الأمم المتحدة تعيد النظر في استراتيجيتها الخاصة باللاجئين وسط تحديات كثيرة
من المقرر أن تبدأ الأمم المتحدة اعتبارًا من يوم الاثنين في جنيف اجتماعات هامة لإعادة تقييم استراتيجياتها المتعلقة باللاجئين، وذلك في ظل تصاعد النزاعات المسلحة وتسييس قوانين اللجوء وتقليص المساعدات الدولية. الاجتماع، الذي يستمر حتى الأربعاء المقبل، سيجمع ممثلين عن الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص والأكاديميين لمناقشة الإنجازات التي تم تحقيقها خلال السنوات الأخيرة، بالإضافة إلى طرح حلول جديدة لمواجهة التحديات المستمرة التي تواجه اللاجئين في العالم.
ارتفاع أعداد اللاجئين والنازحين قسراً في 2025
في ظل الأزمة المستمرة، شهدت أعداد اللاجئين والنازحين داخليًا زيادة ملحوظة في السنوات الأخيرة. حيث قُدّر عدد الأشخاص الذين أُجبروا على الفرار من الاضطهاد والنزاعات والعنف والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بحلول عام 2025 نحو 117.3 مليون شخص. وقد تضاعف هذا العدد بشكل ملحوظ في العقد الأخير، ما يعكس زيادة حادة في النزاعات حول العالم.
أزمة تمويل حادة للمفوضية السامية
تواجه المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أزمة تمويل حادة، خصوصًا في ظل تراجع الدعم المالي من الدول المانحة الكبرى. منذ عودة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، تم تقليص المساعدات التي كانت تقدمها الولايات المتحدة، والتي كانت تمثل أكثر من 40% من ميزانية المفوضية. هذا التراجع في التمويل، بالإضافة إلى القيود المفروضة على الميزانيات في دول مانحة رئيسة أخرى، دفع المفوضية إلى تقليص حجم عملياتها بشكل كبير، حيث تم الاستغناء عن نحو 5000 موظف من قبل المنظمة منذ بداية العام الحالي.
الهدف من المنتدى العالمي للاجئين
يهدف المنتدى العالمي للاجئين إلى تقديم حلول مبتكرة للتحديات الحالية، والتأكيد على أن الوقت ليس للتراجع، بل لتعزيز الشراكات بين مختلف الأطراف المعنية. وقد أكد نيكولاس براس، رئيس قسم الميثاق العالمي للاجئين في المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، أن هذه الشراكات تهدف إلى إرسال رسالة قوية للاجئين والدول المضيفة بأنهم ليسوا وحدهم في هذه الأزمة.
التحقيق في التقدم المحرز خلال السنوات الأخيرة
فيما يتعلق بالتقدم المحرز، أشارت مفوضية اللاجئين إلى أن العديد من الدول قد أحرزت تقدمًا في تحسين قوانين اللجوء وتقاسم المسؤوليات. فعلى سبيل المثال، اعتمدت عشر دول قوانين جديدة تسمح للاجئين بالعمل منذ عام 2019، ما مكن أكثر من نصف مليون شخص من الاستفادة. كما تمكنت العديد من البلدان من تعزيز أنظمة اللجوء لديها، مثل تشاد التي اعتمدت أول قانون لجوء في تاريخها.
ومع ذلك، يعترف المسؤولون في المفوضية بأن الحلول الحالية لا تزال بعيدة عن تلبية الاحتياجات العالمية، في وقت لا يزال فيه التمويل المقدم من الدول المانحة لا يلبي الحد الأدنى من متطلبات هذه الأزمة الإنسانية المستمرة.
دور اللاجئين في دفع عجلة الحلول طويلة الأمد
يناقش المنتدى عدة محاور رئيسية خلال اجتماعاته، من بينها التمويل المبتكر للإغاثة، والإدماج الاجتماعي للاجئين في مجتمعاتهم المضيفة، وتوفير سبل آمنة للاجئين إلى البلدان الثالثة. كما ستشمل المناقشات تحويل مخيمات اللاجئين إلى مستوطنات إنسانية طويلة الأمد، وهو حل يهدف إلى توفير بيئة مستدامة وآمنة للاجئين، وليس مجرد حلول مؤقتة في المخيمات.
تتناول الاجتماعات أيضًا سبل تحسين التعاون بين الدول المختلفة لتوزيع العبء بشكل أكثر عدلاً، حيث تشير التقارير إلى أن الدول التي تستضيف أكبر عدد من اللاجئين في العالم هي تلك التي تملك أقل من 30% من ثروة العالم، ما يضيف عبئًا إضافيًا على هذه الدول. ورغم ذلك، تواصل هذه الدول تقديم الدعم للاجئين، بما في ذلك بلدان مثل تركيا ولبنان، اللتين تستضيفان أعدادًا ضخمة من اللاجئين السوريين.
التحديات المستمرة في مجالات حقوق الإنسان والأزمات الكبرى
تتواصل التحديات في مناطق مثل سوريا والسودان وأزمة لاجئي الروهينغيا، وهو ما سيُناقش في الأنشطة الجانبية التي سيتم تنظيمها على هامش المنتدى. حيث سيتم استعراض الوضع الإنساني في هذه المناطق التي تشهد نزاعات دموية وأزمات إنسانية مستمرة، مما يجعل الحلول السياسية والدبلوماسية أمرًا بالغ الأهمية.
التوجهات المستقبلية: حلول طويلة الأمد لللاجئين
تسعى الأمم المتحدة من خلال هذا الاجتماع إلى إيجاد حلول دائمة للمشاكل التي يواجهها اللاجئون، بما في ذلك توفير الدعم المستدام للدول المضيفة، وتعزيز التوزيع العادل للمسؤوليات على مستوى عالمي. إضافة إلى ذلك، سيتم طرح آليات جديدة لتحسين دعم اللاجئين في البلدان التي تشهد أزمات شديدة، مثل السودان وسوريا.
في هذا السياق، يعتبر الاجتماع بداية جديدة لتوجيه الاهتمام العالمي نحو قضايا اللاجئين، وتعزيز التعاون بين الدول والمنظمات الإنسانية لضمان تقديم الدعم الكافي في مواجهة الأزمة الإنسانية المتزايدة.
تعيين رئيس جديد للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين
فيما يخص قيادة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أعلن مؤخرًا عن تعيين الرئيس العراقي السابق برهم صالح رئيسًا جديدًا للمفوضية. من المقرر أن يبدأ صالح مهامه في يناير 2026، خلفًا للمفوض السابق فيليبو غراندي الذي أمضى عشر سنوات على رأس المفوضية.
هذا التغيير في القيادة قد يساهم في إحداث تحول إيجابي في كيفية التعامل مع أزمة اللاجئين على الصعيدين الإنساني والسياسي، مما قد يؤدي إلى تبني حلول أكثر فاعلية لاستدامة برامج المساعدة والإغاثة الدولية.
خاتمة
بينما يواجه العالم أزمة اللاجئين والنازحين القسريين بشكل غير مسبوق، تظل الجهود الدولية المستمرة في إيجاد حلول مبتكرة واستدامة التمويل والموارد الإنسانية أمرًا بالغ الأهمية. من خلال تعزيز الشراكات الدولية والتعاون بين مختلف الأطراف المعنية، يمكننا أن نضع أسسًا قوية لمستقبل أكثر أمانًا واستقرارًا للاجئين.