مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

ليبيا أمام مفترق طرق.. مبادرة وطنية بقيادة حفتر

نشر
الأمصار

تعيش ليبيا اليوم لحظة سياسية فارقة، مع إطلاق القائد العام للقوات المسلحة الليبية، المشير خليفة حفتر، مبادرة وطنية شاملة تهدف إلى لمّ شمل القوى الوطنية بمختلف أطيافها، في خطوة يرى فيها مراقبون محاولة لإعادة توجيه البوصلة السياسية نحو الداخل الليبي، بعيدًا عن التجاذبات الإقليمية والتدخلات الأجنبية التي عرقلت مسار الاستقرار على مدى أكثر من عقد.

ودعا المشير حفتر جميع مكونات المجتمع الليبي، من شيوخ القبائل والأعيان والمفكرين والأكاديميين، إلى الانخراط في حراك وطني شامل يضع أسس خارطة طريق جديدة تستند إلى مبدأ “الملكية الليبية الكاملة للعملية السياسية”، وتنبع من الداخل لا من مقرّات البعثات الأممية أو العواصم الأجنبية.

وتأتي المبادرة في ظل إخفاق المسارات الدولية والأممية المتكررة في إيجاد حل سياسي قابل للتطبيق. فالمبعوثة الأممية إلى ليبيا، هانا تيتيه، لم تقدم حتى الآن رؤية واضحة أو خطة تنفيذية دقيقة، واكتفت بطرح أفكار عامة غابت عنها الآليات والضمانات، مما جعل العملية السياسية تدور في دائرة مغلقة من الاجتماعات والتصريحات دون تحقيق نتائج ملموسة على الأرض.

وتعيد المبادرة طرح السؤال الذي ظل يراوح مكانه منذ سنوات: من يملك القرار الليبي؟ هل يظل مرهونًا لتجاذبات الخارج ومصالح القوى الإقليمية والدولية، أم يعود إلى الليبيين أنفسهم ليحددوا مستقبلهم بإرادتهم الحرة؟

ويرى مراقبون أن مبادرة حفتر ليست مجرد إعلان سياسي بل رؤية وطنية متكاملة تهدف إلى تحفيز الوعي الجمعي، وإشراك المجتمع المدني والمؤسسات الفكرية في صياغة مشروع وطني جديد تتولى المؤسسة العسكرية ضمان تنفيذه بما يتوافق عليه الشعب.

ورغم أن بعض الأطراف ما تزال تراهن على المسارات الأممية، إلا أن التجارب السابقة أثبتت أن الرهان على الخارج لم يحقق أي استقرار حقيقي، بل زاد المشهد الليبي تعقيدًا. فالكثير من المبادرات التي رُوج لها تحت شعار "الملكية الوطنية" كانت في حقيقتها واجهات شكلية خاضعة لتوازنات دولية لا تراعي الواقع الاجتماعي والسياسي في ليبيا.

ويؤكد المشير حفتر أن مبادرته تمثل محاولة لتصحيح المسار السياسي وتحرير القرار الوطني من الوصاية الخارجية، عبر توحيد الصفوف الوطنية وإشراك كل القوى الليبية في وضع رؤية مشتركة لبناء الدولة على أسس الشرعية الشعبية والوحدة الوطنية.

 وتعتبر هذه المبادرة فرصة نادرة أمام الليبيين لإعادة بناء دولتهم بسيادتهم، إذ تعكس قناعة بأن ليبيا لن تبنى إلا بإرادة أبنائها، وأن تجاهل هذا النداء الوطني قد يكون خطأً تاريخيًا يصعب تعويضه، خاصة في ظل التحديات الإقليمية والاقتصادية التي تواجه البلاد.