"احتلال غزة".. هل يغامر نتنياهو بمصير الرهائن ويتحدى الأمن؟

تتصاعد الأحداث في قطاع غزة مع اقتراب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من اتخاذ قرار تاريخي بتوسيع العمليات العسكرية ليشمل احتلال
القطاع بالكامل، وهو ما يهدد بالقضاء على أي فرصة لاستئناف المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار أو التوصل إلى صفقة تبادل رهائن مع حركة حماس.
تقارير إعلامية متعددة أكدت أن نتنياهو أبلغ كبار المسؤولين الأمنيين عزمه المضي نحو خطة الاحتلال الشامل، معتبرًا أن الجيش الإسرائيلي يسيطر بالفعل على ثلاثة أرباع القطاع، وأن المرحلة القادمة هي السيطرة على ما تبقى من مناطق تخضع لحماس، بما في ذلك المناطق التي يُعتقد بوجود الرهائن فيها.
وأوضحت مصادر مقربة من الحكومة الإسرائيلية أن الخطة تحظى بدعم واضح من أحزاب اليمين المتشدد، خاصة إيتمار بن غفير وتسلئيل سموتريتش، الذين يطالبون بخطوات أكثر حدة تصل إلى تشجيع الهجرة الطوعية لسكان غزة.
لكن هذا التوجه يواجه رفضًا حادًا من قادة الجيش والأجهزة الأمنية، وعلى رأسهم رئيس الأركان إيال زامير الذي يرى أن الأهداف العسكرية الأساسية قد تحققت، وأن استمرار العمليات بهذا الشكل يعرض حياة الرهائن للخطر ويستنزف الجيش بلا جدوى استراتيجية.
تقارير إسرائيلية كشفت أن زامير قد يضطر إلى الاستقالة حال فرض القرار بالقوة.
في الوقت نفسه، تتزايد المخاوف على مصير نحو 20 رهينة يُعتقد أنهم لا يزالون على قيد الحياة داخل غزة.
شهادات لعائلات الرهائن وفيديوهات بثتها حماس والجهاد الإسلامي أظهرت تدهور حالتهم الصحية، وسط مخاوف حقيقية من تنفيذ عمليات إعدام فورية إذا اقتربت القوات الإسرائيلية من مواقعهم.
هذه المخاوف تتزامن مع تدهور إنساني غير مسبوق، حيث أفادت تقارير أممية بوفاة نحو 188 شخصًا خلال 24 ساعة فقط بسبب الجوع، بينهم 94 طفلًا، في ظل استمرار الحصار وصعوبة وصول المساعدات الإنسانية.
وعلى الصعيد السياسي، تبدو مفاوضات وقف إطلاق النار في طريق مسدود. صحيفة "واشنطن بوست" أشارت إلى أن الاتصالات مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصلت إلى نقطة حرجة، بعد رفض حماس أي اتفاقات جزئية وإصرارها على وقف شامل لإطلاق النار قبل مناقشة أي تبادل للرهائن.
بينما حاول المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف تقديم مقترح لهدنة مؤقتة مع تبادل جزئي للرهائن، لكن المحاولة وُصفت من قبل عائلات الرهائن بأنها "غير فعالة".
هذه التطورات تأتي وسط ضغوط متزايدة داخل إسرائيل وخارجها.
ففي الداخل، تتصاعد الاحتجاجات بقيادة عائلات الرهائن والمنظمات الحقوقية المطالبة بوقف الحرب فورًا، بينما دعا أكثر من 550 مسؤولًا أمنيًا إسرائيليًا سابقًا، بينهم رؤساء أجهزة استخبارات، إلى إنهاء العمليات العسكرية خوفًا من تهديد الهوية الوطنية لإسرائيل ومصالحها الاستراتيجية.
أما على الصعيد الدولي، فتتصاعد التحذيرات من كارثة إنسانية حقيقية وعزلة دبلوماسية متزايدة إذا تم المضي في خطة الاحتلال الشامل.
