مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

د.أنمار الدروبي يكتب: لم يألف العقل البشري مصطلح الدجل في السياسة إلا بظهور جماعة الإخوان المسلمين!

نشر
الأمصار

تركضون كالكلاب من بلد لآخر، تتنقلون من حجرة إلى حجرة، من قبضة إلى قبضة، من مالك لمالك، ومن وثن إلى وثن، وتقبضون الثمن، لاسيما أن مرشدكم مرتزق وشيخكم قرصان.
كانت هذه المقدمة مقتبسة من قصيدة(مسافرون) للشاعر الراحل نزار قباني، ولكن تم تحويره من قبل كاتب المقال وتسقيطه على جماعة الإخوان المسلمين.
ما هو تفسير العلاقة بين الجماعة وتل أبيب؟
فن التمثيل لم يكتفي بالتعامل مع سيكولوجية المجتمع والتعامل مع مزاجه العام. فقد ذهب إلى أبعد من ذلك بتوظيفه سياسيا، لقد تطور فن الدراما لينقل المسرح من تلك الخشبة الى أرض الواقع فتتسع مساحة كتابة السيناريوهات لتشمل أغلب جوانب حياة البشر. هذا ما يحصل حاليا في التقارب الإخواني_ الإسرائيلي، لاسيما أن الإخوان يتقنون أداء أدوارهم البهلوانية وهناك مسخ من الحاشية تتقن التبجيل، إضافة لجماهير تصفق بحرارة أو تُسحق وفقا لتوجيهات المخرج الخفيّ، وهنالك أدوار جانبية لإثارة الصخب أو الفوضى من خلال إعلامهم المأجور. حقا إننا بحاجة الى شيء من الكهانة وبعض البهلوانية في علم التنجيم وقراءة الكف أو تهجين العلوم السياسية بفرض الكثير من الغيبيات والتسليم بأنها وقائع على حساب أهداف السياسة. هنا تلتقي الأهداف بغض النظر عن فقه الخرافات. عمليّا كل ما جرى ويجري على حسب الرؤيا الصهيونية_ الإخوانية المشتركة بأدق تفاصيل في محاولة الدمار والخراب وأنهار الدماء التي سالت ولا تزال تسيل الى درجة تمثيل الأسطورة بطريقة درامية لم تهمل تعدد الرايات وألوانها السوداء والصفراء والحمراء وباقي تجليات قوس قزح.
ثمة فرق كبير بين السياسة كونها علم وفقه يستند الى نظريات وتجارب عالمية تستقي من مناهل مدارسها التاريخية، وبين كونها ممارسة سوقية غالبا ما تكون متجردة عن الأخلاق عندما يتصدر الصعاليك أمثال الجماعة ومن ينحط عن الإنسانية دفة الحكم. فلا يوجد عاقل وعالم في أبجديات السياسة لم يرى تآمر الإخوان وارتباطهم الخارجي منذ تأسيس الجماعة، بل العكس تماما، أن العقل العربي يدرك بأن توغل الجماعة وتسرطنها في الجسد العربي ما كان ليحدث لولا الخنجر الغربي الذي دسه الاستعمار في قلب الأمة العربية.
بلاشك أن جماعة الإخوان المسلمين تطبق فلسفة ميكافيللي، تلك الفلسفة التي اعتبرت أن الأخلاق منقصة في السياسة. ومنذ الانحطاط الذي شرعته الميكافيللية حدث ما يسمى بفصل الدين عن الدولة. باعتبار ارتكاز الدين على منظومة أخلاقيّة تتناقض مع الممارسات الميكافيللية. هذا ما تقوم عليه غالبية الأنظمة السياسية في العالم وفق مبدأ العلمانية الذي يرفض إقحام الدين بالسياسة احتراما للعقائد الدينيّة وحريّة الإنسان في التديّن. بقيت إشكالية هذا الفصل معلقة حيال الحركات والجماعات السياسية الدينيّة على اختلاف أيديولوجياتها وأبرزهم جماعة الإخوان المسلمين. فالمصيبة الكبرى التي انتهجتها هذ الجماعة، تكمن في تبنيها للميكافيلية في سلوكها السياسي وتسترها بعباءة التديّن. فلم تبقى حيلة أو فعل إجرامي وإرهابي إلا وبررته دينيّا الى مستوى غسل عار الميكافيللية في بشاعة جرائمها وسلوكها الغير أخلاقي.


من هذا المنطلق يجب أن نفهم سياق الأحداث وما يدور على ساحة الشرق الأوسط. وبذلك يمكننا تصنيف جماعة الإخوان المسلمين، من خلال اتجاهاتها وأفكارها الرجعيّة ومن تخدم وتتبع لأي جهاز استخباري أو حكومة تمولها. في السياق ذاته، تبقى هنالك سياسة دينيّة شرعيّة معتدلة ونبيلة تنسجم مع تجليات الحضارة والتقدم العلمي ولا تتناقض مع منطق العصر استنادا لمبادئ تعلمناها من سيرة قائدنا الكريم محمد عليه الصلاة والسلام الذي جسّدت لنا سياسته حقيقة أن الأهداف والغايات النبيلة المشروعة لا يمكن أن تتحقق إلا بانتهاج وسائل نبيلة ومشروعة. لقد حذرنا قائدنا العظيم من هذه الجماعات التي تلبس ثياب التدين ووصفهم بالتشدد والجلافة وأنهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرميّة.
كما ذكرت مسبقا في إحدى مقالاتي (أن الحقيقة التي لا غبار عليها هي أن تركيبة هذه الجماعة المتطرفة وقاعدة استناد بناءها لا تتقبل التغيير بوجوب استحقاق التطور الإنساني، وأن تطلعات المجتمعات العربية تتناقض جوهريّا مع كل توجهات هذه الجماعة المتآمرة. وماتزال هذه الجماعة الظلامية مسرفة في غيّها ولا تعبأ بالنتائج المدمرة التي ستحيق بها وبمن غرها في جهلها ودعوتها الفاشيّة).
بالتالي فإن هذه الجماعة انتهت، وهي الآن في مرحلة الإنعاش السريريّة، فلم يعد قلبها المريض باستطاعته أن يضخ دماء لأذرعها، وستشلّ جميع هذه الأذرع المسرطنة بالتآمر والخيانة والإجرام. وبعد أن يلقى حتفها ستترك لها أيتاما، هؤلاء الأيتام سيتم توظيفهم من قبل دوائر الغرب التي تهتم بحقوق الأيتام وتستخدمهم في إنجاز مهمات تليق بمؤهلاتهم التي ورثوها من قادتهم المرتزقة. 
لقد بزغ فجر العالم الجديد بإشراق عهد الشعوب وتبدد الظلام الذي كان يخيّم على البشريّة.  ولعلّ بواكير هذا الفجر تجلت في الثورة الفرنسية 1789 التي ألهمت الشعوب في مبادئها ووضعت شعلتها في هشيم الغرب الأوربي لتنتشر نيرانها بفعل عواصف السياسة الى جميع بقاع الأرض، ولم تكن الحروب الكبرى وما تلاها إلا عن نتائج المتغيرات التي أحدثتها تلك الثورة.