الإمارات تعزز ريادة دبلوماسية السلام عبر مبادرات عالمية متصاعدة
تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة ترسيخ حضورها الدولي كأحد أبرز الداعمين لمسارات السلام والاستقرار في العالم، عبر مبادرات تاريخية ومواقف دبلوماسية راسخة جعلت منها محوراً مهماً في ملفات حل النزاعات، وفاعلاً رئيسياً في الجهود الإنسانية والتنموية بالقارات المختلفة، وخاصة أفريقيا.
وتأتي هذه الجهود في ظل سياسة خارجية ترتكز على الحوار وبناء الجسور وتعزيز الاستقرار الإقليمي، وهي رؤية عززها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، الذي جعل من نشر السلام والتعايش والعمل الإنساني ركائز ثابتة في علاقات بلاده الدولية.

دعوة أمريكية تقديراً للدور الإماراتي
في اعتراف دولي متجدد بهذا الدور، وجّه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دعوة رسمية لدولة الإمارات للمشاركة في الاجتماع الرفيع المستوى الذي استضافته العاصمة واشنطن، وجمع قيادتي جمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية رواندا لاستكمال توقيع اتفاق السلام بين البلدين، في خطوة تهدف لإنهاء واحد من أطول النزاعات في القارة الأفريقية.
وشهد الاجتماع توقيع اتفاق السلام بحضور الرئيس الأمريكي، والرئيس الرواندي بول كاغامي، ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسيكيدي، في حدث اعتُبر محطة محورية لبدء مرحلة جديدة من الاستقرار بعد سنوات طويلة من العنف والصراع.
ومثّل دولة الإمارات في الاجتماع الشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان، وزير دولة إماراتي، الذي حضر التوقيع بعد نحو شهر من مشاركته في “مؤتمر دعم السلام والازدهار في منطقة البحيرات العظمى” بالعاصمة الفرنسية باريس.
10 ملايين دولار لدعم الاستجابة الإنسانية في الكونغو
وخلال مؤتمر باريس، أعلنت دولة الإمارات – بتوجيهات من الشيخ محمد بن زايد – تقديم 10 ملايين دولار لدعم الجهود الإنسانية المشتركة الهادفة إلى مساعدة المتضررين في شرق الكونغو الديمقراطية والدول المجاورة، بالتعاون مع الأمم المتحدة وشركاء دوليين.
ويُعد هذا الدعم امتداداً لسياسة إماراتية ثابتة تُعلي من شأن العمل الإنساني، وتضع مساعدة الشعوب المتضررة في صدارة أولوياتها، خصوصاً في المناطق التي تشهد نزاعات ممتدة أو أوضاعاً إنسانية معقدة.

رسائل واضحة من الإمارات: الحوار طريق الاستقرار
وخلال كلمته في اجتماع واشنطن، شدد الشيخ شخبوط بن نهيان على أن مسار السلام بين الكونغو الديمقراطية ورواندا يؤكد قناعة إماراتية راسخة بأن الحوار هو السبيل الأمثل لتحقيق الأمن والتنمية المستدامة.
وأكد الوزير الإماراتي حرص بلاده على العمل مع الشركاء الدوليين لضمان تنفيذ اتفاق السلام، بما يضع حداً للتوترات المتصاعدة، ويعزز فرص التنمية والاستقرار في منطقة البحيرات العظمى.
كما أشاد بالتقدم الذي أحرزه الطرفان خلال الأشهر الماضية، معتبراً أن المرحلة الحالية تمثل فرصة تاريخية ينبغي تثبيتها من خلال آليات متابعة فعّالة ومعايير واضحة، خصوصاً في ظل التحديات الإنسانية الكبيرة التي تواجه المناطق المتضررة.
دور إماراتي يتعاظم في أفريقيا
يأتي هذا التحرك ضمن مسار متواصل من الجهود الإماراتية الداعمة للاستقرار بالقارة الأفريقية. فالإمارات كانت طرفاً مهماً في دعم اتفاق السلام بين إثيوبيا وإريتريا عام 2018، والذي أنهى عقدين من العداء بين البلدين.

