مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

كوريا الشمالية تحذر أمريكا وكوريا الجنوبية من “عواقب وخيمة”

نشر
الأمصار

تزايدت حدة التوتر في شبه الجزيرة الكورية مجدداً، بعدما أطلقت كوريا الشمالية سلسلة تهديدات شديدة اللهجة ضد الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، متوعدة باتخاذ إجراءات هجومية حازمة رداً على المناورات الجوية المشتركة بين البلدين، والتي وصفتها بيونج يانج بأنها "تدريب على غزو شامل" يستهدف إسقاط النظام الكوري الشمالي.

كوريا الشمالية تحذّر أمريكا وكوريا الجنوبية من «شفا حرب نووية» وحرب عالمية

وفي بيان رسمي نقلته وكالة الأنباء المركزية الكورية (KCNA)، قال وزير الدفاع الكوري الشمالي نو كوانج تشول إن بلاده "لن تقف مكتوفة الأيدي أمام التحركات العدائية المتكررة"، مشيراً إلى أن بيونج يانج سترد بقوة غير مسبوقة على أي عمل عسكري أو استخباراتي يهدد أمنها القومي.
وقال الوزير في تصريحه:"لقد أدركنا تماماً النوايا العدائية للولايات المتحدة وحلفائها، فهم لا يسعون إلى الحوار بل إلى فرض الهيمنة العسكرية على المنطقة. 

من الآن فصاعداً، سنعتبر كل خطوة تمس أمننا هدفاً مباشراً لجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، وسنتعامل معها دون تردد".

كوريا الشمالية تحتجز جنديا أمريكا بعد عبور الحدود من كوريا الجنوبية - BBC  News عربي

مناورات "راية الحرية" تثير غضب بيونج يانج

وجاءت تصريحات وزير الدفاع الكوري الشمالي على خلفية انطلاق مناورات جوية واسعة النطاق بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، تحت اسم "راية الحرية 2025"، والتي تعد من أكبر التدريبات العسكرية المشتركة هذا العام.
وتشارك في المناورات أكثر من 250 طائرة مقاتلة من بينها مقاتلات الشبح الأمريكية F-35A وطائرات F-15K الكورية وطائرات للتزود بالوقود والاستطلاع الإلكتروني، بالإضافة إلى وحدات من الدفاع الجوي والبحرية.

وتهدف هذه التدريبات، بحسب وزارة الدفاع الكورية الجنوبية، إلى تعزيز القدرة على الردع والجاهزية المشتركة في مواجهة "التهديدات الصاروخية والنووية المتنامية" من كوريا الشمالية.
لكن بيونج يانج ترى في ذلك عملاً استفزازياً يهدف إلى التحضير لهجوم وقائي، خاصة في ظل تزامن المناورات مع وصول حاملة الطائرات النووية الأمريكية "يو إس إس جورج واشنطن" إلى ميناء بوسان الكوري الجنوبي، برفقة مجموعة ضاربة من السفن الحربية والمدمرات المزودة بأنظمة "إيجيس" المتطورة.

ووصف الوزير الكوري الشمالي هذه التحركات بأنها "استعراض عدواني للقوة العسكرية"، مضيفاً أن بلاده سترد على أي "تحرك ميداني أو جوي غير محسوب العواقب". 

كما اتهم واشنطن بأنها "تسعى لتطويق كوريا الشمالية عسكرياً وإجبارها على التخلي عن برنامجها الدفاعي الاستراتيجي".

كوريا الشمالية تحذر أمريكا: مستحيل نزع السلاح النووي

تصعيد متبادل.. وإطلاق صاروخ باليستي

وفي تطور ميداني متزامن، أعلنت هيئة الأركان المشتركة في كوريا الجنوبية صباح السبت أن كوريا الشمالية أطلقت صاروخاً باليستياً قصير المدى باتجاه بحر الشرق (بحر اليابان).
وقالت الهيئة إن الصاروخ انطلق من منطقة سونان قرب العاصمة بيونج يانج وقطع مسافة تقارب 700 كيلومتر قبل أن يسقط في المياه خارج المنطقة الاقتصادية الخالصة لليابان، مشيرة إلى أن الجيشين الكوري الجنوبي والأمريكي يتابعان مسار الصاروخ بدقة لتحديد نوعه ومواصفاته.

من جانبها، أكدت قيادة المحيطين الهندي والهادئ الأمريكية (INDOPACOM) أن عملية الإطلاق لا تشكل تهديداً مباشراً للولايات المتحدة أو حلفائها، لكنها تعكس الطبيعة المزعزعة للاستقرار في تصرفات كوريا الشمالية.
وجاء في بيان القيادة:"نحن على علم بعملية الإطلاق الأخيرة من كوريا الشمالية ونتشاور بشكل وثيق مع شركائنا في كوريا الجنوبية واليابان. 

نؤكد مجدداً التزام الولايات المتحدة الصارم بالدفاع عن حلفائها في المنطقة باستخدام كامل قدراتها العسكرية التقليدية والنووية عند الضرورة".

ستدفع ثمناً باهظاً.. كوريا الشمالية تحذر 11 دولة

تحليل: عودة التصعيد إلى الواجهة

يرى مراقبون أن التصعيد الحالي يعيد إلى الأذهان أجواء التوتر الحاد التي شهدتها المنطقة عامي 2017 و2023، عندما تبادلت بيونج يانج وواشنطن التهديدات النووية بعد سلسلة من التجارب الصاروخية طويلة المدى.
ويؤكد المحللون أن اللغة الهجومية الجديدة في تصريحات وزير الدفاع الكوري الشمالي تشير إلى تغير في قواعد الردع التقليدية، وربما استعداد بيونج يانج لتنفيذ "ردود استباقية محدودة" في حال شعرت بأي تهديد مباشر.

وفي المقابل، يرى خبراء عسكريون في سيول أن التهديدات الكورية الشمالية تهدف إلى اختبار صلابة التحالف الأمريكي – الكوري الجنوبي، ومحاولة الضغط لإعادة فتح قنوات الحوار النووي المجمدة منذ فشل قمة هانوي بين كيم جونغ أون والرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في عام 2019.

شقيقة زعيم كوريا الشمالية تحذر من مناورات بين أمريكا واليابان وكوريا  الجنوبية

انعكاسات على الأمن الإقليمي

تثير هذه التطورات مخاوف متزايدة في المنطقة، خاصة في ظل سباق التسلح المتصاعد بين كوريا الشمالية من جهة، وكوريا الجنوبية واليابان من جهة أخرى. 

فبيونج يانج أجرت منذ بداية العام أكثر من عشر تجارب صاروخية، بينها إطلاق صاروخ تفوق سرعته سرعة الصوت، واختبار رؤوس حربية قادرة على المناورة في الغلاف الجوي، في حين تواصل سيول تطوير أنظمة دفاع صاروخي جديدة بمساعدة واشنطن.

ويحذر محللون من أن أي سوء تقدير عسكري أو حادث غير مقصود خلال المناورات الجارية قد يؤدي إلى اندلاع مواجهة مفتوحة في واحدة من أكثر مناطق العالم توتراً.
ورغم دعوات الأمم المتحدة والصين وروسيا إلى ضبط النفس واستئناف الحوار، فإن المؤشرات الميدانية والسياسية الحالية تشير إلى أن شبه الجزيرة الكورية تدخل مرحلة جديدة من التوتر المستمر، وسط غياب أي أفق دبلوماسي واضح في الأفق القريب.