مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

لأول مرة.. البرلمان الفرنسي يصوّت لإنهاء اتفاقية الهجرة مع الجزائر

نشر
الأمصار

في خطوة غير مسبوقة داخل المشهد السياسي الفرنسي، اعتمدت الجمعية الوطنية الفرنسية، اليوم الخميس، مشروع قرار قدّمه حزب التجمع الوطني (RN) اليميني المتطرف، يدعو إلى إنهاء اتفاقية 1968 الموقّعة بين فرنسا والجزائر، والتي تنظم حقوق الإقامة والعمل للمواطنين الجزائريين على الأراضي الفرنسية.

وجاء التصويت على القرار بأغلبية ضئيلة للغاية، حيث نال تأييد 185 نائباً مقابل 184 صوتاً معارضاً، فيما امتنع خمسة نواب عن التصويت، لتُسجَّل بذلك المرة الأولى التي ينجح فيها حزب مارين لوبان في تمرير مشروع داخل البرلمان الفرنسي، وهو ما اعتبره مراقبون تحولاً سياسياً حاداً يعكس تصاعد نفوذ اليمين المتطرف في فرنسا.

الاتفاقية التي تم توقيعها في 27 ديسمبر 1968 تمنح الجزائريين المقيمين في فرنسا امتيازات خاصة مقارنة بمواطني دول أخرى، سواء من حيث تسهيلات الإقامة والعمل أو الحقوق الاجتماعية. ويرى حزب التجمع الوطني أن هذه الامتيازات لم تعد تتناسب مع واقع الهجرة الحديثة، معتبرًا أنها تخلق "تمييزًا إيجابيًا غير مبرر" لصالح مواطني الجزائر.

وقال نواب الحزب خلال جلسة المناقشة إن إنهاء الاتفاقية "ضرورة لحماية السيادة الوطنية الفرنسية" وإعادة ضبط سياسة الهجرة بما يتماشى مع "المصالح الداخلية للدولة الفرنسية".

القرار أثار موجة واسعة من الجدل داخل الأوساط السياسية الفرنسية، حيث أيّد عدد من نواب اليمين التقليدي، خاصة من حزب الجمهوريين (Les Républicains) وحزب Horizons الوسطي، فكرة إعادة النظر في الاتفاقية، ما ساهم في تمرير المشروع رغم المعارضة الشديدة من أحزاب اليسار والتحالف التقدمي.

من جانبهم، وصف نواب اليسار الخطوة بأنها "استسلام للخطاب الشعبوي" و"محاولة لتقويض القيم الجمهورية"، معتبرين أن القرار يمهد لتطبيع الفكر اليميني المتطرف في الحياة السياسية الفرنسية.

أما على الصعيد الدبلوماسي، فقد عبّرت الجزائر عن قلقها العميق من القرار، معتبرة أنه قد يُشكّل منعطفًا خطيرًا في العلاقات الثنائية التي لطالما اتسمت بالحساسية التاريخية منذ مرحلة ما بعد الاستعمار.

رغم أن القرار غير ملزم قانونيًا، إلا أنه يحمل رمزية سياسية قوية، ويُعدّ بمثابة اختبار لنفوذ التجمع الوطني داخل البرلمان. كما يشير إلى تحول تدريجي في المزاج السياسي الفرنسي تجاه قضايا الهجرة والعلاقات مع دول شمال إفريقيا، خصوصًا الجزائر التي ترتبط بفرنسا بعلاقات تاريخية معقدة تشمل الاقتصاد والثقافة والذاكرة الاستعمارية.

ويرى محللون أن التصويت قد يُمهّد الطريق أمام تغييرات محتملة في السياسة الفرنسية تجاه المهاجرين، مع تزايد ضغوط اليمين المتطرف الذي يسعى إلى تحويل هذا النصر الرمزي إلى مكاسب تشريعية حقيقية خلال الفترة المقبلة.

وفي انتظار رد فعل الحكومة الفرنسية الرسمي، تبقى الأنظار موجهة إلى الإليزيه ووزارة الخارجية لمعرفة ما إذا كانت باريس ستتعامل مع القرار كتحول سياسي يجب احتواؤه، أم كمؤشر على مرحلة جديدة من العلاقات الفرنسية – الجزائرية قد تتسم بالتوتر الحذر.