مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

الجيش الصومالي يُعيد رسم خريطة الأمن: انتصارات ميدانية تكسر ظهر الجماعات الإرهابية

نشر
الأمصار

في وقتٍ تشهد فيه الصومال نهضة مؤسسية متسارعة، ويجري تعزيز بنية الدولة وبسط سلطتها على كامل التراب الوطني، يواصل الجيش الوطني الصومالي تحقيق انتصارات ميدانية نوعية ضد مليشيات الخوارج الإرهابية، التي طالما اتخذت من بعض المناطق معاقل حصينة لتهديد أمن البلاد واستقرارها.

هذه الانتصارات، التي تحققت خلال عمليات عسكرية محكمة ومباغتة، في مناطق كانت تُعد سابقًا رموزًا للتمرد، تؤكد أن معادلة القوة قد تغيّرت، وأن المبادرة باتت بيد الدولة وجيشها الوطني.

مسرح العمليات: سقوط المعاقل الحصينة

في الأيام الأخيرة، نجحت القوات المسلحة الصومالية في تنفيذ هجمات نوعية شملت مناطق عيل طير، بريري، سبييد، عانولي، وورغاطي، حيث تم طرد مليشيات الخوارج وتدمير تحصيناتهم، والقبض على عناصر منهم، وتفكيك شبكات الدعم اللوجستي التي كانت تؤمن لهم البقاء والتمدد.

لم تكن هذه الانتصارات مجرد نجاحات تكتيكية، بل حملت دلالات استراتيجية عميقة، تؤكد أن الجيش الوطني بات يقود مرحلة جديدة من الحرب: مرحلة الحسم، لا مجرد الصد أو الدفاع.

الرسالة الأولى: جيش وطني في ذروة جاهزيته

الجيش الصومالي أثبت مجددًا أنه قادر على الجمع بين الصلابة الدفاعية والفعالية الهجومية. ففي عيل طير وورغاطي، تمكنت القوات من صدّ أعنف هجمات الخوارج، مُنْزلة في صفوفهم خسائر بشرية ومادية جسيمة. أما في بريري وسبييد وعانولي، فقد انتقل الجيش من الدفاع إلى الهجوم المباشر، مُوجّهًا ضربات استباقية حاسمة حررت الأرض وقضت على فلول الإرهابيين.

هذا التوازن بين الدفاع والهجوم يعكس تطور العقيدة العسكرية للجيش الوطني، الذي تجاوز مرحلة ردّ الفعل، وأصبح يمتلك زمام المبادرة، ويقود معركة تحرير حقيقية تستند إلى معلومات استخباراتية دقيقة وخطط ميدانية محكمة.

الرسالة الثانية: انهيار خطاب التثبيط والتشكيك

سنوات من الدعاية المغرضة سعت إلى التشكيك في وحدة الجيش الوطني وكفاءته، وراوحت بين التحريض والإرجاف، لكن الميدان اليوم يروي قصة أخرى: جيش موحد، فعّال، ومتماسك، يخوض معارك متعددة في توقيت واحد، وينتصر دون تردد.

فالهجمات الأخيرة التي تصدّى لها الجيش ونجح في إفشالها، وصفتها مصادر أمنية بأنها من “أعقد المخططات التي نفذها الخوارج”، مستخدمين أنفاقًا، وأسلحة ثقيلة، وأسلوب الكرّ والفر، إلا أن القوات نجحت في شلّ حركتهم، واختراق تحصيناتهم تحت الأرض.

بهذا الأداء، يُسقط الجيش الوطني دعاية التفرقة، ويُعيد الثقة الشعبية في مؤسسته كصمام أمان للبلاد.

الرسالة الثالثة: تراجع قدرات الخوارج واندثار هيمنتهم

على خلاف التصريحات والتهويلات التي طالما ادّعت أن الخوارج يزدادون قوة، أظهرت العمليات الأخيرة أنهم يعيشون مرحلة الانكماش والانهيار. فلم تعد لهم قدرة على التمدد، ولا خطوط إمداد متماسكة، ولا حاضنة شعبية تحميهم.

في وضح النهار، شُنت العمليات ضد أوكارهم، وتم تحرير مساحات شاسعة من سيطرتهم، بينما أظهرت المعطيات الاستخباراتية أن ما تبقى من عناصرهم إما يفرّ هاربًا أو يُقتل قبل تنفيذ أي عملية.

لقد ولّى زمن الإرهاب المطلق، وبدأت مرحلة تُبنى فيها الدولة على أنقاض الخوف والفراغ الأمني.

الرسالة الرابعة: تطور استخباراتي وميداني ملموس

أثبتت وحدات الجيش الوطني خلال المعارك الأخيرة أن الأداء الاستخباراتي والميداني بات أكثر نضجًا واحترافية. فقد تم إفشال عدة محاولات لاستخدام عربات مفخخة، وتم تفجيرها عن بُعد قبل وصولها إلى الأهداف، بالإضافة إلى إحباط هجمات انتحارية كان يُعوّل عليها لإرباك الصفوف.

لم يعد الجيش يفاجأ، بل صار هو من يبادر، ويضرب، ويُفشل مخططات العدو قبل أن تبدأ، في تطور كبير يشير إلى ارتفاع مستوى التنسيق بين الجبهة والمراكز القيادية، وتحديث آليات الرصد والتعامل مع التهديدات

خلاصة المشهد: الخوارج إلى انحسار… والدولة إلى صعود

الحرب على الإرهاب لم تنتهِ، لكنها تسير باتجاه واضح لا غموض فيه: انهيار مشروع الخوارج الإرهابي، وصعود مشروع الدولة الوطنية.

فخلال أكثر من 15 عامًا من المواجهة، تغيّرت المعادلة. ما كانت تسيطر عليه المليشيات بالأمس، تُحرره الدولة اليوم. وما كان يُعتبر "خارج السيطرة"، بات تحت قبضة الجيش الوطني، بفضل الدعم السياسي، والتأييد الشعبي، والشراكات الأمنية الفعالة.

الواقع الجديد: المدن تنعم بالأمن… والمواطن يلمس التغيير

لم تعد مفردات الأمن تقتصر على التقارير الرسمية. في مقديشو، كيسمايو، بيدوا، جوهر، مركا، طوسمريب، جالكعيو، وبوصاصو، يسود الأمان. تقلّصت الاغتيالات، تراجعت التفجيرات، وتم ضرب الخلايا النائمة التي طالما استهدفت الاستقرار.

المواطنون باتوا يرون بأعينهم أثر الحرب الشاملة على الإرهاب، وثمار عمليات التحرير، في تفاصيل حياتهم اليومية: طرق آمنة، أسواق مفتوحة، ومؤسسات تعمل دون خوف.

الجيش يستعيد الأرض… ويستعيد الدولة

من المهم الإشارة إلى أن العديد من المناطق التي تُستعاد اليوم، كانت حتى وقت قريب تحت حكم الخوارج. واليوم، يتم تفكيك بنيتهم واحدة تلو الأخرى. هذا ليس مجرد تحرير جغرافي، بل تحرير سياسي واجتماعي ومعنوي، يضع الدولة على الطريق الصحيح نحو استعادة السيادة الكاملة.

الصومال الجديد… وطن يُبنى على التضحيات

إن ما نعيشه اليوم ليس فقط تحولات عسكرية، بل بداية حقيقية لصومال جديد، تُعاد فيه كتابة معادلات السلطة، وتُبنى فيه مؤسسات قادرة على حماية الوطن والمواطن.

الجيش الوطني لم يعد فقط خط الدفاع، بل أصبح صانع التحوّل.