مخالفات وشراء أصوات يهددان نزاهة الانتخابات العراقية.. تفاصيل
تشهد الحملة الدعائية للانتخابات البرلمانية في العراق تصاعدًا مقلقًا في حجم الانتهاكات والمخالفات القانونية، وسط تحذيرات منظمات المراقبة المحلية والدولية من تكرار أنماط خطيرة تهدد نزاهة العملية الانتخابية المقررة في 11 نوفمبر المقبل، في ظل مناخ سياسي متوتر وأجواء يطغى عليها المال السياسي وخطاب الكراهية.
وبحسب تقارير مراقبين، فقد رُصدت مئات المخالفات منذ انطلاق الحملة الانتخابية، تراوحت بين استغلال المال العام واستخدام ممتلكات الدولة في الدعاية الانتخابية، وشراء الأصوات، وتمزيق الصور واللافتات، إلى جانب تصاعد خطاب الكراهية والاستقطاب السياسي. هذه الممارسات أثارت قلقًا واسعًا بشأن تراجع الثقة الشعبية في نزاهة الانتخابات المقبلة.
وفي هذا السياق، أعلن مركز ميترو للدفاع عن الحريات، التابع لمؤسسة شمس لمراقبة الانتخابات في العراق، تسجيل 1110 مخالفات انتخابية خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من الحملة الدعائية الخاصة بانتخابات مجلس النواب العراقي في دورته السادسة.
وقال ممثل المركز، رحمن غريب، في تصريح صحفي، إن المخالفات جرى تصنيفها إلى ثلاث فئات رئيسية وفقًا لخطورتها ونسب انتشارها. موضحًا أن الفئة الأولى تضم المحافظات التي تجاوزت فيها نسبة المخالفات 100% مثل السليمانية وأربيل وبغداد والبصرة، بينما شملت الفئة الثانية محافظات الأنبار وذي قار وصلاح الدين وديالى والكوت وميسان بنسبة تراوحت بين 50% و100%. أما الفئة الثالثة فتشمل محافظات تقل فيها نسبة المخالفات عن 50%.
وأشار غريب إلى أن أبرز الانتهاكات تمثلت في استخدام موارد الدولة وممتلكاتها لأغراض الدعاية الانتخابية، وهي ظاهرة متكررة في كل دورة انتخابية لكنها برزت هذا العام بشكل لافت، خاصة في المحافظات الكبرى. كما شملت المخالفات تمزيق اللوحات الدعائية، وإطلاق خطابات إعلامية متشددة، وحالات ضغط على المرشحين وشراء أصوات الناخبين من قبل بعض الكتل السياسية.
وأضاف أن عدد ونوعية المخالفات المسجلة هذا العام يُعدّان «مؤشرين خطيرين» على تراجع المعايير الديمقراطية، خصوصًا في ظل استخدام المال السياسي ومال الدولة لشراء الأصوات، الأمر الذي يمس جوهر العملية الانتخابية ويقوّض مبدأ تكافؤ الفرص بين المرشحين.

وفي السياق ذاته، أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات العراقية فرض 540 غرامة على المخالفين حتى الآن، مؤكدة أنها شكلت لجانًا وطنية ومحلية لمراقبة الحملات وضمان التزام المرشحين بالقواعد المنظمة للدعاية الانتخابية.
أما تحالف الشبكات والمنظمات الوطنية لمراقبة الانتخابات في العراق، فقد كشف في تقريره الأخير عن ارتفاع استخدام ممتلكات الدولة بنسبة 8.7%، معتبرًا أن هذه النسبة «تمثل مؤشرًا على محاولات اختطاف حيادية الدولة وتحويل مواردها إلى أدوات حزبية»، في حين بلغت نسبة حالات شراء الأصوات والرشاوى 4.2%، وهي نسبة «تعكس نشاطًا واضحًا للفساد الانتخابي».
وأضاف التقرير أن خطاب الكراهية والعنف الرقمي أصبح جزءًا من المشهد الانتخابي، إذ يُستخدم في «اغتيال الشخصية السياسية وتعزيز الانقسام الطائفي والإثني»، خاصة في المناطق المتنازع عليها.
وتُعد الانتخابات العراقية المقبلة من أكثر الاستحقاقات حساسية منذ سنوات، في ظل تصاعد حدة الاستقطاب السياسي وغياب الثقة الشعبية بالمؤسسات، ما يزيد المخاوف من استخدام السلاح أو الأموال للتأثير في نتائج التصويت.
ومع اقتراب موعد الاقتراع، تبدو المفوضية أمام اختبار حقيقي لإثبات استقلاليتها وقدرتها على إدارة عملية انتخابية حرة ونزيهة تُعيد الثقة للمواطن العراقي في العملية الديمقراطية.