هدنة غزة.. تفاصيل نقل واشنطن مبادئ صفقة شاملة لحماس عبر وسيط إسرائيلي

كثّفت الولايات المتحدة، عبر مبعوثها الخاص للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، اتصالاتها غير المباشرة مع حركة «حماس»، حيث نقلت واشنطن مبادئ مقترح صفقة شاملة تهدف إلى إنهاء حرب غزة المتصاعدة، وذلك في خطوة تعتبر جزءًا من جهود دولية لإنهاء الصراع المتواصل بين الاحتلال الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية في القطاع.
يأتي هذا التطور بعد زيارة وفد من حركة «حماس» إلى العاصمة المصرية القاهرة يوم السبت، والتي كانت تهدف إلى تعزيز جهود العمل المشترك لوقف التصعيد العسكري في غزة والضفة الغربية والقدس المحتلة، وفق بيان صادر عن الحركة.
وأكد البيان أن الزيارة تهدف إلى «إنهاء حرب الإبادة على قطاع غزة ووقف تصاعد العدوان الصهيوني»، مع التركيز على توحيد المواقف الفلسطينية وتطوير خارطة طريق وطنية لما بعد الحرب.
الوفد الفلسطيني في القاهرة
رأس الوفد الذي زار القاهرة زاهر جبارين، وضم كلًا من حسام بدران، كمال أبو عون، غازي حمد، ومحمود مرداوي.
وخلال زيارته، التقى الوفد بفصائل فلسطينية ومؤسسات مجتمع مدني وشخصيات بارزة ورجال أعمال فلسطينيين، بهدف التشاور وتطوير العمل المشترك، والتأكيد على أن وحدة الموقف والميدان تعتبر الضمانة الأساسية لإنهاء الحرب وتعزيز صمود المواطنين في القطاع.
وأكدت الفصائل الفلسطينية المشاركة على أهمية «استمرار البحث عن سبل إنهاء الحرب، وإسناد صمود أهالي غزة، ومواجهة ما تتعرض له الضفة الغربية والقدس، إلى جانب تعزيز العمل المشترك لإدارة المعركة ورسم خارطة طريق وطنية لما بعد الحرب».
المبادئ الأمريكية للصفقة الشاملة
أشارت هيئة البث الإسرائيلية إلى أن الولايات المتحدة نقلت مبادئ مقترح صفقة شاملة إلى حركة «حماس» تهدف إلى وقف الحرب في قطاع غزة والإفراج عن جميع المخطوفين الفلسطينيين.
وأوضحت المصادر أن المبادئ لا تمثل صيغة نهائية أو رسمية للصفقة، بل توجهات عامة تتيح استمرار المفاوضات بين الأطراف المعنية.
وأفادت المصادر أن المبادئ تم نقلها بواسطة شخصية إسرائيلية سبق لها العمل كوسيط مع «حماس» في مراحل سابقة، وهي غرشون باسكين، مشيرة إلى أن المبادئ تأتي في سياق جهود مشتركة بين مصر وقطر والولايات المتحدة لبلورة مقترح جديد خلال هذا الأسبوع، يشمل وقف القتال، الإفراج عن جميع الرهائن، وطرح بديل سلطوي للحركة في القطاع.
ومن جانبه، صرح مصدر مقرّب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن إسرائيل «مستعدة لوقف احتلال مدينة غزة إذا عُرضت عليها صفقة حقيقية»، في حين من المتوقع أن يتوجه وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، رئيس طاقم التفاوض، إلى الولايات المتحدة لإجراء محادثات مع كبار المسؤولين في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال هذا الأسبوع.
وفي تصريحات سابقة، أكد الرئيس الأمريكي ترامب أن بلاده «في مفاوضات عميقة مع حركة حماس»، مضيفًا: «هذا خيار إسرائيل، وإذا لم ننجح في إخراج الجميع الآن، فسيكون الأمر سيئًا جدًا، هناك 32 قتيلًا، و20 مخطوفًا لا يزالون أحياء، لكنني سمعت أن بعضهم توفي مؤخرًا».
