تونس تطلق حملة وطنية للترويج لمواقعها الأثرية وتنشيط السياحة الداخلية
أطلقت وزارة الثقافة التونسية حملة وطنية واسعة للترويج للمواقع الأثرية في مختلف أنحاء البلاد، في خطوة تهدف إلى تعزيز السياحة الداخلية وإحياء الوعي بقيمة التراث الوطني الغني الذي تمتلكه تونس.
وجاءت هذه المبادرة ضمن خطة حكومية شاملة تسعى إلى دمج الثقافة والسياحة كعنصرين متكاملين لدعم الاقتصاد الوطني، خاصة في ظل التحديات التي يواجهها القطاع السياحي بعد جائحة كورونا وتراجع حركة السياحة الأجنبية في بعض الفترات.
وذكرت نسرين رمضاني، مراسلة قناة القاهرة الإخبارية من تونس، أن وسائل الإعلام المحلية أولت اهتمامًا كبيرًا بالحملة الجديدة التي تُعد واحدة من أبرز المبادرات الثقافية هذا العام، مشيرة إلى أنها تهدف إلى إبراز القيمة التاريخية والجمالية للمواقع والمتاحف التونسية.
وتم إطلاق الحملة تحت شعار "اكتشف تراثك"، وشملت نشر صور ولوحات فنية ضخمة في المداخل الرئيسية للمدن التونسية وعلى الطرق المؤدية إلى المواقع السياحية والأثرية الأكثر شهرة، بما في ذلك المتاحف والمواقع المسجلة على قائمة التراث العالمي.

وأضافت رمضاني أن الحملة تركز على إظهار التنوع الحضاري الكبير الذي يميز تونس، من خلال إبراز آثار تعود إلى فترات مختلفة من التاريخ، مثل الحضارة القرطاجية والرومانية والعربية الإسلامية، والتي تركت بصمات عميقة في المعمار والفن والثقافة المحلية.
وتعمل المبادرة على تشجيع المواطنين التونسيين على اكتشاف كنوز بلادهم الأثرية عبر جولات منظمة وفعاليات ثقافية تهدف إلى رفع الوعي السياحي لدى الأجيال الشابة.
كما تسعى وزارة الثقافة التونسية، بالتعاون مع وزارتي السياحة والتعليم، إلى إدخال هذه المبادرة ضمن الأنشطة التربوية، لتشجيع المدارس والجامعات على تنظيم زيارات ميدانية إلى المتاحف والمواقع التاريخية، الأمر الذي يعزز الانتماء الوطني ويقوي الروابط الثقافية بين التونسيين وتاريخهم الممتد عبر العصور.
وشملت الحملة عددًا من أبرز المعالم التاريخية، من بينها متحف باردو الشهير الذي يُعد أحد أهم المتاحف في العالم لما يحتويه من لوحات فسيفسائية نادرة، والموقع الأثري بقرطاج الذي يعكس حقبة من أزهى فترات الحضارة المتوسطية، وموقع أوذنة التاريخي الذي يجمع بين العمارة الرومانية والإسلامية، إلى جانب متحف التاريخ الإسلامي بمدينة رقادة في محافظة القيروان وسط البلاد.
وأكدت مصادر بوزارة الثقافة أن هذه المبادرة ليست فقط حملة ترويجية، بل تمثل رؤية متكاملة تهدف إلى جعل التراث التونسي موردًا اقتصاديًا مستدامًا من خلال جذب الزوار المحليين وتطوير البنية التحتية المحيطة بالمواقع الأثرية. كما تتضمن الخطة مراحل لاحقة ستشمل الترويج الرقمي عبر المنصات الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي لاستقطاب جمهور أوسع من فئات المجتمع.
وبحسب خبراء في الشأن السياحي، فإن هذه الخطوة تمثل تحولًا إيجابيًا في الاستراتيجية الثقافية والسياحية لتونس، حيث تركز على الجمهور المحلي بوصفه شريكًا رئيسيًا في تنشيط الاقتصاد الثقافي، إلى جانب كونها وسيلة للحفاظ على الهوية الوطنية وتعزيز الوعي بأهمية التراث التاريخي للبلاد.