مجلس الأمن يحذر من فظائع وشيكة في الفاشر مع تفاقم الحصار في دارفور
حذّر مجلس الأمن الدولي من وقوع كارثة إنسانية وشيكة في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور في السودان، في ظلّ استمرار الحصار المفروض على المدينة منذ أكثر من 500 يوم من قبل قوات الدعم السريع (RSF)، وسط تصاعد العمليات العسكرية واستهداف المدنيين والمرافق الحيوية.
وخلال جلسة طارئة عقدها المجلس في نيويورك، أعرب الأعضاء عن قلق بالغ إزاء خطر ارتكاب فظائع واسعة النطاق ضد المدنيين في المدينة، التي تؤوي مئات الآلاف من النازحين الفارين من مناطق الصراع الأخرى في الإقليم. وأكد ممثلو الدول الأعضاء أن الأوضاع الإنسانية بلغت مستوى “خطيرًا وغير مسبوق”، مشيرين إلى أن غياب التحرك العاجل قد يؤدي إلى مجزرة إنسانية واسعة النطاق.
ووفقًا لتقارير صادرة عن المكتب الإعلامي لـ الأمم المتحدة في جنيف، تقوم قوات الدعم السريع بعمليات إعدامات ميدانية وتقييد لتحركات المدنيين داخل المدينة، في وقت تحدثت فيه تقارير عن ارتكاب انتهاكات ذات دوافع عرقية، ما يثير مخاوف من تكرار سيناريو الإبادة الذي شهدته دارفور مطلع الألفية.
ويحذر مسؤولو الأمم المتحدة من أن الفاشر أصبحت مدينة منكوبة بالكامل، إذ يعاني سكانها من انعدام شبه تام في المواد الغذائية، والأدوية، وخدمات الرعاية الصحية، إلى جانب انقطاع المياه والكهرباء وصعوبة الوصول الإنساني. وأشارت التقارير إلى أن المستشفيات تعمل بأقل من 20% من طاقتها، فيما تم استهداف عدد من العاملين الصحيين في هجمات وُصفت بأنها “ممنهجة”.
وفي بيان سابق صدر في يونيو 2024، طالب مجلس الأمن برفع الحصار المفروض على الفاشر فورًا، وضمان مرور المساعدات الإنسانية بشكل آمن، وحماية المدنيين من الانتهاكات المتكررة. كما شدد المجلس على أن أي خرق للقانون الإنساني الدولي يجب أن يقابله تحقيق ومساءلة قضائية، محذرًا من أن تزويد الجماعات المسلحة بالسلاح أو الدعم اللوجستي يعد انتهاكًا صريحًا لقرارات الأمم المتحدة.

من جانبها، وصفت وزارة الصحة السودانية ما يجري في الفاشر بأنه "مذابح منظمة" استهدفت المدنيين والعاملين في المجال الطبي، مؤكدة أن هذه الممارسات تشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، ودعت إلى تدخل عاجل من المجتمع الدولي لوقف القتل الجماعي.
ويأتي هذا التحذير الأممي في سياق الحرب الدائرة في السودان منذ أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، والتي تحولت إلى نزاع مفتوح على السلطة، تركزت معاركه في العاصمة الخرطوم وولايات دارفور وكردفان. وتُعدّ مدينة الفاشر نقطة اشتباك مركزية ورمزًا لتصاعد الصراع في الإقليم، حيث يخشى مراقبون أن يؤدي استمرار الحصار إلى انفجار كارثي للعنف العرقي في دارفور بأكملها.
واختتم مجلس الأمن بيانه بالتأكيد على أن “الفظائع ليست حتمية”، لكنه حذر من أن استمرار التقاعس الدولي سيؤدي إلى مأساة يصعب احتواؤها لاحقًا، داعيًا إلى تحرك فوري ومنسق لوقف الحرب وإنقاذ المدنيين قبل فوات الأوان.