المغرب تدعم ميزانية صناعة الدفاع بـ10 مشاريع باستثمار 260 مليون دولار
في تجسيد لـ “التحول الكبير” في الاستراتيجية الدفاعية، رخصت المملكة المغربية خلال العام الجاري لعشرة مشاريع استثمارية ضخمة في قطاع الصناعات العسكرية والدفاعية.
المغرب يطلق العنان لصناعة الدفاع بعشرة مشاريع باستثمار 260 مليون دولار
وتتجاوز قيمة هذه الاستثمارات الجديدة 260 مليون دولار، ومن المتوقع أن تولد أكثر من 2500 منصب شغل مباشر، ما يؤكد العزم على بناء قاعدة صناعية وطنية قوية.
ويأتي هذا الحراك ضمن رؤية استراتيجية واضحة تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي للقوات المسلحة الملكية من العتاد والتكنولوجيا المتقدمة، مع تقليص الاعتماد على الخارج وتوجيه الفائض من الإنتاج نحو التصدير والأسواق الدولية.
و كشف الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإدارة الدفاع الوطني، عبد اللطيف لوديي، في عرض أمام البرلمان هذا الأسبوع، أن الهدف الأسمى هو بناء قاعدة صناعية دفاعية مؤهلة للابتكار والإنتاج والتصدير.
ولهذا الغرض، سيشهد قطاع الدفاع قفزة مالية لافتة؛ إذ ستبلغ ميزانية إدارة الدفاع الوطني لسنة 2026 نحو 73 مليار درهم (ما يعادل قرابة 7.8 مليار دولار أمريكي)، مسجلة زيادة سنوية بنسبة 4.8%.
ويشكل هذا المبلغ حوالي 4% من الناتج الداخلي الخام للمملكة. وسيُخصص مبلغ ضخم قدره 17.7 مليار درهم من هذه الميزانية حصرياً لتحديث عتاد القوات المسلحة ودعم المشاريع الصناعية الدفاعية الجديدة.
و لم يكتف المغرب بالاستثمار المباشر، بل عزز جاذبيته التشريعية لجذب المصنعين العالميين. ففي نوفمبر الماضي، صادقت الحكومة على مرسوم يمنح إعفاءً مؤقتاً من الضريبة على الشركات لقطاع الصناعات الدفاعية لمدة خمس سنوات، وهو إجراء شمل اليوم صناعة العتاد، الأسلحة، الذخيرة، وأنظمة الأمن والدفاع.
وكمحور لوجستي، تعمل المملكة على قدم وساق لتجهيز منطقتين صناعيتين مخصصتين بالكامل لقطاع الدفاع، ومن المتوقع افتتاحهما قبل نهاية عام 2026. ستوفر هذه المناطق امتيازات ضريبية وجمركية استثنائية وإجراءات إدارية مبسطة، بهدف تسريع وتيرة الاستثمار.
و بدأ المستثمرون العالميون في ترسيخ حضورهم القوي في المغرب. فقد وقعت شركة “إمبراير” البرازيلية، الرائدة عالمياً، اتفاقية مع الحكومة تتضمن ضخ استثمارات هائلة تقارب مليار دولار بحلول عام 2035، لتشمل الطيران المدني والعسكري وخدمات الصيانة والتكوين.
كما شهد شهر سبتمبر الماضي تدشين مصنع “تاتا أدفنسد سيستمز” الهندية في برشيد، والذي يمثل أول مشروع للشركة خارج الهند. سيقوم المصنع بإنتاج المركبات القتالية المدرعة “WhAP 8×8” للقوات المسلحة الملكية، مع تخصيص جزء للتصدير. ويطمح المشروع إلى دمج ما يصل إلى 50% من المكونات المحلية بشكل تدريجي عبر تطوير منظومة الموردين المغاربة.
بهذه الخطوات المدروسة والمتسارعة، يؤكد المغرب طموحه ليصبح مركزاً إقليمياً رائداً في صناعة الدفاع، معتمداً على نقل التكنولوجيا وبناء استقلالية تدريجية وفعالة في إنتاجه العسكري.

