تجاه الجمهوريين.
وفي الاستطلاع الذي أجري الشهر الماضي، أفادت أغلبية المشاركين بأن كلا الحزبين السياسيين في الولايات المتحدة أصبحا «مُتطرفين للغاية».
وقال (56%) من المشاركين إن الحزب الديمقراطي «ليبرالي» أو «تقدمي» أكثر من اللازم، بينما قال (60%) إن الحزب الجمهوري أصبح «مُحافظًا» أو «يمينيًا» أكثر من اللازم.
ضغوط معيشية مُتصاعدة
ركَّز جزء من الاستطلاع على القضايا الاقتصادية. حيث قال (38%) من المشاركين السود إنهم تخطوا وجبة طعام لتوفير المال، بينما أشار (39%) من المشاركين اللاتينيين إلى الأمر نفسه.
ووجد الاستطلاع أن (32%) من المشاركين السود قالوا إنهم حصلوا على وظيفة ثانية أو عمل جانبي مرة واحدة على الأقل شهريًا في العام الماضي لإعالة أنفسهم، بينما قال (31%) من المشاركين اللاتينيين إنهم حصلوا على وظيفة أخرى أو عمل جانبي لتغطية نفقاتهم.
في معرض شرحها لنتائج الاستطلاع، نقلت «ذا هيل» عن «ماريا تيريزا كومار»، الرئيسة التنفيذية لـ «فوتو لاتينو»، أن الأمر لا يتعلق كثيرًا بأن الناخبين يبحثون عن مُرشحين أكثر اعتدالًا، بل يتعلق بأنهم شعروا بخيبة أمل من كلا الحزبين، لا سيما فيما يتعلق بالقضايا الاقتصادية.
وقالت ماريا، إنه على الرغم من أن البرنامج الاقتصادي الذي طرحه الرئيس السابق «بايدن» يسير في الاتجاه الصحيح، إلا أنه «لم يُترجم بالسرعة الكافية إلى الاقتصادات المحلية»، لافتة إلى أن الديمقراطيون «روّجوا لبرنامج مكافحة الفقر، وهذا ليس ما يُريد الشعب الأمريكي سماعه». في الوقت نفسه، انجذب الناخبون إلى رسالة طموحة ظاهريًا من الرئيس «ترامب» خلال انتخابات عام 2024. لكنه في نهاية المطاف «باع سلعة زائفة أدت إلى التضخم وتعرّض لانتقادات بسبب زياداته الجمركية الواسعة»، مشيرة إلى أن «لا أحد من الطرفين يقدم حلًا مناسبًا».
اقتصاد تحت الانتقاد
يعكس استطلاع «فوتو لاتينو» نتائج استطلاعات الرأي والمشاعر الأخرى التي أجريت أخيرًا، والتي تُظهر «استياءً عامًا» من تعامل إدارة ترامب مع «القضايا الاقتصادية». حيث أظهر استطلاع رأي أجرته وكالة «أسوشيتد برس» ومركز «نورك» لأبحاث الشؤون العامة هذا الأسبوع أن (31%) من البالغين الأمريكيين راضون عن أداء ترامب في إدارة الاقتصاد. وقد انخفضت هذه النسبة من (40%) في مارس الماضي.
ونقلت «ذا هيل» عن كومار، أن الوقت قد حان الآن للديمقراطيين لتعلم الدروس من انتخابات عام 2024 وتقديم «خطة من (3) إلى (5) نقاط تتضمن ما يتبنونه»، والتركيز على التصنيع ورعاية الأطفال وغيرها من القضايا التي تهم الناخبين، قائلة: «إنها فرصة هائلة لوضع أجندة اقتصادية مزدهرة. لقد حان الوقت للتفكير بشكل كبير وتقديم شيء ما لهؤلاء الناخبين».
وأشارت ماريا تيريزا كومار، إلى الحملات الانتخابية الناجحة لمنصب حاكم ولاية فرجينيا التي قامت بها «أبيجيل سبانبرجر»، و«ميكي شيريل» في ولاية نيوجيرسي، بالإضافة إلى فوز «زهران ممداني» في انتخابات رئاسة بلدية مدينة نيويورك، مُضيفة أن السياسيين الثلاثة قاموا «بعمل جيد» في التحدث إلى الناخبين حول القضايا الاقتصادية، والتقوا بالناخبين حيثما كانوا.
مشهد سياسي جديد
في المحصلة، تعكس نتائج الاستطلاع حالة من التململ الواسع بين «الناخبين الأمريكيين»، حيث لم تعد الثقة في الحزبين الرئيسيين مضمونة كما في السابق، في ظل أزمات اقتصادية ومعيشية مُتفاقمة. هذا المشهد يُنذر بتحوّلات مُحتملة في المزاج السياسي العام، ويطرح تساؤلات جدّية حول قدرة الأحزاب التقليدية على استعادة ثقة الشارع الأمريكي أو فتح الباب أمام بدائل سياسية جديدة في المرحلة المُقبلة.