مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

د. جبريل العبيدي يكتب: «حل الدولتين قادم لا محالة»

نشر
د. جبريل العبيدي
د. جبريل العبيدي

لعل صدور خريطة طريق تتضمن رؤية متكاملة لكيفية إنهاء الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي عبر حل الدولتين، على أن يُترك للطرفين التفاوض حول حدود الدولة الفلسطينية وملف الاستيطان ومصير القدس، من شأنه أن يُمكِّن الدول ويشجعها على الانخراط فيها، كما تشجّع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وتقدّم بخطوة، وتمخض عن ذلك إعلان رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عزم بلاده الاعتراف بالدولة الفلسطينية ودعمها لحل الدولتين، وقال بيان لمكتب ستارمر: «عازمون على حماية حل الدولتين».

مؤتمر حل الدولتين وتسوية الصراع برعاية المملكة العربية السعودية وفرنسا تمخضت عنه خريطة طريق ووثيقة في اجتماع نيويورك، التي من المحتمل أن تتبناها الجمعية العامة للأمم المتحدة، في ظل شبه ضوء أخضر أميركي بالموافقة، وحيث سُئل ترمب عن مؤتمر نيويورك فقال: «فليفعلوا ما يشاءون»، رغم تغيب أميركا وإسرائيل عن الاجتماع.

بالعودة للتاريخ، الغرب في حقبة من تاريخه دفع اليهود للهجرة إلى أرض فلسطين، واختلق لهم قصة إسرائيل وشعب الله، رغم أنه لا يوجد دليل واحد في العهد القديم أو الجديد يؤكد أن شعب الله هم اليهود الذين جاءوا إلى فلسطين أو هُجّروا إليها في عام 1948، فهو خلط لا مبرر له، وحتى لو تعاملنا مع هذه الفرضية لوجدنا أن شعب الله الذي جاء ذكره في النص الحالي من الكتاب هم عباد الرب، أي أن مَن يعبد الرب هو من شعب الله، ويؤكد ذلك ما جاء في رسالة بولس إلى أهل روما: «ليس جميع الذين هم من إسرائيل بإسرائيليين، ولا هم أبناء إبراهيم، وإن كانوا من ذريته».

من سياسات التقوقع المجتمعي التي تمنع الاندماج في دولة واحدة، الجدار الفاصل الذي تُحاول الحكومة الإسرائيلية تسويقه للعالم على أنه جدار أمني، لكن هو في الواقع ليس إلا جداراً لاعتقال شعب جائع ومشرد منذ أكثر من 50 عاماً، إضافة إلى مناخ عنصري متطرف أنتج عنصرية وعصبية صهيونية تغذيه شريعة محرّفة عن الرب في شريعة موسى عليه السلام.

ما يمنع الاندماج في دولة واحدة هو عنصرية يُغذّيها موروث ديني متطرّف، تُسوِّق له مؤسّسة صهيونيّة مكّنت جماعات إرهابيّة مثل «حركة كاخ» و«الإرغون» و«نماحيلييت» و«اليشيفا» و«كاهانا» و«أمناء جبل الهيكل» و«عصابات شتيرن» وغيرها الكثير، تنظر إلى البشر على أنهم كائنات دنيا (Inferior beings).

المتطرفون في الطرفين، الإسرائيليون لا يؤمنون بالتآخي والسلام وبدولة فلسطينية على أرض يؤمنون بأنها أرض توراتية، ويسمونها «يهودا والسامرة» وفق ما قال موشي دايان: «يجب علينا أن نمتلك كل الأراضي التوراتية»، أما أريحا التي أعطوها فكانت دائماً ملعونة في كتابهم «ملعون من يبني حجراً في أريحا».

وفي المقابل هناك المتطرفون في الطرف الآخر الذين يريدون رمي إسرائيل الحالية في البحر، ولكل هذه الأسباب هناك استحالة للبقاء في دولة واحدة، لكن الواقعية السياسية تؤكد الحل في الدولتين.

ولهذه الأسباب قتل إسحاق رابين، ومن بعده ياسر عرفات، فالرجلان حصلا على جائزة «نوبل» للسلام مناصفة لأنهما آمنا بحل الدولتين، أحدهما قُتل برصاص متطرف، والآخر حاصروه ثم قتلوه من قِبل المؤسسة العسكرية والاستخباراتية نفسها التي قتلت شريكه في السلام إسحاق رابين. واليوم هذه المؤسسة العسكرية التي يتولى أمرها متطرفون لا يؤمنون إلا بالحرب، براً وبحراً وجواً، على شعب أعزل من السلاح لا يملك حتى رشاش ماء ليسقي به زرعه الذي أفسدته دباباتهم.

تاريخياً، تعودنا من حكومات إسرائيل على إفراغ المبادرات من محتواها وتأجيلها إلى مراحل، ثم لا يتم التطبيق منها سوى أقل من 10 في المائة من محتواها، ولهذا لا بد من إلزام الحكومة الإسرائيلية بأي تفاهم دولي بشأن حل الدولتين، وإلا نصبح كمن يحرث في البحر.

نقلًا عن صحيفة الشرق الأوسط