ملف الصحراء المغربية: مجلس الأمن يدعم الحكم الذاتي ودور أمريكي بارز
أثار قرار مجلس الأمن الدولي الأخير الداعم لخطة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية جدلاً واسعاً حول انعكاساته على مستقبل النزاع الإقليمي، والدور المرتقب للولايات المتحدة في المرحلة المقبلة.
ويُنظر إلى واشنطن باعتبارها اللاعب الرئيسي وراء تمرير القرار وصياغة مضمونه بما يتوافق مع رؤية المغرب للحل.
ويعد القرار انتصاراً دبلوماسياً كبيراً للمغرب، إذ يعكس دعماً قوياً لمبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها الملك محمد السادس منذ عام 2007. ويرى محللون أن هذا الموقف الأميركي يعزز من مكانة الرباط إقليمياً ويُرسخ مقاربة جديدة في شمال إفريقيا تعتمد على دعم الاستقرار وإعادة ترتيب التوازنات، في مواجهة تنامي نفوذ روسيا والصين في المنطقة.
منذ اعتراف إدارة الرئيس دونالد ترامب بسيادة المغرب على الصحراء المغربية عام 2020، تحوّل الموقف الأميركي من الحياد النسبي إلى دعم سياسي واضح، تم ترسيخه لاحقاً في قرارات مجلس الأمن المتتالية. وجاء أحدث هذه القرارات بموافقة مجلس الأمن، رغم غياب الجزائر عن التصويت وامتناع كل من روسيا والصين وباكستان عن التصويت، وهو ما يعكس طبيعة الدعم الأميركي المباشر للرباط.

وتنص خطة الحكم الذاتي على منح الصحراء سلطة تشريعية وتنفيذية وقضائية محلية، يتم انتخابها من قبل سكان الأقاليم الصحراوية، مع احتفاظ المغرب بالشؤون الدفاعية والخارجية والدينية. بينما تطالب جبهة البوليساريو بإجراء استفتاء يشمل خيار الاستقلال، وهو ما تعتبره واشنطن غير قابل للتطبيق في الوقت الحالي، مؤكدة أن الحكم الذاتي يمثل "الحل الواقعي الوحيد" لإنهاء النزاع دون الإضرار بالاستقرار الإقليمي، خاصة في ظل الوضع الأمني المتعقد في الساحل الإفريقي وتنامي تهديدات الإرهاب والهجرة غير الشرعية.
وجدد الرئيس الأميركي دعمه لسيادة المغرب على الصحراء في يوليو الماضي، فيما أوضح مبعوثه للشرق الأوسط ستيف ويتكوف أن الإدارة الأميركية تعمل على إنجاز اتفاق سلام بين المغرب والجزائر. وفي هذا السياق، قال كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والإفريقية، مسعد بولس: "عملنا مع الطرفين المغربي والجزائري للوصول إلى أكثر القرارات رضىً لهما، والملك المغربي مدّ اليد للجزائر والرئيس عبد المجيد تبون، وهذا أمر مهم جداً".
ويُعد هذا القرار دليلاً على دور الولايات المتحدة المحوري في إعادة ترتيب المشهد السياسي الإقليمي، وإحكام دعمها لمبادرة المغرب التي تعتبرها السبيل الأكثر واقعية لتحقيق الاستقرار في الصحراء المغربية وشمال إفريقيا.