توتر سياسي في بيروت.. حزب الله يرفض “التنازلات” وعون يؤكد خيار المفاوضات
شهد المشهد السياسي اللبناني، تباينًا واضحًا في المواقف بين حزب الله والحكومة اللبنانية بشأن إدارة الصراع مع إسرائيل، في ظل توتر تشهده الحدود الجنوبية وتخوف من انزلاق الأوضاع إلى مواجهة واسعة.
فقد شدّد نائب الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، على أن أي مسار يتقاطع مع المصالح الإسرائيلية سينعكس سلبًا على لبنان ككل، محذرًا من أنّ “التماهي مع إسرائيل سيعني فقدان السفينة التي تقلّ الجميع، وعندها سيغرق الجميع”.
وأكد قاسم أن الحزب يتعاون مع الدولة اللبنانية، لكنه شدد في الوقت ذاته على أن “لا علاقة للولايات المتحدة وإسرائيل بشؤون لبنان الداخلية”، في إشارة إلى رفض أي تأثير خارجي على القرار السياسي المحلي.
وفي معرض انتقاداته للحكومة، اتهم قاسم الدولة بأنها قدمت “تنازلاً مجانياً”، معتبراً أن “كل خطوة تقوم بها ستكون خدمة لإسرائيل”، مشيرًا إلى ما أسماه “سقطة 5 آب”.
كما دعا الحكومة إلى إظهار “بطولاتها في إيقاف العدوان وتحرير الأسرى والمباشرة في الإعمار”، مؤكدًا في الوقت نفسه أن الاعتداءات الإسرائيلية ليست مرتبطة بسلاح الحزب، بل تهدف إلى “التأسيس لاحتلال تدريجي”.
وفي لهجة لا تخلو من التصعيد، قال قاسم إن الأمريكيين والإسرائيليين يريدون “إلغاء وجودنا”، مشددًا على أن الحزب سيدافع عن نفسه وعن لبنان، ولن يستسلم أو يتراجع، معتبرًا أن الاختلاف السياسي الداخلي أمر طبيعي شرط تنظيمه وفق الدستور والقوانين.
في المقابل، جاء موقف الحكومة أكثر ميلاً إلى الدبلوماسية، حيث أكد الرئيس اللبناني، جوزيف عون، أن لبنان اختار “خيار المفاوضات لتجنيبه جولة عنف إضافية”.
وخلال لقائه وفداً من أعضاء مجلس الأمن الدولي، شدد عون على قناعة لبنان بأن الحروب لا تحقق نتائج إيجابية وأن التفاوض وحده قادر على إنتاج حلول.
عون أوضح أن المفاوضات الجارية ضمن لجنة “الميكانيزم” ليست لإرضاء المجتمع الدولي، بل لأنها تصب في مصلحة لبنان، مشيرًا إلى أن الهدف الأساسي لهذه المباحثات هو “وقف الأعمال العدائية، واستعادة الأسرى، وبرمجة الانسحاب من المناطق المحتلة، وتصحيح النقاط المختلف عليها عند الخط الأزرق”.
لكنه في الوقت ذاته ربط نجاح هذا المسار بموقف إسرائيل، الذي يحدد إمكانية الوصول إلى نتائج عملية.
وبين خطاب يتوجس من المسار الدبلوماسي وآخر يراهن عليه، يبقى لبنان عند مفترق حساس، وسط حالة انقسام سياسي داخلي ومحاذير أمنية خارجية، في انتظار ما ستسفر عنه الجولات المقبلة من التطورات.