العراق يُطالب بإجراءات دولية ضد إسرائيل عقب الهجوم على الدوحة

في ظل التصعيد المُتزايد في المنطقة والتداعيات المُتسارعة للأحداث، برز موقف «العراق» واضحًا وصريحًا من خلال دعوته إلى اتخاذ إجراءات دولية حازمة ضد «إسرائيل»، على خلفية الهجوم الذي استهدف العاصمة القطرية «الدوحة». ويعكس هذا الموقف تمسك بغداد بمبادئ القانون الدولي ورفضه لانتهاك سيادة الدول وتهديد أمن المنطقة.
وفي هذا الصدد، قال مندوب العراق لدى الأمم المتحدة، «لقمان الفيلي»، اليوم الجمعة، إن بلاده تُدين الهجوم الذي شنّته إسرائيل على العاصمة القطرية الدوحة وتدعم حق قطر في الرد.
وأضاف «الفيلي»، خلال جلسة طارئة لمجلس الأمن خُصصت للقصف الاسرائيلي على الدوحة، أن «العراق يُثمّن الجهود الحثيثة التي تبذلها قطر في مجال الوساطة وإرساء السلم في المنطقة»، مُؤكدًا أن بلاده «تُساند قطر في أي إجراءات تتخذها ردًا على هذا الاعتداء».
العراق يُطالب بالرد
كما دعا المجتمع الدولي إلى اتخاذ «مواقف حازمة ورادعة» لمنع تكرار مثل هذه الهجمات، مُحذرًا من أن «التقاعس عن الرد يُشكّل سابقة خطيرة تُهدد الأمن والسلم الدوليين».
وفي 9 أيلول/سبتمبر 2025 الجاري، شنّت إسرائيل ضربة جوية مفاجئة استهدفت اجتماعًا لحركة «حماس» في الدوحة، لمناقشة مقترح أمريكي لوقف إطلاق النار في قطاع غزة بوساطة قطر.
وأسفرت الضربة عن مقتل ستة أشخاص، بينهم خمسة من عناصر حماس وضابط أمني قطري، فيما نجا كبار قادة الحركة، بينهم خليل الحيّة، من القصف.
ترامب غاضب من نتنياهو بعد «ضربة الدوحة» ومكالمة تكشف الخلاف
تفاعلت أصداء الضربة الجوية الإسرائيلية التي استهدفت عناصر من حركة «حماس» في العاصمة القطرية «الدوحة»، لتكشف عن بوادر توتر غير مسبوق في العلاقة بين الرئيس الأمريكي، «دونالد ترامب»، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، «بنيامين نتنياهو». وجاء ذلك خلال اتصال هاتفي جمع الزعيمين، أعرب فيه «ترامب» عن انزعاجه الشديد من الخطوة، مُعتبرًا أن استهداف الدوحة في هذا التوقيت يُمثّل تصعيدًا غير مُبرر، من شأنه أن يخل بالتوازن الإقليمي ويُعقّد المسارات الدبلوماسية الجارية في الشرق الأوسط.
خلاف أمريكي إسرائيلي مُتجدد
وشهدت «العلاقات الأمريكية الإسرائيلية»، حالة من التوتر المُتجدد، عقب مكالمة هاتفية جمعت «ترامب» ورئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، تركزت حول الضربة الإسرائيلية التي طالت عناصر من حركة «حماس» في العاصمة القطرية الدوحة.
وكشفت مصادر رفيعة المستوى في الإدارة الأمريكية، لصحيفة «وول ستريت جورنال»، عن أن ترامب أعرب عن إحباطه العميق حِيال هذا القصف، مُؤكّدًا أن «مشاهد الهجمات على غزة تُسيء لصورة إسرائيل في العالم وطالب بتخفيف وتيرة القصف».
ترامب غاضب من الضربة
وأشارت «وول ستريت جورنال»، إلى أن ترامب أظهر انزعاجه الشديد من استهداف إسرائيل لأراضي قطر، الحليفة القريبة من الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تلعب دورًا كبيرًا في وساطة مفاوضات إنهاء حرب غزة.
وزاد من حدة غضب ترامب أنه علم بالهجوم من الجيش الأمريكي وليس من الجانب الإسرائيلي مباشرة، وهو ما اعتبره تجاهلًا غير مقبول في قرار بهذه الأهمية الإستراتيجية.
