الصحف العالمية تشيد بافتتاح المتحف المصري الكبير.. مصر تعود لصدارة الحضارة
حظي افتتاح المتحف المصري الكبير في جمهورية مصر العربية باهتمام واسع من كبرى الصحف ووسائل الإعلام العالمية، التي وصفت الحدث بأنه لحظة تاريخية تعيد لمصر مكانتها الريادية في المشهد الحضاري والثقافي العالمي.
وأكدت تلك الوسائل أن المشروع العملاق لا يمثل مجرد صرح ثقافي، بل يعبر عن رؤية مصرية طموحة لاستعادة دورها كقلب للتراث الإنساني ومهد للحضارة.
هذا الحدث الذي طال انتظاره على مدى أكثر من عقدين من العمل والتخطيط، جاء تتويجًا لجهود ضخمة بذلتها الحكومة المصرية، بقيادة رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، لإطلاق أكبر متحف في العالم مخصص لحضارة واحدة، وهو المتحف الذي يجاور أهرامات الجيزة، رمز المجد المصري القديم وأحد عجائب الدنيا السبع.
اهتمام عالمي استثنائي بالافتتاح
سلطت وسائل الإعلام العالمية الضوء على الافتتاح التاريخي، حيث تصدر الخبر الصفحات الأولى والتقارير التلفزيونية الكبرى في أوروبا وأمريكا وآسيا، وسط إشادة بالتصميم المعماري المدهش، وبالجهود المصرية للحفاظ على الإرث الحضاري وتقديمه للأجيال الحديثة في صورة عصرية.
الجارديان البريطانية: إنجاز بمليار دولار يحتفي بعظمة الحضارة المصرية
قالت صحيفة "الجارديان" البريطانية إن مصر أبهرت العالم مجددًا بافتتاح المتحف المصري الكبير، الذي وُصف بأنه "أكبر متحف في العالم مخصص لحضارة واحدة".
وأضافت أن هذا المشروع العملاق الذي بلغت تكلفته نحو مليار دولار أمريكي، يمثل تتويجًا لمسيرة طويلة من العمل بدأت منذ أوائل الألفية.
وأوضحت الجارديان أن المتحف يقع على بُعد ميل واحد فقط من أهرامات الجيزة، ويضم أكثر من 50 ألف قطعة أثرية نادرة، من بينها تمثال ضخم للملك رمسيس الثاني ومركب الشمس الخاص بالملك خوفو.
كما أضافت أن التصميم المعماري يقدم تجربة فريدة تجمع بين العرض الأثري والتعليم الثقافي، باستخدام أحدث تقنيات العرض مثل الواقع المختلط والوسائط التفاعلية.
وأكدت الصحيفة أن افتتاح المتحف يُعد استثمارًا استراتيجيًا في قطاع السياحة المصري، الذي يُعتبر أحد الأعمدة الرئيسية للاقتصاد، مشيرة إلى أن التقديرات الأولية تتحدث عن استقبال 15 إلى 20 ألف زائر يوميًا.
كما لفتت إلى ربط المنطقة بوسائل نقل حديثة، مثل مطار سفنكس الدولي وخطوط المترو الجديدة، ما يجعل الوصول إلى المتحف أكثر سهولة.
بي بي سي البريطانية: عرض كنز توت عنخ آمون الكامل لأول مرة
أما هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" فقد ركزت في تقريرها على أبرز عناصر الجذب في المتحف، وهي قاعات الملك توت عنخ آمون التي تُعرض لأول مرة كاملة منذ اكتشافها عام 1922 على يد عالم الآثار البريطاني هوارد كارتر.
وذكرت "بي بي سي" أن المتحف المصري الكبير يضم ما يقرب من 100 ألف قطعة أثرية، تغطي فترات تمتد لأكثر من سبعة آلاف عام من تاريخ مصر، من عصور ما قبل الأسرات وحتى العصرين اليوناني والروماني. وأشارت إلى أن هذه المجموعة النادرة تمثل مصدر فخر للمصريين، وفرصة فريدة للزوار لاكتشاف أعظم كنوز الحضارة القديمة.
ونقلت القناة عن عدد من علماء المصريات تأكيدهم أن العرض الكامل لمجموعة توت عنخ آمون يمثل إنجازًا علميًا وثقافيًا غير مسبوق، كما يعزز من جهود مصر في استعادة القطع الأثرية المهربة الموجودة في الخارج. وأكدت "بي بي سي" أن هذا المشروع يعكس قدرة المصريين على إدارة تراثهم بمستوى احترافي يضاهي المعايير الدولية.
شبكة CNN الأمريكية: صرح هندسي ومعماري عظيم
بدورها، قدمت شبكة CNN الأمريكية تغطية معمقة ركزت على الجوانب الهندسية والتصميمية للمتحف. وأوضحت أن التصميم الفريد للمتحف جاء من توقيع المكتب الأيرلندي Heneghan Peng Architects، الذي فاز بالمشروع بعد منافسة مع أكثر من 1550 شركة معمارية عالمية.
ووصفت الشبكة المتحف بأنه تحفة هندسية معاصرة تجمع بين الإلهام الفرعوني وروح الحداثة، حيث تتكون واجهته من زجاج مثلثي الشكل يحاكي أهرامات الجيزة، بينما يستقبل الزائرين تمثال الملك رمسيس الثاني في بهو ضخم مكون من ستة طوابق تؤدي إلى قاعات العرض الرئيسية.
كما تناولت تصريحات المهندسة رو هينيغان، إحدى المصممات الرئيسيات للمشروع، التي تحدثت عن التحديات التي واجهت فريق العمل أثناء نقل آلاف القطع الأثرية الحساسة، ومنها مخطوطات البردي والتوابيت والتماثيل المتحجرة، إلى موقع العرض بطريقة تضمن سلامتها الكاملة.
وأشادت الشبكة بالجهد المصري المتواصل على مدار أكثر من عشرين عامًا، مؤكدة أن المتحف الجديد يقدم تجربة تفاعلية فريدة تمزج بين عبق الماضي وتكنولوجيا المستقبل.