ردود الأفعال الإسرائيلية
على صعيد السياسة الداخلية الإسرائيلية، أكد رئيس المعارضة يائير لابيد خلال اجتماع كتلة حزبه «هناك مستقبل» أن «إسرائيل لم تتلقَ أي رد من أعلى المستويات في الدول الوسيطة، والحكومة لا تحاول حتى إدارة المفاوضات لإبرام صفقة».
وأشار لابيد إلى أن هناك صفقة اختطاف مطروحة على الطاولة يمكن تنفيذها، سواء كانت جزئية أو شاملة، وأن حركة «حماس» أبلغت الوسطاء بأنها مستعدة لكلا الخيارين.
وأضاف: «المستحيل هو عدم المحاولة على الإطلاق».
ومن جانبها، جددت حركة «حماس» التزامها بالموافقة السابقة التي أعلنتها مع الفصائل الفلسطينية على مقترح الوسطاء لوقف إطلاق النار في 18 أغسطس/آب الماضي، مؤكدة انفتاحها على أي أفكار أو مقترحات تحقق وقفًا دائمًا لإطلاق النار، وانسحابًا شاملاً لقوات الاحتلال، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، وتبادل الأسرى عبر مفاوضات جدية مع الوسطاء.
تأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه المنطقة تصعيدًا عسكريًا كبيرًا، حيث أسفر النزاع الأخير عن سقوط عشرات القتلى والجرحى في غزة والضفة الغربية.
وأشارت تقارير إلى أن المفاوضات غير المباشرة بين «حماس» والولايات المتحدة تمثل محاولة دولية لتخفيف الأزمة الإنسانية والسياسية المتفاقمة في القطاع، مع الاعتماد على الوساطات المصرية والقطرية لضمان تفعيل أي اتفاق محتمل.
كما أوضح محللون أن خطوة نقل المبادئ الأمريكية عبر وسيط إسرائيلي تمثل تغييرًا في الاستراتيجية الأمريكية، التي كانت تركز سابقًا على التواصل المباشر مع إسرائيل فقط، إذ يبدو أن واشنطن تسعى الآن لضمان مشاركة فلسطينية فعّالة في صياغة اتفاق وقف إطلاق النار طويل الأمد.

التحديات أمام الصفقة
رغم الجهود الدولية، يواجه أي مقترح للصفقة الشاملة تحديات كبيرة، من أبرزها ضمان تطبيق أي اتفاق على الأرض، والتحقق من الإفراج عن جميع المخطوفين، وتأمين انسحاب القوات الإسرائيلية، وتوفير بديل سلطوي للحركة في غزة، بالإضافة إلى إدارة الوضع في الضفة الغربية والقدس المحتلة.
كما أن الفصائل الفلسطينية داخل القطاع، إلى جانب حماس، تركز على وحدة الموقف الوطني وضمان مصالح السكان، وهو ما يفرض على الوسطاء مراعاة كافة التفاصيل السياسية والعسكرية والإنسانية عند صياغة أي اتفاق محتمل.
يشكل نقل مبادئ الصفقة الشاملة من قبل الولايات المتحدة إلى حركة «حماس» عبر وسيط إسرائيلي خطوة مهمة نحو تهدئة الوضع في غزة، لكن الطريق نحو التوصل إلى هدنة دائمة لا يزال مليئًا بالتحديات السياسية والعملية.
وتعكس هذه الجهود الدولية والإقليمية رغبة قوية في إنهاء التصعيد العسكري وإنقاذ المدنيين، مع التركيز على ضرورة استمرار المفاوضات لتحقيق حل شامل ومستدام.
إن نجاح هذه المبادرة يعتمد على التزام جميع الأطراف، وضمان مشاركة المجتمع الدولي، بما في ذلك مصر وقطر والولايات المتحدة، لضمان تطبيق أي اتفاق محتمل على الأرض بطريقة تحمي المدنيين وتعيد الاستقرار للقطاع.