مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

حرائق الغابات تجتاح أوروبا واتهامات بوجود أعمال إشعال متعمدة

نشر
الأمصار

تشهد أوروبا الجنوبية موجة من حرائق الغابات الكارثية، اندلعت بفعل موجة حر شديدة وعواصف رعدية، فيما تتزايد الشبهات حول أن بعض هذه الحرائق قد أُشعلت بفعل فاعل. 

حرائق الغابات تجتاح أوروبا.. وتتسبب بأضرار في منازل ومصانع | سكاي نيوز عربية

وقد أدت هذه الكوارث البيئية إلى تدمير مساحات شاسعة من الأراضي، وإخلاء آلاف السكان والسياح من منازلهم ومواقعهم السياحية، وسط حالة طوارئ تعيشها عدة دول أوروبية، على رأسها اليونان، إسبانيا، البرتغال وألبانيا.

 اليونان.. تواصل الحرائق لعدة أيام

في اليونان، تواصلت الحرائق لعدة أيام في مناطق متفرقة من البلاد، وأتت على غابات وبساتين زيتون ومنازل، مما أدى إلى حالة استنفار عامة في صفوف أجهزة الدفاع المدني، وأجبرت السلطات على إجلاء السكان في عدد من المناطق، خاصة قرب مدينة باتراس غرب أثينا.

ووفقًا للبيانات الصادرة عن مركز الأبحاث المشترك التابع للاتحاد الأوروبي، فإن ما يقرب من 440 ألف هكتار، أي حوالي 1700 ميل مربع، قد تأثر بالفعل بحرائق الغابات في منطقة اليورو خلال عام 2025، وهو ما يعادل ضعف المتوسط السنوي للفترة نفسها منذ عام 2006، ما يعكس حدة الوضع المتفاقم.

نصائح بشأن السلامة أثناء حرائق الغابات | بوابة تنشئة الأطفال

وشهدت مدينة باتراس مشاهد مأساوية، حيث تصاعدت ألسنة اللهب والدخان الأسود فوق مصنع للأسمنت اشتعل بسبب النيران التي اجتاحت المناطق المجاورة، مما أدى إلى توقف خطوط السكك الحديدية وتعليق حركة النقل.

وقال أحد المتطوعين، جيورجوس كارفانيس، الذي قدم من أثينا للمساعدة في إخماد الحرائق، إن المشهد يبدو كأنه يوم القيامة، داعيًا الله أن يُعين الناس ويساعد سكان المنطقة. وقد أُجبر حوالي 7700 شخص على إخلاء بلدة مجاورة، فيما أصدرت السلطات تحذيرات إضافية لسكان قريتين قريبتين بالإخلاء الفوري.

وفي جزيرتي خيوس وكيفالونيا السياحيتين، أصدرت السلطات أوامر مماثلة بضرورة الانتقال إلى أماكن آمنة، بعدما وصلت ألسنة اللهب إلى مناطق مأهولة بالسكان والمصطافين، مما تسبب بحالة من الذعر والفوضى.

حرائق الغابات تستعر في اليونان وإجلاء الآلاف | أخبار | الجزيرة نت

إسبانيا.. الخسائر البشرية تتزايد والحرائق "مشبوهة"

أما في إسبانيا، فقدت البلاد أحد رجال الإطفاء المتطوعين، إثر إصابته بحروق خطيرة أثناء مشاركته في مكافحة حرائق قرب بلدة نوجاريخاس وسط البلاد. وقد ارتفع عدد القتلى جراء حرائق الغابات في إسبانيا إلى ستة أشخاص منذ بداية العام، بينهم اثنان من رجال الإطفاء في منطقتي طراغونة وأفيلا.

وقالت هيئة الأرصاد الجوية الحكومية إن معظم أنحاء البلاد معرضة لخطر شديد أو مرتفع جدًا من الحرائق، بفعل موجة حرارية غير مسبوقة بلغت ذروتها عند 45 درجة مئوية في بعض المناطق.

من جانبه، حذر ألكسندر هيلد، الخبير الأوروبي في إدارة حرائق الغابات، من أن العمل في بيئات غير مجهزة يعرض حياة رجال الإطفاء للخطر، داعيًا الحكومات إلى اعتماد خطط وقائية تتضمن إنشاء مناطق عازلة وإزالة النباتات القابلة للاشتعال.

