بورصة السعودية تواصل الصعود مع تحسن شهية المخاطرة وتدفق الاستثمارات الأجنبية

واصلت سوق الأسهم السعودية مسارها الصاعد اليوم الثلاثاء، مدعومة بارتفاع شهية المستثمرين للمخاطرة وتحسن المعنويات الإقليمية والعالمية، وسط مؤشرات إيجابية على استقرار الاقتصاد المحلي وتزايد الإقبال الأجنبي على السوق.
فقد ارتفع المؤشر العام "تاسي" بنسبة 0.2% في مستهل التعاملات ليصل إلى 11615 نقطة، مستفيداً من مكاسب أسهم كبرى الشركات مثل أرامكو السعودية وسابك وأكوا باور، في حين تراجعت أسهم مصرف الراجحي والبنك الأهلي السعودي.
ويأتي هذا الأداء في ظل عودة المتعاملين للتركيز على الأساسيات المالية للشركات، خاصة مع اقتراب صدور النتائج الفصلية للربع الثالث من العام الجاري. ويرى محللون أن تجاوز المؤشر مستوى 11600 نقطة يعد إشارة إيجابية قد تفتح المجال لمزيد من المكاسب خلال الأسابيع المقبلة، خاصة إذا دعمتها نتائج الشركات الكبرى.
وقال محمد الفراج، رئيس أول إدارة الأصول في شركة أرباح المالية، إن استمرار الزخم الإيجابي الحالي "قد يدفع المؤشر إلى مستويات أعلى، مدعوماً بتفاؤل المستثمرين حيال الأرباح المتوقعة للشركات المدرجة".
ورغم التحسن في الأسواق، لا يزال الملف التجاري بين الولايات المتحدة والصين محور ترقب كبير من قبل المستثمرين، إذ أشار الخبير الاقتصادي إكرامي عبد الله إلى أن المواجهة بين أكبر اقتصادين في العالم "لم تنتهِ بعد"، ما يجعل الأسواق عرضة للتقلبات المفاجئة.
وقد سجلت الأسواق الأميركية ارتفاعاً في جلسة الأمس، بعد تصريحات أكثر مرونة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ودعوة بكين لاستئناف المفاوضات، لكن الأجواء الإيجابية تراجعت قليلاً بعد إعلان الصين نيتها الرد بإجراءات انتقامية على بعض التدابير الأمريكية ضد قطاع الشحن الصيني.
ويرى محللون أن تهدئة التوترات التجارية تمثل عاملاً حيوياً للأسواق العالمية، إذ إن أي تصعيد جديد قد يضر بوتيرة النمو الاقتصادي الصيني، وهو ما قد ينعكس سلباً على الطلب على الطاقة والبتروكيماويات، وهما من أهم صادرات المملكة العربية السعودية إلى السوق الصينية.
على الصعيد المحلي، شهدت السوق المالية السعودية تدفقاً متزايداً من رؤوس الأموال الأجنبية بعد تحسن المناخ الجيوسياسي وقرار هيئة السوق المالية السماح للأجانب بامتلاك حصص أغلبية في الشركات المدرجة.

وأوضح الفراج أن الملكية الأجنبية شهدت نمواً ملحوظاً خلال الأسابيع الأخيرة، حيث ارتفعت في مصرف الراجحي بنحو 1.064 مليار دولار، وفي البنك الأهلي السعودي بما يقارب 160 مليون دولار منذ نهاية سبتمبر، مما يعكس ثقة المستثمرين الأجانب في استقرار الاقتصاد السعودي وآفاق نموه.
وأشار محللون إلى أن توقف الحرب الإسرائيلية على غزة ساهم في تهدئة التوترات الإقليمية التي كانت تمثل أحد أبرز مصادر القلق للمستثمرين، ما شجع على زيادة السيولة في السوق السعودية وعودة النشاط الاستثماري الأجنبي بشكل أقوى.
تتوقع المؤسسات المالية أن يشهد الربع الرابع من عام 2025 استمرار الأداء الإيجابي في السوق، بدعم من نتائج الشركات القوية وتدفقات الاستثمار الأجنبي. ورغم بعض الضغوط على القطاع البنكي نتيجة خفض أسعار الفائدة، فإن التوقعات لا تزال تشير إلى نمو أرباح البنوك بنسبة 10% خلال الربع الثالث، بحسب تقديرات الخبراء.
ويجمع المراقبون على أن السوق السعودية تظل من أكثر الأسواق جاذبية في المنطقة بفضل حجمها الكبير واستقرارها المالي، إلى جانب خطط الحكومة لتوسيع الاستثمار الأجنبي وتنويع الاقتصاد ضمن رؤية السعودية 2030.