مظاهرات واسعة في السودان دعمًا للجيش وتنديدًا بالدعم السريع
شهدت عدة مدن وبلدات سودانية، اليوم السبت، مظاهرات حاشدة شارك فيها آلاف المواطنين، دعمًا للقوات المسلحة السودانية، وتنديدًا بما وصفوه بالانتهاكات والجرائم التي ترتكبها مليشيات قوات الدعم السريع بحق المدنيين، في ظل استمرار الحرب الدائرة في البلاد منذ أكثر من عام ونصف.
وجاءت هذه التحركات الشعبية استجابة لدعوات أطلقتها جهات رسمية سودانية، حيث خرجت مسيرات جماهيرية في عدد من المناطق، من بينها مدينة أم درمان، غربي العاصمة السودانية الخرطوم، إلى جانب مدن حلفا، ودنقلا، والدبة في شمال السودان.
كما امتدت المظاهرات إلى شرق البلاد، وشملت مدن كسلا، والقضارف، والشوك، والفاو، إضافة إلى مدن سنار، وسنجة، وقيسان في جنوب شرق السودان، بحسب ما أفاد به مراسل وكالة الأناضول.
وفي وسط البلاد، خرجت مظاهرات مماثلة في مدن ود مدني، والحاج عبد الله، والمناقل، إلى جانب معظم بلدات وقرى ولاية الجزيرة، حيث عبّر المشاركون عن دعمهم للجيش السوداني، ورفضهم لما قالوا إنها انتهاكات جسيمة ترتكبها قوات الدعم السريع بحق السكان المدنيين.

وردد المتظاهرون هتافات وشعارات مؤيدة للقوات المسلحة السودانية، من بينها: «جيش واحد.. شعب واحد»، و«كلنا جيش.. كلنا جيش»، في إشارة إلى وحدة الصف الوطني خلف الجيش. كما ردد المحتجون شعار «كل القوة.. الفاشر جوا»، في دعوة صريحة لتقدم الجيش السوداني نحو مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، والعمل على استعادتها من سيطرة قوات الدعم السريع.
وتأتي هذه المطالبات الشعبية في أعقاب سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر في 26 أكتوبر الماضي، عقب حصار استمر لأكثر من 500 يوم، وهي السيطرة التي رافقتها، بحسب منظمات محلية ودولية، ارتكاب مجازر وانتهاكات واسعة بحق المدنيين، شملت القتل والنهب والتشريد القسري.
وبحسب معطيات ميدانية، تسيطر قوات الدعم السريع حاليًا على خمس ولايات في إقليم دارفور غرب السودان، في حين لا تزال أجزاء من ولاية شمال دارفور، بما فيها بعض المناطق المحيطة بمدينة الفاشر، تحت سيطرة الجيش السوداني. في المقابل، يفرض الجيش السوداني نفوذه على معظم الولايات الأخرى، وعددها 13 ولاية، من بينها العاصمة الخرطوم، رغم استمرار الاشتباكات في بعض المناطق.
وتعكس هذه المظاهرات حجم الاحتقان الشعبي وتزايد الاستقطاب داخل الشارع السوداني، في ظل الحرب المستمرة بين الجيش السوداني ومليشيات الدعم السريع، والتي اندلعت في أبريل 2023 على خلفية خلافات حادة بشأن عملية دمج وتوحيد المؤسسة العسكرية، ضمن مسار الانتقال السياسي في البلاد.
وأدت الحرب إلى تفاقم غير مسبوق في الأوضاع الإنسانية، حيث أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص، وتشريد ما يقرب من 13 مليون سوداني داخل البلاد وخارجها، وفق تقديرات منظمات دولية. كما تسببت في انهيار واسع للبنية التحتية والخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة والتعليم والمياه، وسط تحذيرات أممية متكررة من كارثة إنسانية شاملة.
ويرى مراقبون أن خروج هذه التظاهرات في هذا التوقيت يعكس تنامي الدعم الشعبي للجيش السوداني في بعض المناطق، مقابل تصاعد الغضب الشعبي تجاه قوات الدعم السريع، في ظل استمرار الانتهاكات، واتساع رقعة النزوح، وتدهور الأوضاع المعيشية.
وتبقى الأوضاع في السودان مرشحة لمزيد من التعقيد، في ظل غياب أفق سياسي واضح لإنهاء الصراع، وتعثر الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى التوصل لوقف دائم لإطلاق النار، وإطلاق مسار سياسي شامل يضع حدًا للحرب المستمرة.