ووفق تقارير دولية، لعب الشيخ محمد بن زايد دوراً محورياً في جمع رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد ورئيس إريتريا أسياس أفورقي في قمة تاريخية بأبوظبي، أسست لإنهاء أطول نزاع في القارة، وأعادت العلاقات الدبلوماسية بعد سنوات طويلة من المواجهات.
كما تواصل الإمارات جهودها الدبلوماسية لحل الأزمة في السودان، ضمن إطار الرباعية الدولية (الإمارات، السعودية، مصر، الولايات المتحدة)، بهدف دفع الأطراف السودانية نحو حل سياسي شامل يحقق الأمن والاستقرار.

مبادرات سلام تتجاوز الحدود الإقليمية
لا تقتصر جهود الإمارات على أفريقيا فقط، بل تمتد لتشمل ملفات إقليمية ودولية حساسة، من بينها:
إنهاء التوتر بين الهند وباكستان
المساهمة في خفض التصعيد بين إسرائيل وإيران
دعم الاستقرار في قطاع غزة عبر مسارات سياسية وإنسانية
وفي هذا السياق، لعبت الإمارات دوراً مهماً في وقف إطلاق النار في غزة عبر اتفاق هدنة شاملة رعته الولايات المتحدة في أكتوبر الماضي، وذلك ضمن خطة قدمها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وحظيت بدعم مباشر من الشيخ محمد بن زايد.
وأشاد ترامب بالدور الإماراتي، واصفاً رئيس دولة الإمارات بأنه "قائد عظيم بذل جهداً هائلاً لتحقيق السلام".

السلام بين أذربيجان وأرمينيا
كما كان للإمارات إسهام بارز في التقريب بين أذربيجان وأرمينيا، حيث استضافت أبوظبي في يوليو الماضي قمة جمعت رئيس أذربيجان إلهام علييف ورئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان، ما مهّد لاتفاق سلام تاريخي رعته الولايات المتحدة في أغسطس، وأنهى أربعة عقود من الخلاف بين البلدين.
وساطات إنسانية في الأزمة الأوكرانية
وفي ملف الحرب الأوكرانية، لعبت الإمارات دوراً إنسانياً بالغ الأهمية عبر 17 وساطة لتبادل الأسرى منذ 2024، كان آخرها في أغسطس الماضي، وشملت إطلاق 4592 أسيراً من الجانبين، في إنجاز غير مسبوق يعكس الثقة الكبيرة التي تحظى بها دولة الإمارات لدى أطراف الصراع.
اتفاق السلام الإماراتي - الإسرائيلي
وتُعد الإمارات أيضاً صاحبة واحدة من أهم المبادرات الشرق أوسطية في العقد الأخير، عبر توقيع اتفاق السلام مع إسرائيل في 15 سبتمبر 2020.
وقد وظفت الإمارات هذا الاتفاق لوقف خطط ضم الأراضي الفلسطينية، ولبناء مسارات تعاون أسهمت في إدخال مساعدات إنسانية لغزة برّاً وبحراً وجواً، لتصبح الإمارات أكبر مانح للمساعدات في القطاع.
وثيقة الأخوة الإنسانية
ومن أبرز المبادرات الرائدة التي رسخت مكانة الإمارات عالمياً، رعاية أبوظبي لتوقيع وثيقة الأخوة الإنسانية عام 2019، التي وقعها بابا الفاتيكان الراحل البابا فرنسيس، وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر.
وأصبحت الوثيقة لاحقاً أساساً لليوم العالمي للأخوة الإنسانية، الذي تحتفل به الأمم المتحدة سنوياً.
رؤية إماراتية واحدة: السلام أساس التنمية
تواصل الإمارات اليوم العمل بصمت وفاعلية في العديد من الملفات الدولية، بينما تواجه محاولات تشويه من أطراف معادية، أبرزها جماعة الإخوان الإرهابية، التي دأبت على ترويج أكاذيب سرعان ما تتكشف أمام الحقائق والمواقف العملية.
فالدبلوماسية الإماراتية أثبتت أن العمل الهادئ وتوظيف العلاقات الدولية والالتزام بالقيم الإنسانية يمكن أن يكون له أثر كبير في نزع فتيل الأزمات وتحقيق الاستقرار.
وبذلك، تتحول الإمارات إلى نموذج عالمي للدول التي تجمع بين القوة الدبلوماسية والإنسانية، وتضع السلام والتعايش في قلب سياستها الخارجية، بما يعود بالنفع على شعوب المنطقة والعالم.