روسيا والصين تتحدان بفضل علاقات «بوتين وشي» لمواجهة أمريكا

تشهد العلاقات بين «روسيا والصين» تطورًا نوعيًا مدفوعًا بالتنسيق الوثيق بين الرئيسين «بوتين وشي جين بينغ»، ما يُعزز قدرتهما على مواجهة «النفوذ الأمريكي» المتزايد على الساحة الدولية.
وفي هذا الصدد، أفادت صحيفة «O Globo» البرازيلية، بأ الرئيس الروسي، «فلاديمير بوتين»، ونظيره الصيني، «شي جين بينغ» تمكنا من بناء علاقات تسمح للبلدين بتحدي النظام العالمي القائم على الهيمنة الأمريكية.
وأشار محللو الصحيفة البرازيلية إلى أن العلاقات بين قادة روسيا والصين تهدف إلى «إظهار الارتباط الوثيق بينهما كقادة لنظام عالمي بديل، يتحدى بالفعل الولايات المتحدة».
تعزيز التحالفات ضد أمريكا
وفي الوقت نفسه وفقا لتقديرات المحللين، أكدت المحادثة الثلاثية بين بوتين وشي جين بينغ بمشاركة رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي قبل قمة منظمة شنغهاي للتعاون أن سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فقط تساهم في تعزيز التحالفات الهادفة إلى التغلب على الاعتماد على الولايات المتحدة.
وسبق أن ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن قادة روسيا والصين والهند فلاديمير بوتين وشي جين بينغ وناريندرا مودي أظهروا وحدتهم في قمة منظمة شنغهاي، مرسلين "إشارة قوية" إلى الولايات المتحدة.
وقد عُقدت قمة منظمة شنغهاي للتعاون في تيانجين خلال الفترة من 31 أغسطس إلى 1 سبتمبر. وشارك فيها قادة أكثر من 20 دولة وممثلون عن 10 منظمات دولية. وعقب القمة، تم التوقيع على 15 وثيقة جديدة للتعاون.
روسيا والصين والهند.. تحالف متين في وجه السياسة الأمريكية
تشهد الساحة الدولية تحولات استراتيجية جديدة مع تعميق التعاون بين «روسيا والصين والهند» التي تتشكل بينها اليوم تحالف متين يجمع بين القوى الثلاث في وجه الضغوط والتحديات التي تفرضها السياسة الأمريكية. هذا التحالف ليس مجرد تكتل عابر، بل هو تعبير عن إرادة مشتركة لتعزيز المصالح الوطنية وتطوير شراكات اقتصادية وعسكرية وسياسية تستهدف تحقيق توازن جديد في النظام العالمي.
شراكة تحدي أمريكا
في مشهد لافت أمام وسائل الإعلام الدولية، تجلت وحدة نادرة بين زعماء ثلاث قوى كبرى: «الصين، والهند، روسيا»، خلال قمة منظمة شنجهاي للتعاون التي أقيمت في مدينة تيانجين شمالي الصين، مما يعكس عُمق التعاون والتنسيق بين هذه الدول في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية.
وترى صحيفة «ساوث تشاينا مورنينج بوست»، أن هذا المشهد يعكس بوضوح التوتر المتزايد بين هذه الدول والولايات المتحدة، في ظل خلافات مُتصاعدة على أكثر من جبهة.
مصافحة توحيد رمزية
وخلال أول زيارة له إلى الصين منذ سبع سنوات، أمسك رئيس الوزراء الهندي، «ناريندرا مودي»، بيد، الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين»، والرئيس الصيني، «شي جين بينج»، وجذبها إليه في إشارة رمزية للوحدة.
وأظهرت لقطات تلفزيونية «مودي» وهو يضحك مرارًا أثناء الحديث، بينما بدأت الترجمة لكلمة «بوتين» التي استهلها بعبارة: «نحن الأصدقاء الثلاثة»، قبل أن ينقطع البث القادم من المركز الإعلامي للقمة.
وفي مشهد آخر، تبادل مودي وبوتين الأحضان على السجادة الحمراء، قبل أن يتوجها سويًا نحو «شي جين بينج»، الذي كان ينتظرهما مُبتسمًا.
توتر العلاقات الهندية الأمريكية
وتأتي هذه الخطوة في وقت تشهد فيه العلاقات بين «الهند والولايات المتحدة» توترًا حادًا، خاصة بعد تصريحات الرئيس الأمريكي، «دونالد ترامب» خلال الصراع الهندي الباكستاني، حين ادعى أنه توسط لوقف إطلاق النار بين الجانبين.
وأثار تصريح مستشار ترامب للتجارة، «بيتر نافارو»، غضب نيودلهي بعدما وصف الهند بأنها «مركز ضخم لتكرير النفط وغسيل أموال الكرملين. كما فرضت الإدارة الأمريكية رسومًا جمركية بنسبة (50%) على الصادرات الهندية، ما زاد من الضغوط على حكومة مودي.
هذه التطورات دفعت نيودلهي لمحاولة إعادة ترميم علاقاتها مع بكين بعد أزمة حدودية دامية في 2020. بدأت بوادر الانفراج في قمة قازان بروسيا العام الماضي، حيث اتفق الجانبان على ترتيبات لخفض التوتر وحماية الحدود.
عزلة روسية وسط دعم محدود
وفي خطابه بالقمة، أشاد بوتين بمواقف الصين والهند، معتبرًا جهودهما «إسهامًا مهمًا في تسوية الأزمة الأوكرانية». اللافت أن أيًا من الزعيمين لم يُوجّه إدانة صريحة لموسكو بشأن الحرب في أوكرانيا، في وقت تُواجه فيه روسيا عزلة غربية وعقوبات أمريكية وأوروبية خانقة.
وعلى هامش القمة، تبادل القادة الثلاثة الأحاديث الودية، ونشرت حسابات مودي الرسمية صورًا له مع بوتين وشي جين بينج، مرفقة بتعليقات مثل: «سعيد دائمًا بلقاء الرئيس بوتين»، و«نُواصل التفاعل في تيانجين»، و«تبادلنا الرؤى مع الرئيس بوتين والرئيس شي خلال قمة منظمة شنجهاي للتعاون».
كما التقى مودي وبوتين في جلسة ثنائية لاحقة، ونُشرت صورة لهما داخل سيارة ليموزين مصفحة تقلهما إلى مقر اللقاء. من جانبه، حظي «بوتين» باستقبال حافل في الصين، حيث وصل برفقة وفد روسي كبير ضم ثلاثة نواب لرئيس الوزراء، وأكثر من عشرة وزراء، وممثلين لشركات كبرى.
تحالف استراتيجي ضد النفوذ الأمريكي
ويتضح أن التحالف بين «روسيا والصين والهند» يُمثّل منعطفًا حيويًا في المشهد الدولي، حيث تسعى هذه الدول إلى تعزيز توازن القوى في مواجهة النفوذ الأمريكي المتنامي. إن هذا التكتل المتين لا يقتصر على مصالح مؤقتة، بل ينبع من رؤية استراتيجية مشتركة تسعى إلى إعادة تشكيل النظام العالمي على أسس أكثر توازنًا وعدالة. وفي ظل التحديات المُتزايدة والتغيرات المُستمرة في السياسة الدولية، يبقى هذا التحالف قوة مُؤثرة لا يُمكن تجاهلها، مُؤطرة تعاونًا مُتعدد الأبعاد قد يُحدد مستقبل العلاقات الدولية في العقود القادمة.