السودان: الحرب تحرم ملايين الأطفال من حق التعليم

تسببت الحرب المستمرة في السودان منذ منتصف أبريل 2023، في أزمة إنسانية خانقة ألقت بظلالها الثقيلة على قطاع التعليم، محرومةً ملايين الأطفال من حقهم الأساسي في الالتحاق بالمدارس.
قصة بشير أحمد، رب أسرة من الخرطوم، تعكس مأساة ملايين السودانيين. فبعد اندلاع المعارك، اضطر إلى الفرار مع زوجته وأطفاله الثلاثة إلى أحد معسكرات النزوح قرب مدينة كسلا شرقي البلاد، بحثًا عن الأمان.
لكن رحلة الهروب كانت على حساب تعليم أبنائه، حيث فقدوا عامين دراسيين متتاليين، فيما حُرمت ابنته الصغرى من دخول المدرسة من الأساس بعد بلوغها سن السادسة مع بداية الحرب.
وبحسب تقرير جديد أصدرته منظمة "أنقذوا الأطفال"، مستندًا إلى بيانات مجموعة التعليم العالمية، فإن 13 مليون طفل سوداني على الأقل أصبحوا خارج مقاعد الدراسة، أي ما يمثل أكثر من 75% من إجمالي الأطفال في سن التعليم قبل الجامعي.
ووصف التقرير الوضع الراهن بأنه من أسوأ أزمات التعليم على مستوى العالم.
ورغم إعادة فتح بعض الجامعات والمدارس بشكل جزئي في بعض المناطق المستقرة نسبيًا داخل السودان، إلا أن غالبية الأطفال لا يزالون محرومين من التعليم بسبب عدة عوامل؛ أبرزها الانهيار الأمني، وتفشي الأمراض، والدمار الواسع للبنية التحتية التعليمية. إضافةً إلى ذلك، تسبب الانهيار الاقتصادي بفقدان نحو 60% من أرباب الأسر لمصادر دخلهم، ما جعل تكاليف الدراسة والنقل عبئًا يصعب تحمله.
وحذّر الخبير التربوي السوداني عبد اللطيف من أن استمرار الحرب قد يؤدي إلى فقدان جيل كامل لفرص التعليم، مما يزيد مخاطر تجنيد الأطفال في الجماعات المسلحة، أو تعرّضهم للعنف الجنسي والنزوح المتكرر.

من جانبها، نقلت وكالة السودان للأنباء (سونا) عن مدير الشؤون التعليمية بمحلية الخرطوم تأكيده انتظام الدراسة في جميع المدارس بنسبة 100%. لكن نقابة المعلمين سارعت إلى نفي هذه التصريحات، ووصفتها بأنها "محاولة للزج بالتلاميذ والمعلمين في المهالك"، مؤكدة أن 25 مدرسة فقط من أصل 54 تعمل فعليًا في المحلية. كما أشارت إلى أن 80% من السكان لم يعودوا لمنازلهم حتى الآن، ومن بينهم معلمون وتلاميذ.
وتؤكد النقابة أن استئناف العملية التعليمية مرهون بتوفير بيئة آمنة وصحية واقتصادية، مشيرة إلى أن معظم مناطق الخرطوم ما زالت تعاني من نقص الكهرباء والمياه وانتشار الأمراض.
في ظل هذا الواقع، تتزايد الدعوات المحلية والدولية، بما في ذلك منظمات الأمم المتحدة كاليونيسف، لاعتبار التعليم في السودان أولوية إنسانية عاجلة، لا تقل أهمية عن الغذاء والصحة، تجنبًا لفقدان جيل كامل قد يُترك لمصير مجهول.