مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

المجاعة تجتاح غزة ومحاولات دولية لخفض التوترات.. ماذا يحدث بالقطاع؟

نشر
الأمصار

في مشهد إنساني يوصف بالكارثي، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن الأهوال التي يشهدها قطاع غزة جراء الحرب بين إسرائيل وحركة حماس "لا مثيل لها في التاريخ الحديث"

وخلال كلمته أمام مجلس الأمن الدولي، الثلاثاء، أكد غوتيريش أن "مجرد مشاهدة ما يحدث في غزة كافٍ لرؤية مستوى من الموت والدمار لا مثيل له في التاريخ الحديث"، مشيرًا إلى أن سوء التغذية يتفاقم والمجاعة تطرق كل الأبواب.

وأضاف الأمين العام: "نشهد اليوم احتضار نظام إنساني قائم على المبادئ الإنسانية… يُحرم من الشروط اللازمة لعمله ومن المساحة والأمن اللازمين لإنقاذ الأرواح"، مشدداً على ضرورة إدخال كميات ضخمة من المساعدات الإنسانية فورًا إلى القطاع، لاسيما مع تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية وإصدار أوامر تهجير جديدة في دير البلح وسط القطاع.

اتهامات أوروبية وتحذيرات دولية

في اليوم نفسه، صرحت كايا كالاس، مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، بأنها أبلغت وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر بضرورة أن "يتوقف الجيش الإسرائيلي عن قتل المدنيين عند نقاط توزيع المساعدات في غزة".

وقالت كالاس عبر منصة "إكس":"قتل مدنيين يطلبون مساعدات في غزة أمر لا يمكن الدفاع عنه. جميع الخيارات مطروحة على الطاولة إذا لم تحترم إسرائيل التزاماتها."

ومن جانبها، أكدت أورسولا فون دير لايين، رئيسة المفوضية الأوروبية، أن:"استهداف المدنيين أمر غير مقبول. الصور القادمة من غزة لا يمكن تحملها. يجب أن يتوقف ذلك الآن، وعلى إسرائيل الوفاء بالتزاماتها."

الاتحاد الأوروبي كان قد أعلن قبل أسبوعين عن اتفاق مع إسرائيل لزيادة شاحنات الأغذية الداخلة إلى غزة، إلا أن المتحدث باسم المفوضية الأوروبية، أنور العوني، أكد أن "ما تم إنجازه غير كافٍ" وأن كالاس "تواصل الضغط" على إسرائيل لتسهيل تدفق المساعدات.

اتهامات أممية للجيش الإسرائيلي

وفي تقرير صادم، اتهمت المفوضية العليا للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الثلاثاء، الجيش الإسرائيلي بقتل أكثر من ألف فلسطيني أثناء محاولتهم الحصول على الطعام عند نقاط توزيع المساعدات في غزة منذ نهاية مايو/أيار الماضي.

وبحسب بيانات المفوضية: 1054 شخصًا قُتلوا حتى 21 يوليو/تموز أثناء محاولتهم الحصول على الطعام.

من بينهم 766 مدنيًا سقطوا قرب مواقع "مؤسسة غزة الإنسانية" المدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة، والتي ترفض الأمم المتحدة التعامل معها بسبب مخاوف تتعلق بالحياد ومصادر التمويل

288 آخرين قُتلوا قرب قوافل مساعدات تابعة للأمم المتحدة ومنظمات إنسانية أخرى.

وأكدت المفوضية أن هذه الأرقام تستند إلى معلومات موثوقة من فرق طبية ومنظمات إنسانية وحقوقية تعمل ميدانيًا في القطاع، مشيرة إلى أن المسؤولية المباشرة تقع على الجيش الإسرائيلي.

أزمة إنسانية تتفاقم

يأتي ذلك فيما تتزايد التحذيرات الدولية من أن استمرار العمليات العسكرية وإصدار أوامر الإخلاء، خاصة في دير البلح التي كانت تشكل متنفسًا إنسانيًا، سيؤدي إلى انهيار كامل للبنية التحتية الإنسانية، ما ينذر بكارثة أوسع نطاقًا على 2.1 مليون مدني محاصرين في غزة.

وفي ظل هذا الوضع، تتواصل المناشدات الدولية بضرورة وقف إطلاق النار فورًا، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية، وحماية المدنيين الذين باتت حياتهم معلقة بين وعود الإغاثة ونيران الحرب.

في خضم الحرب المستمرة على قطاع غزة، تواجه حركة حماس أزمة معقدة هي الأخطر في تاريخها الممتد لنحو أربعة عقود، وفق ما كشفته تقارير صحفية دولية ومصادر ميدانية فلسطينية وإسرائيلية.

وقالت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية إن الحركة التي تسيطر على غزة منذ عام 2007 تتعرض لانهيار مالي وإداري وعسكري متزامن، في ظل استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية وتدمير البنية التحتية للقطاع.

انهيار المنظومة المالية والإدارية

وبحسب مصادر تحدثت إلى الصحيفة، يشهد الذراع العسكري للحركة عجزًا غير مسبوق في دفع رواتب عناصره، ما دفعها إلى تقليص الخدمات العامة وخفض أجور عناصر الشرطة وموظفي الوزارات. 

 

 

ويأتي ذلك بينما تعاني غزة من دمار واسع ونزيف بشري مستمر، الأمر الذي فاقم الغضب الشعبي.

وأشار ضابط المخابرات الإسرائيلي السابق أوديد أيلام إلى أن حماس لم تعد قادرة على تمويل كوادرها كما في السابق، ولجأت إلى تجنيد فتيان مراهقين للقيام بمهام لوجستية مثل المراقبة وزرع العبوات الناسفة، في وقت تدهورت فيه البنية التحتية للأنفاق ومراكز القيادة، التي كانت تشكل أساس التكتيك العسكري للحركة.

 

وكشفت تقارير أن القيادي العسكري البارز محمد السنوار كان قد اضطر قبل مقتله للاختباء في غرفة ضيقة تحت أحد المستشفيات جنوب القطاع، بعد تدمير المراكز المحصنة في شمال غزة.

موارد مفقودة واعتماد على الضرائب والمساعدات

وكانت حماس تعتمد قبل الحرب على فرض الضرائب على الشحنات التجارية والسيطرة على جزء من المساعدات الإنسانية. 

ووفق شهادات فلسطينيين ومسؤولين دوليين، فرضت الحركة رسوماً تصل إلى 20% على البضائع، وصادرت بعض الشحنات وأعادت بيعها بأسعار مرتفعة، ما أثار استياءً واسعاً بين السكان.

مصادر اقتصادية في غزة أكدت أن الحركة ضغطت على السوق للتحكم في المعروض ورفع الأسعار، كما استفادت من تمكين تجار مقربين منها من بيع السلع بأسعار مضاعفة.

 لكن مع استئناف الحرب في مارس الماضي وتوقف الشحنات التجارية والمساعدات، تراجعت موارد الحركة بشكل حاد، خاصة بعد إنشاء «مؤسسة غزة الإنسانية» المدعومة من واشنطن وتل أبيب والتي أعادت تنظيم توزيع المساعدات بعيدًا عن سيطرة الحركة.