الرباعية الدولية تدرس فرض الهدنة في السودان بالقوة
في ظل تفاقم الانتهاكات الإنسانية وتصاعد الأزمة في السودان، كشف دبلوماسي غربي عن توجه دول "الرباعية" التي تضم الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات نحو فرض مقترح الهدنة الإنسانية بالقوة، بالتعاون مع شركاء دوليين وإقليميين، بعد فشل جهود الوساطة وعدم التوصل إلى اتفاق بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. ويعكس هذا التوجه تعقيد المشهد السياسي والعسكري واستمرار الانتهاكات على نطاق واسع في البلاد.
وبحسب مصادر دبلوماسية، فإن الرباعية أعادت طرح المقترح الأصلي الذي تم تقديمه في واشنطن دون تعديل، رغم تلقيها رد الحكومة السودانية الرسمي عبر مجموعة العمل الموجودة في القاهرة، التي تتولى التنسيق بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأوضحت المصادر أن الرباعية علقت على رؤية الحكومة لكنها لم تتراجع عن مقترحها الأساسي، في حين قدمت الحكومة تصورًا تفصيليًا للهدنة مقسمًا إلى مرحلتين: الأولى تمتد لثلاثة أشهر، والثانية لتسعة أشهر، استنادًا إلى مداولات داخلية وقرارات مجلس الأمن والدفاع الأخير.
الخرطوم ترد على مقترح الهدنة والجيش يتمسك بموقفه وسط تحركات دبلوماسية مصرية
وأشار المصدر إلى أن مجموعة العمل بقيادة مستشار الرئيس الأميركي للشؤون الأفريقية، مسعد بولس، تلقت ملاحظات الحكومة السودانية في محاولة لتقريب وجهات النظر بين الأطراف، رغم استمرار الخلاف حول شروط وقف إطلاق النار وآليات تنفيذه.
وفي أول تعليق من الجيش السوداني على بيان الرباعية، قال الفريق أول ركن ياسر العطا، مساعد القائد العام وعضو مجلس السيادة، إن “رباعية الجيش” تتكون من الحروف الأربع في كلمة “بل بس”، في إشارة رمزية إلى تمسك المؤسسة العسكرية بموقفها الرافض للمبادرات التي تساوي بين الدولة وقوات الدعم السريع، والتي يعتبرها الجيش "مليشيا متمردة".
إقليميًا، تقود مصر جهودًا دبلوماسية مكثفة عبر وزير خارجيتها بدر عبد العاطي، الذي أجرى اتصالات مع عدد من الدول المعنية بالأزمة، من بينها الاتحاد الأوروبي وقطر وروسيا وتركيا. وتهدف هذه التحركات إلى تنسيق المواقف الإقليمية والدولية ودفع العملية السياسية نحو وقف إطلاق النار وضمان وصول المساعدات الإنسانية، وسط تزايد تعقيدات الوضع الميداني والسياسي داخل السودان.
السودان.. مليشيا الدعم تسيطر على مناجم الذهب في المثلث الحدودي
في تطور ميداني لافت ضمن النزاع الدائر في السودان، أفادت مصادر متطابقة وثلاثة معدّنين فرّوا من مناطق التعدين الأهلي في المثلث الحدودي بين السودان وليبيا ومصر، أن قوات الدعم السريع استولت بالقوة على جميع مناجم الذهب في المنطقة خلال شهر أكتوبر الماضي، وأجبرت العاملين فيها على المغادرة تحت تهديد السلاح.
مليشيا الدعم تفرض سيطرتها الكاملة على المثلث الحدودي
أكدت المصادر أن قوات الدعم السريع فرضت سيطرتها الكاملة على المثلث الحدودي منذ يونيو الماضي، عقب انسحاب الجيش السوداني وحلفائه إلى داخل الولاية الشمالية. وأوضح المعدّن محمد عيسى شرف الدين أن قوة مسلحة مكوّنة من ست سيارات، يرتدي أفرادها زيّ قوات الدعم السريع، قامت بتطويق مناطق التعدين من جميع الاتجاهات، وجمعت المعدّنين من الآبار والمساكن، وأمرت الجميع بمغادرة الموقع فورًا.
وأضاف أن القوة هددت بنقلهم إلى سجن دقريس في مدينة نيالا في حال رفضوا المغادرة، مشيرًا إلى أن قائد القوة منحهم مهلة أسبوع لمغادرة المنطقة عبر الحدود المصرية، وهو ما تم بالفعل، حيث عبروا إلى داخل مصر وتم تسليمهم لاحقًا إلى السلطات السودانية في مدينة وادي حلفا.
من جهته، كشف المعدّن إبراهيم هرون محمد أن قوات الدعم السريع استغلت جميع المناجم التي يزيد عددها عن 36 موقعًا للتعدين الأهلي، والتي كانت تنتج كميات كبيرة من الذهب. وأشار إلى أن هناك مواقع إضافية تم إخلاؤها من قبل المعدّنين نتيجة الخوف من الانتهاكات والاعتقال. وأوضح هرون أن أكثر من مئة معدّن اضطروا إلى الفرار نحو الحدود المصرية، تاركين خلفهم معداتهم وممتلكاتهم الشخصية، في ظل غياب أي ضمانات أمنية أو قانونية تحميهم من الملاحقة.