إنفوجراف| بالأرقام.. تحول تاريخي بالنظام العالمي.. ذهب البنوك المركزية يزاحم سندات الخزانة الأمريكية

تصاعدت مؤخرًا التساؤلات في الأوساط المالية العالمية حول ما إذا كانت البنوك المركزية حول العالم بدأت تمتلك كميات من الذهب تتجاوز قيمة سندات الخزانة الأمريكية، في ما وصفه خبراء اقتصاديون بأنه "لحظة فاصلة" بعد عقود من هيمنة الدولار على النظام المالي العالمي.

وجاء هذا الجدل بعد تحليل نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، أظهر مؤشرات على ارتفاع حيازات الذهب لدى البنوك المركزية، ما دفع المستثمرين ومتابعي الأسواق إلى إعادة تقييم الوضع الراهن. وانتشر رسم بياني يوضح هذا الاتجاه بشكل واسع على منصات التواصل، حتى أعاد نشره الاقتصادي البارز محمد العريان، ما أكسبه قدرًا من المصداقية المؤقتة في أوساط المتخصصين.
وأظهرت بيانات وزارة الخزانة الأمريكية أن البنوك المركزية الأجنبية تحتفظ بحوالي 3.9 تريليون دولار من سندات الخزانة، فيما ارتفعت قيمة الذهب في حوزتها إلى نحو 4.2 تريليون دولار، مدفوعة بالارتفاع الكبير في أسعار المعدن النفيس منذ يونيو/حزيران 2025، والذي تجاوز 10%. ويشير الخبراء إلى أن هذا الارتفاع يعكس أساسًا زيادة الأسعار، وليس تحولًا جذريًا في استراتيجيات الاحتياط النقدي.
ويزداد المشهد المالي تعقيدًا بسبب ضبابية البيانات، إذ تعتمد تقارير صندوق النقد الدولي على الإفصاحات الطوعية للدول، في حين لا تكشف تقارير TIC الأمريكية دائمًا عن المالكين الحقيقيين للأصول، نظرًا لاستخدام وسطاء ماليين أو ما يُعرف بـ"احتياطيات الظل" لدى بعض الدول، مثل الصين، التي تحتفظ بأصول ضخمة خارج الحسابات الرسمية، وتستخدمها أحيانًا في شراء سندات الخزانة الأمريكية عبر كيانات تابعة للدولة.

ويشير التحليل إلى أن هناك توجهًا متزايدًا لدى البنوك المركزية لتنويع أصولها وتقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي، وهو مسار تغذيه اعتبارات جيوسياسية واقتصادية، مثل المخاوف من العقوبات المالية الأمريكية وتقلب السياسات الاقتصادية في الولايات المتحدة. ومع ذلك، فإن هذا التحول يتم تدريجيًا وبحذر، بعيدًا عن أي ثورة مالية مفاجئة قد تهز النظام المالي العالمي.
ويخلص الخبراء إلى أن الذهب يكتسب بالفعل أهمية متزايدة في محافظ البنوك المركزية، لكنه لم يتجاوز بعد سندات الخزانة الأمريكية من حيث المركزية والأهمية. الهيمنة الأمريكية على النظام المالي العالمي لا تزال قائمة، لكن قواعد اللعبة بدأت تتغير ببطء، مع ظهور علامات على تحول تدريجي في ديناميات الأسواق العالمية.