شائعات وفاة ترامب تتجدد.. بين التهويل الرقمي والنفي الرسمي

في ظاهرة تعكس تنامي تأثير المعلومات المضللة على الرأي العام، عادت الشائعات لتحاصر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إذ تداولت منصات التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية مزاعم متضاربة حول حالته الصحية، تراوحت بين وفاته المفاجئة وإصابته بمرض خطير.

وبرغم ظهوره العلني ونفيه القاطع لما يتم تداوله، فإن الحملة الرقمية التي تستهدف ترامب لا تزال تتصاعد بوتيرة لافتة، مع مشاركة صور ومقاطع فيديو ومزاعم لا تستند إلى أي مصادر موثوقة.
شائعات رغم النفي... ومنصات التواصل تغذي الجدل
خلال مؤتمر صحفي عقده في البيت الأبيض يوم الثلاثاء الماضي، بدا ترامب، البالغ من العمر 79 عاماً، في حالة صحية جيدة، واصفاً الشائعات التي تزعم وفاته أو دخوله المستشفى بأنها «أخبار زائفة» تهدف إلى تشويه صورته .
لكن رغم النفي الرسمي، تصدّر وسم "#TrumpDead" منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، وتم تداوله أكثر من 104 آلاف مرة منذ يوم الجمعة، وحقق نحو 35.3 مليون مشاهدة، بحسب تحليل أجرته مؤسسة "نيوزغارد" المعنية برصد التضليل الإعلامي.

صور مفبركة وخدع بصرية
ساهمت عدة صور متداولة في تأجيج الشكوك، من بينها صورة لسيارة إسعاف مركونة أمام البيت الأبيض، زُعم أنها توثق لحظة نقل ترامب للعلاج، إلا أن التحليل الذي أجرته "نيوزغارد" كشف أن الصورة تعود إلى أبريل 2023، خلال عهد الرئيس السابق جو بايدن.
كما جرى تداول صورة لعلم البيت الأبيض منكّساً، في محاولة للإيحاء بوفاة شخصية سياسية رفيعة. غير أن الواقع يؤكد أن ترامب نفسه أصدر قراراً بتنكيس الأعلام في المؤسسات الفيدرالية والعسكرية، حداداً على ضحايا إطلاق نار في مدرسة بمدينة مينيابوليس، وهو تقليد رسمي في مثل هذه المناسبات.
ولم يتوقف الأمر عند الصور القديمة، إذ انتشرت صورة مقرّبة لوجه ترامب يُزعم أنها تُظهر آثار "سكتة دماغية حديثة"، مستندة إلى خط غامض فوق عينه. غير أن التحليل الرقمي كشف أن الصورة الأصلية خالية من أي علامات، وتم التلاعب بها عبر أدوات الذكاء الاصطناعي.
إشارات كاذبة وأدلة وهمية
في محاولة لدعم السردية الملفقة، لجأ بعض المستخدمين إلى نشر خرائط مرور تُظهر "إغلاقاً أمنياً" مزعوماً في محيط المركز الطبي العسكري "والتر ريد"، في ماريلاند، وهو المستشفى المعروف باستقبال كبار المسؤولين الأميركيين. لكن لم تسجّل أي جهة رسمية أو وسائل إعلام موثوقة حالات إغلاق من هذا النوع مؤخراً.
كما أفادت "نيوزغارد" أن الكثير من الحسابات التي روّجت لهذه المزاعم تنتمي إلى أطراف مناوئة لترامب سياسياً، أو تم تشغيلها عبر روبوتات آلية (Bots) تابعة لشبكات تضليل منظمة.
حملة مستمرة رغم النفي المتكرر
الرئيس الأميركي ترامب لم يتوانَ عن الرد المباشر، حيث كتب على منصته الخاصة "تروث سوشال" قائلاً: «لم أكن يوماً أفضل حالاً مما أنا عليه اليوم»، في محاولة منه لإخماد موجة الشائعات، التي تأتي في توقيت حساس مع اقتراب استحقاقات انتخابية مهمة.
مع ذلك، استمرت الحملة الرقمية في التوسع، منتقلة من "إكس" إلى منصات أخرى مثل "بلوسكاي" و"إنستغرام"، ما يطرح تساؤلات جدية حول قدرة الجهات التنظيمية على كبح انتشار الأكاذيب في الفضاء الرقمي، خاصة حين تتعلق بصحة شخصيات عامة بحجم ترامب.
الخلفية الانتخابية... والمفارقة مع بايدن
تأتي هذه الشائعات في سياق حرب نفسيه معقده، حيث قد بدأت قبل خوض ترامب الانتخابات الرئاسية ، في مواجهة قد تتكرر مع الرئيس جو بايدن.
ومن المفارقات أن ترامب نفسه وجّه اتهامات مماثلة للديمقراطيين خلال الحملة الانتخابية السابقة، مشككاً حينها في الحالة الذهنية والصحية لبايدن، الذي كان في الثانية والثمانين من عمره عند خروجه من البيت الأبيض في يناير 2025.
وبينما يستمر الجدل حول أعمار ترامب ونظيره السابق بايدن وحالتهم الصحية، يبدو أن ساحة المعركة السياسية الأميركية باتت ميداناً مفتوحاً ليس فقط للأفكار والبرامج، بل أيضاً للإشاعات والحروب الرقمية.