الصحافة الفلسطينية بين نيران الاحتلال وبوادر تحرك أوروبي.. أصوات من الميدان ورسائل أمل من باريس
في الوقت الذي تتواصل فيه الانتهاكات الإسرائيلية بحق الصحفيين الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، تتعالى الأصوات المطالبة بحماية الرواية الفلسطينية، فيما تبرز إشارات أوروبية جديدة نحو مواقف أكثر اتزانًا في التعامل مع إسرائيل، كما عبّر عن ذلك الدكتور صلاح عبد العاطي، رئيس الهيئة الدولية لدعم الشعب الفلسطيني.
الصحفيون بين الاستهداف والطمس

قالت ولاء السلامين، من رام الله، إن ما تشهده الأراضي الفلسطينية من تغييرات كبيرة يتطلب تغطية مستمرة، مشيرة إلى أن «الانتهاكات الإسرائيلية بحق الصحفيين لا يمكن حصرها في نصف ساعة أو ساعة من البث».
وأكدت السلامين، أن ما يحدث على أرض الواقع يفوق الوصف، إذ يتعرض الصحفيون الفلسطينيون لعمليات قتل وتعذيب متعمد، في محاولة لطمس الرواية الفلسطينية ومنع نقل الحقيقة إلى العالم.
وأشارت إلى أن هذه الانتهاكات طالت كل ما يحيط بالحياة اليومية للفلسطينيين، من حرق المنازل والحواجز المنتشرة من الشمال إلى الجنوب، إلى السواتر الترابية والبوابات الحديدية التي تقطع أوصال المدن والقرى.
وأضافت أن ما يحدث اليوم في الضفة الغربية لم يشهد له مثيل منذ سنوات، مستشهدة باستشهاد الصحفية شيرين أبو عاقلة كنموذج لسياسة ممنهجة تستهدف الإعلاميين في الميدان.
وقالت: «العين التي تنقل الحقيقة كانت سببًا في تعذيبنا النفسي عند سماع أي خبر عن استشهاد زميل أو زميلة أثناء العمل الصحفي».
القدس: التحريض والمستوطنون يزيدان الخطر

من القدس المحتلة، تحدّثت دانا أبو شمسية، مؤكدة أن عمل الصحفي الفلسطيني في المدينة بات أكثر تعقيدًا بعد أحداث السابع من أكتوبر، إذ أصبحت القدس «مفتاح الحرب والسلام»، بحسب وصفها.
وأوضحت أبو شمسية أن التركيز الإسرائيلي السياسي والإعلامي بعد ذلك التاريخ انتقل نحو القدس، مع زيادة واضحة في أعداد المستوطنين الذين حصلوا على الضوء الأخضر من الحكومة لحمل السلاح والتجول بحرية في الشوارع، ما جعل من عمل الصحفيين هناك مهمة محفوفة بالمخاطر.
وأضافت: «في الضفة وغزة نواجه الجيش والشرطة، أما في القدس فنواجه المستوطنين بشكل مباشر، وهؤلاء أصبحوا أكثر عدوانية بعد تسليحهم». وأشارت إلى أن التحريض ضد الصحفيين بلغ حدّ نشر صورهم وأسمائهم على وسائل التواصل الاجتماعي من قبل مجموعات متطرفة، ما جعل ملاحقة كل صحفي فلسطيني أمرًا سهلاً.

وأكدت أن هذا التحريض الممنهج جعل من عمل الصحفي الفلسطيني في القدس تحديًا مضاعفًا، حيث يتعرض لخطر دائم من طرفي المعادلة: الجيش والمستوطنين، إلى جانب التشويه الإعلامي الذي يستهدف مصداقية الإعلام الفلسطيني.

الموقف الدولي: بارقة أمل فرنسية
في موازاة هذا الواقع القاتم، أشار الدكتور صلاح عبد العاطي، رئيس الهيئة الدولية لدعم الشعب الفلسطيني، إلى بروز ملامح تحول نسبي في الموقف الأوروبي، لاسيما بعد تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التي وصفها بأنها «بارقة أمل في وجه الانحياز الدولي لإسرائيل».
وأوضح عبد العاطي، أن فرنسا باتت تتبنى نهجًا أكثر وضوحًا في مطالبة إسرائيل بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، ووقف عرقلة دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، مشيرًا إلى أن زيارة الرئيس الفلسطيني إلى باريس جاءت لتأسيس لجنة فرنسية – فلسطينية مشتركة في أعقاب اعتراف فرنسا بدولة فلسطين.

وأضاف أن باريس تسعى مع شركائها الأوروبيين للعب دور فاعل في إعادة إعمار غزة ودعم السلطة الفلسطينية، بالتنسيق مع مصر وقطر وتركيا، في وقت ما تزال فيه الجهود الدولية متعثرة بفعل الموقف الإسرائيلي المتشدد.
ختام
بين الانتهاكات اليومية التي تطال الصحفيين الفلسطينيين في الميدان، والجهود السياسية والدبلوماسية التي تحاول كسر حالة الجمود الدولي، تبقى الحقيقة الفلسطينية مهددة بالحجب، لكنها مستمرة في الظهور عبر عدسات وإصرار من ينقلونها رغم الخطر. فبين صوت ولاء من رام الله، وصمود دانا في القدس، ومواقف عبد العاطي في المحافل الدولية، تتكامل الرواية الفلسطينية في وجه محاولات الطمس، وتبقى رسائل الأمل قائمة مهما اشتدّ الحصار.