مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

أوكرانيا بين النار والحل.. و«ترامب» يُعيد خلط الأوراق

نشر
ترامب و بوتين و زيلينسكي
ترامب و بوتين و زيلينسكي

بين محاولات التهدئة المُستمرة في «أوكرانيا» والتصعيد العسكري على الأرض، جاءت تحركات الرئيس الأمريكي، «دونالد ترامب»، الأخيرة لتقلب موازين المشهد وتُعيد خلط الأوراق. فعلى الرغم من عدم إدلائه بتصريحات مباشرة، فإن إشاراته السياسية واختياراته في الملف الأوكراني عكست تحوّلاً لافتًا في المقاربة الأمريكية، ما أثار تساؤلات حول مستقبل التسوية ومدى التزام واشنطن بخط الوساطات التقليدية. وبين نار الحرب واستحقاقات السلام، تتحرك الأزمة في مسار غير مألوف تقوده واشنطن بنَفَس مختلف.

أوروبا بين دعم وتراجع

وفي هذا الصدد، أفاد تقرير لموقع «أكسيوس» الأمريكي، بأن مسؤولين كبارًا في البيت الأبيض يعتقدون أن عددًا من الزعماء الأوروبيين يُظهرون دعمًا علنيًا لجهود الرئيس «ترامب» لإنهاء الحرب في أوكرانيا، بينما يعملون بهدوء على إبطاء التقدم الذي تحقق خلف الكواليس منذ قمة ألاسكا.

وبعد أسبوعين من القمة التي جمعت «ترامب وبوتين»، لم يُحرز تقدم يُذكر نحو إنهاء الحرب، إذ يُؤكّد مساعدو ترامب المُحبطون أن «اللوم يجب أن يقع على عاتق الحلفاء الأوروبيين، وليس على ترامب أو حتى الرئيس الروسي بوتين».

وبينما طلب البيت الأبيض من وزارة الخزانة الأمريكية إعداد قائمة بالعقوبات التي من المُحتمل أن تفرضها أوروبا على روسيا، بدأ مسؤولو إدارة ترامب يفقدون صبرهم على الزعماء الأوروبيين، الذين يرون أنهم يضغطون على أوكرانيا للمطالبة بتنازلات إقليمية غير واقعية من روسيا.

Putin's Alaska triumph – POLITICO
لقاء ترامب وبوتين في ألاسكا

وبحسب التقرير، فإن العقوبات التي تحث الولايات المتحدة أوروبا على تبنيها ضد روسيا تشمل وقفًا كاملًا لجميع مشتريات النفط والغاز، إضافة إلى التعريفات الجمركية الثانوية من الاتحاد الأوروبي على الهند والصين، على غرار تلك التي فرضتها الولايات المتحدة بالفعل على الهند.

زيلينسكي تحت ضغوط أوروبية

ووفقًا للتقرير، يُقال إن الأوروبيين يضغطون على «زيلينسكي» من أجل التمسك بـ«صفقة أفضل»، وهو نهج متطرف أدى إلى تفاقم الحرب، كما يزعم المقربون من ترامب.

وينقل «أكسيوس» عن مسؤول كبير في البيت الأبيض قوله: «لا يحق للأوروبيين إطالة أمد هذه الحرب والترويج لتوقعات غير منطقية، بينما يتوقعون من أمريكا تحمل التكلفة»، مُضيفًا: «إذا أرادت أوروبا تصعيد هذه الحرب، فسيكون ذلك من مسؤوليتها، لكنهم سينتزعون الهزيمة من بين فكي النصر بلا أمل».

ويعتقد المسؤولون الأمريكيون أن البريطانيين والفرنسيين أكثر إيجابية، لكنهم يشتكون من أن دولًا أوروبية كبرى أخرى تُريد أن تتحمل الولايات المتحدة التكلفة الكاملة للحرب، دون أن تُخاطر هي بنفسها.

وصرّح المسؤول الأمريكي الكبير: «التوصل إلى اتفاق هو فنّ الممكن، لكن بعض الأوروبيين لا يزالون يتصرفون كما لو كانوا في عالمٍ خيالي يتجاهلون حقيقة أن رقصة التانجو تتطلب شخصين».

صراعات داخل التحالف الغربي

وبدأ بعض المسؤولين الأمريكيين ينظرون إلى الزعماء الأوروبيين باعتبارهم «عقبة رئيسية»، على الرغم من أن ترامب عقد اجتماعا وديًا معهم ومع زيلينسكي قبل أقل من أسبوعين.

وعلى الجانب الآخر، أعرب مسؤول أوروبي كبير مشارك في المحادثات مع الولايات المتحدة بشأن الحرب الأوكرانية الروسية عن دهشته من الانتقادات الأمريكية؛ إذ يرى أن اتهام الزعماء الأوروبيين بأنهم «يُمارسون لعبة مع ترامب وأخرى خلف ظهره»، لا أساس لها في الواقع.

وأوضح المسؤول، أن «الدول الأوروبية تعمل بالفعل على فرض مجموعة جديدة من العقوبات على روسيا».

بعد قمتيه مع بوتين وزيلينسكي، كرر «ترامب» مرارًا وتكرارًا أن الخطوة التالية يجب أن تكون قمة بين بوتين وزيلينسكي.

ترامب وزيلينسكي وزعماء أوروبا في البيت الأبيض

حتى الآن، رفض الروس ذلك، كما رفض الأوكرانيون أي نقاش بشأن التنازلات الإقليمية المُحتملة ما لم يجلس الروس إلى طاولة المفاوضات.

ترامب يُظهر إحباطه العميق

لذا، بدا ترامب مُحبطًا بشكل واضح من الوضع خلال اجتماع مجلس الوزراء، الثلاثاء الماضي، وقال: «الجميع يتظاهرون. هذا كله هراء».

وتُشير الضربات الجوية الروسية الضخمة على كييف، إضافة إلى الهجمات الأوكرانية على مصافي النفط الروسية، إلى أن السلام «لم يعد أقرب».

لذلك أشارت «كارولين ليفيت»، السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، أول أمس الخميس، إلى أنه «ربما لا يكون طرفًا هذه الحرب مستعدين لإنهائها. الرئيس يُريدها أن تنتهي، لكن قادة هذين البلدين يريدونها، ويجب أن يرغبا في إنهائها أيضًا».

ترامب ينتظر مرونة الأطراف

وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض لـ«أكسيوس»: إن ترامب يُفكر جديًا في التراجع عن الجهود الدبلوماسية حتى يبدأ أحد الطرفين، أو كلاهما، في إظهار المزيد من المرونة، مُضيفًا: «سنجلس ونُراقب. دعهم يتقاتلون لبعض الوقت، وسنرى ما سيحدث».

وفي خضم صراع مُعقّد تتشابك فيه المصالح الإقليمية والدولية، يظل «ملف أوكرانيا» مفتوحًا على احتمالات مُتعددة، بين التصعيد المستمر والبحث المضني عن حل سياسي. ومع تحركات «ترامب» التي أعادت تعريف المشهد الأمريكي والأوروبي، تزداد التعقيدات وتتشابك الأوراق أكثر من أي وقت مضى. يبقى السؤال الأكبر: هل ستنجح الأطراف في تجاوز الخلافات والرهانات السياسية لإحلال السلام، أم أن الأزمة ستظل محكومة بنيران الصراع وأجندات القوى الكبرى التي تُعيد رسم خرائط النفوذ على الأرض؟