حرائق الغابات تجتاح أوروبا

وأكد هيلد أن رجال الإطفاء يُطلب منهم المجازفة بأرواحهم في بيئات خطرة، في حين أن مباني صناعية لا يسمح فيها بالعمل دون أنظمة أمان، متسائلًا عن غياب نفس الاحتياطات في الغابات.

ووفقًا لتقديرات منظمة السلام الأخضر، فإن استثمار مليار يورو سنويًا في إدارة الغابات يمكن أن يحمي حوالي 9.9 مليون هكتار، ويوفر نحو 99 مليار يورو تُنفق حاليًا على مكافحة الحرائق وأعمال الترميم اللاحقة.

وفي تطور لافت، قالت وزيرة البيئة الإسبانية سارة أجيسين لإذاعة سير إن العديد من الحرائق المنتشرة في أنحاء البلاد يشتبه في أنها أُشعلت عمدًا، نظرًا لضراوتها وتكرارها في مناطق متقاربة.

وأكدت الشرطة الإسبانية إلقاء القبض على رجل إطفاء يُشتبه في إشعاله لحرائق عمدًا في منطقة أفيلا شمال مدريد قبل أسبوعين. كما فتحت السلطات تحقيقًا مع امرأة تبلغ من العمر 63 عامًا في منطقة جاليسيا، يُشتبه في أنها أشعلت عدة حرائق محلية.

وفي مدينة قادس الساحلية الجنوبية، حددت الشرطة هوية مشتبه به يُعتقد أنه أُصيب بحروق في يديه بعد إشعال حريق صغير في مشروع تطوير عقاري بالقرب من شاطئ البحر.

إلى جانب ذلك، اندلعت حرائق في منطقة لوس روميروس شمال مدينة هويلفا نتيجة صاعقة رعدية، ما تسبب بإجلاء نحو 250 شخصًا، قبل أن يتمكن رجال الإطفاء من السيطرة على الحريق بحلول صباح الأربعاء.

حرائق غابات تهدد 3 مدن كندية... وإسبانيا تطلب مساعدة أوروبية | اندبندنت  عربية

البرتغال وألبانيا.. معاناة مشتركة

أما في البرتغال، فقد ازدادت شدة الحريق المندلع في منطقة ترانكوسو منذ يوم السبت، بعد أن أشعل البرق منطقة كان يُعتقد أنها أصبحت آمنة، مما أضاف تحديات جديدة لفرق الإطفاء التي تعمل دون توقف.

وفي ألبانيا، وصف وزير الدفاع بيرو فينجو الأسبوع الماضي بأنه كان حاسمًا، مشيرًا إلى اندلاع 24 حريقًا كبيرًا في أنحاء البلاد، شارك في مكافحتها حوالي 10 آلاف من رجال الإطفاء والجيش وقوات الشرطة ووحدات الطوارئ.

وفي مشهد إنساني مؤلم، قال هاجري دراغوتي البالغ من العمر 68 عامًا من قرية نارتي، الذي فرّ مع زوجته واصطحب بقرة وحمارًا وكلبًا، إنهم كانوا يسيرون وسط نهرين من النار، مؤكدًا أن النيران كانت تندفع من كل اتجاه، ولا يمكن فعل أي شيء، وكأن الأرض بارود.

ومع تكرار حرائق الغابات في أوروبا الصيف تلو الآخر، تتصاعد الدعوات لمواجهة الجذور العميقة لهذه الكوارث، سواء كانت بفعل التغير المناخي أو ضعف البنية التحتية للوقاية من الكوارث الطبيعية. ويؤكد خبراء أن موجات الحر الشديدة والجفاف المستمر في السنوات الأخيرة تجعل الغابات أكثر عرضة للاشتعال، فيما لا تزال بعض الدول تفتقر إلى آليات الاستجابة السريعة والتخطيط البيئي المستدام.

ويبقى السؤال مفتوحًا: هل نحن أمام ظاهرة طبيعية متسارعة نتيجة التغير المناخي، أم أن الإهمال والتخريب المتعمد يساهمان في إشعال أوروبا صيفًا بعد آخر؟