«أسطول الصمود» من برشلونة لكسر حصار غزة.. أوسع مبادرة بحرية عالمية

تستعد عشرات السفن المحمّلة بالمساعدات الإنسانية للإبحار من موانئ البحر الأبيض المتوسط، في واحدة من أوسع المبادرات البحرية العالمية منذ سنوات، بهدف كسر الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من 17 عامًا.

انطلاقة من برشلونة وتونس

من المقرر أن تنطلق أولى سفن "أسطول الصمود العالمي" في 31 أغسطس الجاري من ميناء برشلونة الإسباني، حاملة إمدادات طبية عاجلة ومساعدات غذائية أساسية، إلى جانب رسالة تضامن دولية واسعة مع سكان غزة.

وفي الرابع من سبتمبر، تلتحق القافلة المغاربية بالأسطول من موانئ تونس، وسط استعدادات مشابهة في بعض الموانئ الليبية والأوروبية، على أن تلتقي جميع السفن في المياه الدولية لتتوجه نحو شواطئ القطاع.

مشاركة واسعة ومساندة شعبية

ويشدد المنظمون على أن الأسطول المرتقب، الذي يعد الأضخم من نوعه منذ سنوات، سيمضي في رحلته إلى غزة رغم الضغوط الإسرائيلية ومحاولات التشويه التي تصف المشاركين فيه بالتطرف أو الإرهاب.

وأكدوا أن التحرك "مدني وسلمي بحت"، ويهدف بالأساس إلى إيصال الغذاء والدواء إلى السكان المحاصرين، وكسر الحصار الذي يخنق حياة أكثر من مليوني إنسان داخل القطاع.

ويفرض الاحتلال الإسرائيلي حصاراً مشدداً على غزة منذ عام 2007، إلا أن تبعاته تفاقمت بشكل غير مسبوق منذ اندلاع الحرب في أكتوبر2023، والتي أودت حتى الآن بحياة أكثر من 61 ألف شهيد و153 ألف جريح، إضافة إلى آلاف المفقودين.

كما أدى الحصار إلى تفاقم أزمة إنسانية خانقة وصلت إلى حد المجاعة، التي تسببت بوفاة مئات الفلسطينيين، بينهم عشرات الأطفال، وسط اتهامات دولية متصاعدة لإسرائيل بارتكاب إبادة جماعية وانتهاج سياسة تجويع ممنهجة بحق سكان القطاع.

بحسب اللجنة المنظمة، سجّل للمشاركة أكثر من 6 آلاف متطوع وناشط من 44 دولة، بينهم شخصيات سياسية وبرلمانية وحقوقية ونقابية وأكاديمية، إضافة إلى فنانين وإعلاميين، كما أعلنت دول مثل ماليزيا وإندونيسيا دعمًا سياسيًا للمبادرة.

ويشارك في الحملة أيضًا شخصيات بارزة عالميًا، منها الناشطة البيئية السويدية غريتا ثونبرغ، التي عبّرت عن موقفها الرافض للإبادة الجماعية في غزة، وكذلك الممثلة الأميركية سوزان ساراندون.

حملة مغاربية واسعة

في تونس، أُطلقت حملة وطنية لجمع التبرعات لتأمين الموارد المالية اللازمة لتجهيز السفن، بمشاركة منظمات مجتمع مدني ونقابات، أبرزها نقابة الصحفيين التونسيين التي أكدت دعمها الكامل للمبادرة.

وقال يوسف عجيسة، نائب رئيس اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة، إن "القافلة المغاربية تضم الجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا، وتشكل إحدى الركائز الأساسية للأسطول، إلى جانب المسيرة الشعبية العالمية، ومبادرة (صمود نوسانتارا) القادمة من شرق آسيا".

تجهيزات لوجستية وتدريب النشطاء

أوضح المنظمون أنهم يعملون على شراء سفن صغيرة وإعادة تأهيل قوارب صيد قديمة لتكون صالحة للإبحار، إلى جانب تجهيزها بالوقود والأعلام والكوادر البحرية، فضلاً عن تدريب المشاركين على المقاومة السلمية تحسبًا لأي مواجهة مع البحرية الإسرائيلية.

رسالة إلى العالم

الحملة شددت على أن الأسطول "ليس مجرد رحلة بحرية، بل حركة عالمية من أجل العدالة والحرية والكرامة الإنسانية"، داعية صانعي المحتوى حول العالم إلى توثيق الرحلة ونقل حقيقة الأوضاع في غزة إلى الرأي العام الدولي.

ومع اقتراب موعد الانطلاق، تتجه الأنظار إلى ميناء برشلونة وإلى العاصمة التونسية حيث سيتجمع المشاركون لإطلاق أوسع مبادرة بحرية في تاريخ التضامن المغاربي والعالمي مع فلسطين، وسط ترقب لموقف المجتمع الدولي وإصرار المنظمين على فتح ممر إنساني بحري يخفف معاناة سكان القطاع المحاصر منذ عام 2007.

ليس التحرك الدولي الأول لكسر حصار غزة

وتأتي هذه التحركات بعد سلسلة من الحوادث التي اعترضت فيها قوات الاحتلال الإسرائيلي سفن تضامن دولية، كان آخرها سفينة "مادلين" في يونيو الماضي، وسفينة "حنظلة" في يوليو، حيث جرى اقتيادهما إلى ميناء أسدود وترحيل ركابهما بعد احتجازهم لفترات قصيرة، في مشهد أعاد إلى الأذهان حادثة "مافي مرمرة" عام 2010، التي أسفرت عن مقتل عشرة نشطاء أتراك برصاص الجيش الإسرائيلي.

ووصلت سفينة "حنظلة" إلى مسافة 70 ميلاً بحريًا من شواطئ غزة قبل أن تقتحمها قوات الاحتلال، متجاوزة بذلك المسافات التي قطعتها بعض السفن السابقة، مثل "مافي مرمرة" التي كانت على بعد 72 ميلاً، و"مادلين" التي وصلت إلى 110 أميال، فيما سجلت سفينة "الضمير" رقماً غير مسبوق بعدما قطعت 1050 ميلاً بحريًا قبل اعتراضها.