مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

خارطة طريق الرباعية: أمل السودان الأخير لإنهاء الحرب

نشر
الأمصار

وسط استمرار النزاع الدموي في السودان، تظل الآمال معلقة على نجاح خارطة طريق دول الرباعية لحل الأزمة السودانية، بوصفها المسار الأكثر منطقية لإنهاء الحرب المستمرة منذ أبريل/نيسان 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. 

هذه الخارطة تمثل للمجتمع الدولي والإقليمي الخيار الأكثر واقعية لتجنب استمرار التصعيد العسكري، بعد أن أظهر الجميع لأول مرة شبه إجماع على رفض الحل العسكري والتركيز على التفاوض السياسي.

خارطة طريق الرباعية، التي تم الإعلان عن مخرجاتها في 12 سبتمبر/أيلول الماضي، تضم الإمارات والسعودية ومصر والولايات المتحدة، وقد حظيت جهود هذه المجموعة بدعم واسع من مؤسسات المجتمع الدولي والإقليمي، بالإضافة إلى ترحيب القوى المدنية والسياسية السودانية الرافضة لاستمرار الحرب.

تزايدت مؤخراً النداءات الدولية والإقليمية المطالبة بوقف الحرب، لا سيما بعد سقوط مدينة الفاشر بشمال دارفور وما رافقه من انتهاكات مروعة بحق المدنيين. 

هذه التطورات تضع الفرقاء السودانيين أمام مسؤولية وطنية وتاريخية تحتم عليهم الانتقال من منطق الصراع إلى أولوية المصلحة الوطنية العليا، وفق مراقبين سياسيين سودانيين.

ويؤكد السياسي السوداني المصباح أحمد محمد، رئيس دائرة الإعلام في حزب الأمة القومي، أن نجاح مسار الرباعية يعتمد على توفر إرادة سياسية صادقة لدى جميع الأطراف السودانية، وتوحيد كافة المبادرات الإقليمية والدولية تحت مظلة واحدة منسقة مع الرباعية، مع وجود آليات دولية فعّالة للمراقبة والمتابعة.

 وأضاف المصباح في أن مسار الرباعية يمثل منصة لتيسير الحل السوداني، لا وصاية خارجية، مشيراً إلى ضرورة تنسيق جهود الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية والمبادرة المدنية لتحالف "صمود" بقيادة الدكتور عبدالله حمدوك.

وأوضح المصباح أن الخطوات العملية العاجلة تشمل التوقيع على هدنة إنسانية فورية، تتيح وصول المساعدات للمتضررين، وتمهد الطريق لبناء الثقة بين الأطراف، وصولاً إلى مفاوضات جادة لوقف دائم لإطلاق النار، وإطلاق عملية سياسية مدنية عادلة تؤدي إلى مشروع وطني جامع يحقق تطلعات السودانيين في إنهاء الحروب والانقسامات، واستعادة الاستقرار، وتحقيق التحول المدني الديمقراطي، وبناء سودان موحد يقوم على المواطنة والعدالة والمساواة والسلام والديمقراطية.

تحديات كبيرة أمام الرباعية

ورغم الإجماع الدولي والإقليمي على مسار الرباعية، إلا أن الموقف الرافض من قبل الجيش السوداني وحلفائه يمثل أكبر تحدٍ يواجه تطبيق هذه الخارطة، إذ يعرقل استمرار رفض الجيش السوداني وحلفائه للتفاوض وإنهاء الحرب وفق المخرجات المقترحة. 

ويشير الكاتب الصحفي والمحلل السياسي عثمان فضل الله إلى أن سقوط الفاشر يمثل نقطة تحول خطيرة في مسار الحرب، إذ يضعف الوجود العسكري المنظم للجيش السوداني في دارفور ويعكس حالة ارتباك وانقسام داخل القيادة المركزية بقيادة قائد الجيش السوداني، الفريق عبدالفتاح البرهان.

ويضيف فضل الله أن استمرار رفض التفاوض سيحول سقوط الفاشر إلى بداية تفكك فعلي للسلطة المركزية، بينما يفرض الدعم السريع واقعاً جديداً على الأرض، ويزيد الضغوط الدولية للقبول بتسوية تنهي حرب أفقدت السودان وحدته وسيادته.

رؤية إماراتية واضحة لإنهاء الأزمة

في سياق الجهود الدبلوماسية، واصلت دولة الإمارات العربية المتحدة مساعيها لوقف التصعيد في السودان ودعم مسار الرباعية، خاصة بعد التطورات الأخيرة في الفاشر. وكشف السفير محمد أبو شهاب، المندوب الدائم لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة، خلال اجتماع مجلس الأمن الدولي عن خارطة دبلوماسية وإنسانية شاملة لإنهاء الأزمة، تشمل محورين رئيسيين: الأول متعلق بتطورات الفاشر، والثاني يختص بالأزمة السودانية عامة، بهدف الوصول إلى "سودان آمن لكل أفراد شعبه، من دون تطرف أو إرهاب أو عنف عرقي".

وأشار السفير أبو شهاب إلى أن الإمارات ستواصل دعم الجهود الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار، وإرساء السلام والاستقرار في السودان، مؤكداً أن الحل السياسي الشامل يجب أن يضمن وقفاً دائماً لإطلاق النار ويحدد مستقبل السودان من خلال إرادة شعبه، ضمن رؤية استراتيجية تهدف إلى استعادة الاستقرار والسيادة. كما شاركت الإمارات في اجتماع مجموعة الرباعية مع طرفي الصراع في واشنطن قبل أيام، ضمن جهودها المتواصلة منذ بداية الأزمة.

موقف القاهرة وتنسيق الجهود الدولية

وعلى صعيد متصل، أجرى وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي سلسلة اتصالات هاتفية مع كبار المسؤولين الدوليين، منهم مسعد بولس، كبير مستشاري الرئيس الأمريكي للشؤون العربية والشرق الأوسط، وتوم فليتشر، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ. 

وأوضحت وزارة الخارجية المصرية أن هذه الاتصالات جاءت لمتابعة التطورات الأمنية والميدانية والإنسانية في إقليم دارفور، خصوصاً في الفاشر التي شهدت تصعيداً عسكرياً واسعاً.

وشدد وزير الخارجية المصري على ضرورة الالتزام بتنفيذ بيان الرباعية الدولية الصادر في 12 سبتمبر/أيلول، مؤكداً أهمية التوصل إلى هدنة إنسانية فاعلة تمهد لوقف شامل ودائم لإطلاق النار، بما يمهد الطريق لعملية سياسية شاملة يقودها السودانيون أنفسهم.

يبقى مسار الرباعية الدولية للسلام في السودان، بمشاركة الإمارات والسعودية ومصر والولايات المتحدة، الأمل الأبرز لإنهاء الحرب، رغم التحديات العسكرية والسياسية القائمة. وتشير التحليلات إلى أن نجاح هذا المسار يعتمد على إرادة الأطراف السودانية، وتوحيد المبادرات الدولية والإقليمية، وتنفيذ خطوات عملية تبدأ بوقف إطلاق النار الإنساني، وصولاً إلى حوار سياسي شامل، يعيد للبلاد وحدتها وسيادتها واستقرارها، ويضمن مستقبلًا سلمياً ديمقراطياً لشعب السودان.