وبحسب المصادر الأمريكية، وبّخ ترامب نتنياهو قائلًا: إن قرار استهداف القادة السياسيين لحماس في الدوحة «لم يكن حكيمًا»، بينما برر «نتنياهو» تصرفه بأنه كان لديه «نافذة زمنية قصيرة لشن الضربات واغتنم الفرصة».
استفسار ترامب ورد نتنياهو
وفي مكالمة ثانية أكثر ودية، استفسر ترامب عن نجاح العملية، لكن نتنياهو أجاب بأنه لا يعلم، وبعد ساعات كشفت «حماس» أن قادتها نجوا من الضربات رغم مقتل ستة ممثلين من المستوى الأدنى.
فيما وصف مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية لـ«وول ستريت جورنال»، إحباط ترامب المُتزايد من نتنياهو، الذي «يضعه باستمرار في مواقف صعبة من خلال تحركات عدوانية دون مشاورات أمريكية تتعارض مع أهداف ترامب الخاصة في الشرق الأوسط».
ونوه المسؤولون إلى أن ترامب ومبعوثه الخاص، «ستيف ويتكوف»، اشتكيا مُؤخرًا من أن نتنياهو «يدفعهما إلى مواقف صعبة، غالبًا دون تحذير مُسبق».
خلافات ترامب ونتنياهو السابقة
وكمثال على هذا النمط، في يونيو الماضي وبينما كان ترامب يسعى للتوسط في صفقة لكبح «البرنامج النووي الإيراني»، أبلغ نتنياهو، ترامب أن إسرائيل ستشن هجمات على طهران، وبدأت الضربات خلال ساعات.
واستمرت الحملة العسكرية -التي انضم إليها ترامب لاحقًا- 12 يومًا، ما أدى إلى إفشال المفاوضات الأمريكية الإيرانية، وإلحاق أضرار جسيمة بثلاثة مواقع نووية إيرانية.
خلافات خليجية أمريكية مُتصاعدة
أثارت الضربة الإسرائيلية غضب القادة القطريين الذين كانوا يتوسطون في محادثات السلام، وتُمثّل هذه التطورات ضربة لإستراتيجية ترامب الرامية لتعزيز العلاقات مع الخليج، إذ أظهر عاطفة كبيرة تجاه القادة القطريين خلال زيارته للعاصمة في مايو، والتي بادلوها بتقديم طائرة فاخرة بقيمة (400 مليون دولار) لتُصبح الطائرة الرئاسية الجديدة، والكشف عن خطط لاستضافة منتجع جولف يحمل علامة ترامب التجارية.
وعلَّقت «منى يعقوبيان»، مديرة برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية بواشنطن، إذ قالت إن هذا «يُقوِّض بوضوح أجندة ترامب للسلام»، مُحمّلة ترامب نفسه جزءًا من المسؤولية بسبب «نهجه المتقلب في الشرق الأوسط الذي يخلق مساحات وفرص للفاعلين للتصرف كما يشاؤون».
تقارب رغم الخلافات السياسية
رغم هذه التوترات، أظهر نتنياهو مهارته في الاقتراب من الخط الأحمر مع ترامب دون تمزيق العلاقة، إذ شارك السفير الأمريكي، «مايك هاكابي»، في مراسم وضع حجر الأساس لممشى ساحلي يحمل اسم ترامب في مدينة بات يام، واصفًا الرئيس الأمريكي بأنه «أفضل صديق لإسرائيل في البيت الأبيض على الإطلاق».
وفي ظل تصاعد التوترات الإقليمية وتضارب الأولويات السياسية، يبدو أن التحالف التقليدي بين «واشنطن وتل أبيب» يُواجه اختبارًا غير مسبوق، حيث كشفت «ضربة الدوحة» وما تبعها من تباين في المواقف، عن تصدعات آخذة في الاتساع بين «ترامب ونتنياهو». وبينما يُصرّ الأخير على نهج المواجهة المباشرة، يبدو أن «البيت الأبيض» يُفضّل في هذه المرحلة ضبط الإيقاع وتفادي الانفجار الإقليمي، ما يُنذر بمرحلة جديدة من العلاقات قد تكون أقل انسجامًا وأكثر حساسية.