محضر الفيدرالي يكشف انقساماً حول قرار خفض الفائدة
كشف محضر اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة التابعة لبنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي عن انقسام واضح بين صناع السياسة النقدية بشأن مستقبل أسعار الفائدة، وخاصة قرار ديسمبر المقبل، في وقت تشير فيه التوقعات إلى ترجيح الإبقاء على الفائدة دون تغيير حتى نهاية عام 2025.
وأظهر المحضر، الصادر من العاصمة الأميركية واشنطن، أن عدداً كبيراً من أعضاء اللجنة رأوا أن تثبيت أسعار الفائدة هو الخيار الأنسب في المرحلة الحالية، مستندين إلى تقييمات اقتصادية تشير إلى أن التضخم لا يزال يمثل تحدياً، بينما يواصل سوق العمل الأميركي إظهار إشارات متباينة بين القوة والتباطؤ.
وأشار المحضر إلى أن "العديد من" مسؤولي السياسة النقدية في الولايات المتحدة عارضوا خفض الفائدة خلال اجتماع أكتوبر، معتبرين أن الظروف الحالية لا تمنح البنك المركزي الأميركي مجالاً كافياً للمضي في دورة التيسير النقدي. ومع ذلك، رأى بعض الأعضاء أن خفضاً جديداً في ديسمبر "قد يكون ملائماً" في حال جاءت البيانات الاقتصادية القادمة متوافقة مع توقعاتهم.

أعاد المحضر التأكيد على أن اللجنة لم تحسم اتجاهها بشأن قرار الفائدة في ديسمبر، وسط جدل داخل أعضاء الاحتياطي الفيدرالي الأميركي حول طبيعة المخاطر التي تهدد الاقتصاد الأميركي حالياً: هل يأتي الخطر الأكبر من التضخم الذي لا يزال فوق المستهدف؟ أم من ارتفاع محتمل في معدلات البطالة إذا شُددت السياسة النقدية أكثر من اللازم؟
وكان الاجتماع الأخير قد انتهى بخفض الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، وهو الخفض الثاني على التوالي، رغم اعتراض عضوين بارزين. فقد صوّت ستيفن ميران، المعيّن من قبل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، لصالح خفض أكبر بمقدار نصف نقطة، بينما فضّل جيف شمد، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في مدينة كانساس الأميركية، الإبقاء على الفائدة دون تغيير.
وخلال المؤتمر الصحفي الذي تلا الاجتماع، أطلق رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول تصريحات أربكت الأسواق حين أكد أن خفض الفائدة في ديسمبر "غير محسوم إطلاقاً".
هذه التصريحات دفعت المستثمرين إلى تعديل توقعاتهم، ليتراجع احتمال خفض الفائدة في ديسمبر إلى حوالي 30% فقط وفق بيانات العقود الآجلة لسعر فائدة التمويل الأميركي.
على الرغم من تباين المواقف المتعلقة بالفائدة، أظهر المحضر توافقاً لافتاً بين الأعضاء حول ملف الميزانية العمومية، إذ رأى "جميع المشاركين تقريباً" ضرورة إيقاف عملية تقليص حيازات الاحتياطي الفيدرالي الأميركي من الأوراق المالية في الأول من ديسمبر. ويأتي ذلك بعد عامين من بدء تقليص الميزانية العمومية في منتصف 2022.
وأبدى بعض المتعاملين في الأسواق مخاوف من أن الانتظار لفترة أطول قبل إيقاف عملية التقليص قد يضغط على مستويات السيولة، ما قد يؤدي إلى اضطرابات في معدلات التمويل لليلة واحدة داخل النظام المالي الأميركي، وهو ما حاولت لجنة السياسة النقدية تفاديه من خلال التعجيل بوقف التخفيضات.
اقتصاد تحت المراقبة
يواصل الاقتصاد الأميركي التحرك في مسار حذر بين تباطؤ النمو واستمرار الضغوط السعرية، الأمر الذي يجعل الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أكثر تحفظاً في اتخاذ خطوات سريعة نحو خفض الفائدة. كما تترقب الأسواق بيانات التضخم والتوظيف خلال الأسابيع المقبلة، والتي ستحدد بوضوح اتجاه اجتماع اللجنة في ديسمبر.