فرانس 24 الفرنسية: حدث تاريخي يليق بمكانة مصر
من جانبها، وصفت قناة "فرانس 24" الفرنسية افتتاح المتحف المصري الكبير بأنه "حدث تاريخي يليق بمكانة مصر الحضارية"، مشيرة إلى أن المشروع لا يمثل مجرد مبنى ثقافي، بل "هدية مصر للعالم". وأكدت أن المتحف يضم 4500 قطعة من كنوز توت عنخ آمون كانت موزعة سابقًا على مواقع مختلفة، ما يجعل التجربة أكثر شمولًا وإثارة للزوار.
وأضافت القناة أن المتحف يمتد على مساحة شاسعة تطل بانوراميًا على أهرامات الجيزة، وقد رافقه تطوير شامل للبنية التحتية في المنطقة، بما في ذلك الطرق والمواصلات ومطار سفنكس الدولي، إلى جانب محطة مترو جديدة تربط القاهرة بالمنطقة الأثرية، لتسهيل حركة السياح.
وأكدت القناة أن هذا المشروع الضخم يعزز من مكانة مصر كوجهة رئيسية للسياحة الثقافية في الشرق الأوسط والعالم، ويمثل نموذجًا للتكامل بين التنمية الثقافية والاقتصادية.

واشنطن بوست الأمريكية: ركيزة أساسية لانتعاش السياحة المصرية
أما صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، فقد ركزت في تقريرها على البعد الاقتصادي، ووصفت المتحف المصري الكبير بأنه "ركيزة أساسية" ضمن خطة الحكومة المصرية لدعم صناعة السياحة، التي تُعد من أهم مصادر النقد الأجنبي في البلاد.
وأشارت إلى أن افتتاح المتحف يتزامن مع عرض سفينة الشمس الخاصة بالملك خوفو ومجموعة توت عنخ آمون الكاملة، وهو ما سيضاعف جاذبية المكان للزوار من مختلف دول العالم. وأوضحت الصحيفة أن الحكومة المصرية تهدف إلى جذب أكثر من 20 ألف زائر يوميًا بفضل البنية التحتية المتطورة والخدمات السياحية الحديثة المحيطة بالمتحف.
وأكدت "واشنطن بوست" أن المتحف يعكس التقاء الماضي بالحاضر، حيث يجمع بين أصالة الحضارة المصرية وروح العمارة الحديثة، مما يجعله أحد أهم المشروعات الثقافية على مستوى العالم في العقد الحالي.

لوموند الفرنسية: نقطة تحول ثقافية واقتصادية لمصر
أما صحيفة "لوموند" الفرنسية، فقد وصفت افتتاح المتحف بأنه يمثل "نقطة تحول ثقافية واقتصادية لمصر"، مشيرة إلى أنه أكبر مشروع ثقافي في تاريخ البلاد. وأضافت أن المتحف المصري الكبير، الذي تجاوزت استثماراته مليار دولار أمريكي، يقع في موقع استراتيجي بجوار أهرامات الجيزة، ما يجعله محورًا أساسيًا في خطة القاهرة لتطوير السياحة الثقافية.
وأوضحت الصحيفة أن الحكومة المصرية تستهدف من خلال المشروع جذب 30 مليون زائر سنويًا بحلول عام 2030، مما سيعزز مكانة مصر كوجهة حضارية عالمية. وأكدت "لوموند" أن المتحف لا يُعد فقط صرحًا أثريًا، بل رمزًا للهوية الوطنية المصرية، وركيزة مهمة في استعادة مكانة البلاد في قلب المشهد الثقافي الدولي.
بهذا، يثبت المتحف المصري الكبير أنه ليس مجرد مشروع أثري أو سياحي، بل رسالة حضارية عالمية من مصر إلى الإنسانية جمعاء، تؤكد من خلالها أن الحضارة المصرية ما زالت قادرة على الإبهار، وأن القاهرة ماضية في طريقها لتكون مجددًا منارة الثقافة والتراث في الشرق الأوسط والعالم.