وبينما يستعد نتنياهو لعقد اجتماعات حاسمة مع مجلس الوزراء الأمني، يقف المشهد أمام مفترق طرق: إما التصعيد نحو الاحتلال الكامل للقطاع مع ما يحمله من مخاطر إنسانية وعسكرية وسياسية، وإما الرضوخ للضغوط الداخلية والخارجية والبحث عن تسوية تحفظ ما تبقى من أوراق تفاوضية.
ومع استمرار القصف وتدهور الأوضاع، يظل مصير الرهائن والمدنيين في غزة معلقًا على قرارات الأيام القليلة المقبلة، التي قد تعيد رسم المشهد في الشرق الأوسط بالكامل.
وكانت طالب أكثر من 100 صحفي ومصور ومراسل حربي من مختلف أنحاء العالم بالسماح "الفوري وغير الخاضع للرقابة" للصحفيين الأجانب بالدخول إلى قطاع غزة لتغطية الحرب بشكل مستقل، وهو ما لم يُسمح لهم به منذ اندلاع النزاع في عام 2023.
وقد وقع الصحفيين والإعلاميين على عريضة كانت قد أنطلقت ضمن مبادرة "الحق في التغطية" والتي أسسها المصور الحربي الحائز على جوائز أندريه ليوهن، وقعها صحفيون بارزون من مؤسسات إعلامية عالمية، بينهم أليكس كروفورد (سكاي نيوز)، مهدي حسن، كريستيان أمانبور (سي إن إن)، كلاريسا وارد، والمصور الحربي الشهير دون ماكولين.
أهم بنود العريضة المقدمة من الصحفيين
وطالبت العريضة من إسرائيل وحركة حماس بالسماح بدخول الصحفيين الأجانب إلى القطاع لتغطية الحرب بشكل مستقل وشفاف، مؤكدين أن منع الصحافة الدولية من الدخول منذ بدء الحرب يشكّل انتهاكًا صارخًا لحق الجمهور في المعرفة.
كما حذرت العريضة من أنه إذا تجاهلت "الأطراف المتحاربة" هذا النداء، فإن المبادرة ستدعم دخول الصحفيين إلى غزة "بأي وسيلة مشروعة، بشكل مستقل، فرديًا أو جماعيًا، أو بالتنسيق مع منظمات إنسانية أو مدنية".
وجاء في نص العريضة:
"الوصول الحر والمستقل للصحفيين الأجانب إلى غزة أصبح ضرورة ملحة، ليس فقط لتوثيق الفظائع، بل لضمان ألّا تكون الحقيقة ملكًا لمن يحمل السلاح ويسيطر على الرواية."
وأضاف البيان: "رغم أن غزة هي الحالة الأكثر إلحاحا، إلا أنها جزء من نمط أوسع يهدد حرية الصحافة حول العالم. الدفاع عن حرية التغطية في غزة هو دفاع عن حرية الصحافة في كل مكان".
وكانت منظمات إعلامية دولية قد أصدرت بيانًا مشتركًا في يوليو الماضي، أكدت فيه أن الصحفيين في غزة يعانون من الجوع الشديد وعدم القدرة على تأمين احتياجاتهم الأساسية، رغم عملهم المستمر لصالح مؤسساتهم.
كما دعت العريضة إلى ضرورة احترام الوضع القانوني للصحفيين كأطراف محمية بموجب القانون الدولي، وحثّت الحكومات والمنظمات المعنية بحرية الصحافة على دعم هذا المطلب العاجل.
يشار إلى أن قوات الجيش الإسرائيلي قتلت منذ بداية الحرب على غزة أكثر من 230 صحافياً فلسطينياً، بينهم من استُهدف مع عائلاتهم، ودمرت عشرات المكاتب الصحافية.
في غضون ذلك، تواصل سلطات الجيش الإسرائيلي منع الصحافيين الأجانب من دخول غزة، وفق ما أوردت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا".
اجتماع حاسم ومعارضة عسكري
وعلى صعيد منفصل، من المقرر أن يعقد، اليوم نقاش أمني مصغر للحسم بشأن المرحلة التالية من القتال في غزة، ويشارك في النقاش المصغر كل من رئيس الأركان إيال زمير، ووزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمرر، ورئيس شعبة العمليات في الجيش، اللواء يتسحاق كوهين.