الإمارات وتركيا.. زيارات متبادلة لتنمية العلاقات الاستراتيجية

بدأ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، زيارة دولة إلى أنقرة، تلبية لدعوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

ويبحث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال الزيارة مع الرئيس رجب طيب أردوغان مختلف جوانب التعاون والعمل المشترك بما يخدم أولويات التنمية في البلدين.
العلاقات الإماراتية-التركية
وقد شهدت العلاقات الإماراتية-التركية منذ نهاية عام 2021 نقلة نوعية تزامنت مع زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، لتركيا. ومنذئذ، تم عقد عدة لقاءات قمة بين قيادتي الدولتين، إضافة إلى عدد كبير من الزيارات المتبادلة بين مسؤوليهما.
-الاتفاقيات الاستراتيجية والتعاون الدفاعي
وتتفق الدولتان في توجهاتهما الخارجية نحو الغرب والشرق، وفي رغبتهما في إرساء عالم متعدد الأقطاب. وتُعطي الدولتان الأولوية للتنمية الاقتصادية، وتصفير المشكلات، وتنويع الشراكات، والاستقرار الإقليمي.
ومؤخراً، تم دعم التعاون الدفاعي والأمني بين الدولتين، حيث تم توقيع عقود لتوريد المُسيّرة التركية «بيرقدار آفنجي» وأسلحة أخرى لدولة الإمارات. وشاركت شركات الدفاع الإماراتية في معرض «ساها إكسبو» التركي في أكتوبر الفائت، وتم التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم والاتفاقيات مع نظيراتها التركية. وانخرطت قوات الدولتين في تدريبات جوية مشتركة مؤخراً. وعلى هامش المعرض الدولي للصناعات الدفاعية بإسطنبول (يوليو 2023)، تم توقيع اتفاقية جديدة للتعاون الدفاعي بين تركيا ودولة الإمارات، وبالتحديد بين مجموعة الدفاع والطيران بمركز الشرق الأوسط للصناعة والتجارة التركي، وشركة «بلاك كوبرا» للتجهيزات العسكرية في أبوظبي، بهدف إنشاء خريطة طريق لأنشطة تطوير الأعمال المشتركة مع الشركات التركية الصغيرة والمتوسطة، ونقل التكنولوجيا وإقامة شراكات استراتيجية بين الطرفين.
ويتنامى التعاون بين الشركات الدفاعية الإماراتية، وعلى رأسها «إيدج» وكاليدس إيروسبيس، ونظيراتها التركية، في مجال التدريب، وتطوير وتوريد الأسلحة والذخائر، والإنتاج المشترك، ونقل التكنولوجيا، ودخول الأسواق في الشرق الأوسط وإفريقيا. بل إنّ «إيدج» أنشأت مكتباً جديداً لها «ملاذ»، لتسهيل التعاون مع الشركات التركية.
وقد قام مكتب «ملاذ» بتوقيع مذكرة تفاهم مع شركة «إيرا آر إف تكنولوجيز» التركية، للتعاون في مجال تطوير أنظمة الاتصال عبر الأقمار الاصطناعية والمحطات الأرضية.
كما وقّعت «كاليدس» اتفاقية مع شركتي «أسيلسان» و«هافلسان» التركيتين للتعاون في الإنتاج المشترك والابتكار التكنولوجي وتحديث الطائرات ذات الأجنحة المروحية والثابتة.
-التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين
توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين، والتي دخلت حيز التنفيذ مطلع سبتمبر/أيلول من العام نفسه، الأمر الذي يبرز النقلة النوعية التي وصلت إليها علاقات البلدين، ويؤكد مضي علاقات البلدين إلى مستقبل زاهر.
إعلان اتفاق مشترك لإنشاء "لجنة استراتيجية عليا" بين دولة الإمارات وتركيا.
كما شهد الزعيمان تبادل نحو 15 مذكرة تفاهم واتفاقية بقيمة تبلغ 50.7 مليار دولار، تستهدف تنويع مجالات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين وتوسيع آفاقها بما يحقق تطلعات البلدين إلى النمو الاقتصادي والازدهار المستدامين، وخلال تلك الزيارة منح الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "وسام زايد"، الذي يعد أعلى وسام تمنحه دولة الإمارات لقادة الدول وملوكها ورؤسائها، تقديراً للجهود التي بذلها في تعزيز علاقات الصداقة والتعاون الثنائي بين البلدين وازدهارها على جميع المستويات.
كما أهدى أردوغان الشيخ محمد بن زايد آل نهيان سيارة من نوع "توغ" الكهربائية من الصناعات الوطنية التركية، تعبيراً عن اعتزازه بالعلاقات المتينة التي تجمع البلدين.
وتعد الشراكة الاقتصادية بين دولة الإمارات وتركيا هي أهم ما يُميز العلاقات بينهما. فقد تجاوز حجم التجارة الثنائية (غير النفطية) بين البلدين نحو 20 مليار دولار في عام 2023، بزيادة قدرها 107% مقارنة بعام 2022. وتعتبر دولة الإمارات أكبر شريك تجاري خليجي وثاني أكبر شريك عربي لتركيا، والمحور الاستراتيجي للتجارة التركية مع دول الخليج وآسيا. كما تأتي تركيا بين أكبر 10 شركاء تجاريين لدولة الإمارات.
وتُعد الإمارات بين الدول الـ15 الأعلى في مجال الاستثمار المباشر في تركيا، حيث بلغت الاستثمارات 5.6 مليار دولار في الفترة (2002-2023). وهناك نحو 600 شركة إماراتية تعمل في تركيا، معظمها (90%) شركات صغيرة ومتوسطة الحجم. وتركز الاستثمارات الإماراتية على قطاعات الطاقة التقليدية والمتجددة، والتكنولوجيا، والتمويل، والمصارف، وتشغيل الموانئ، والقطاع السياحي، والخدمات، فيما تُركز الاستثمارات التركية على قطاعات الخدمات والدفاع. وتقترب الدولتان من التوصل إلى اتفاق بشأن تشغيل أبوظبي ميناء إزمير على بحر إيجة، الذّي يُعد من أكبر موانئ البلاد من حيث حجم الحاويات وحمولة البضائع.
أجندة المباحثات المرتقبة بين الرئيسين
وخلال الزيارة الرسمية، التي يقوم بها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى تركيا ، من المقررأن يبحث الرئيس الإماراتي مع نظيره رجب طيب أردوغان مختلف جوانب التعاون والعمل المشترك بما يخدم أولويات التنمية في البلدين، إضافة إلى مجمل القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك.
وتعد المباحثات المرتقبة بين الزعيمين خلال الزيارة هي الثالثة خلال شهر، بعد المباحثات الهاتفية التي جمعتهما يومي 13 يوليو الجاري، و17 يونيو الماضي، وتم خلالهما بحث التعاون والعمل المشترك في جميع المجالات التي تعزز التنمية والتقدم في البلدين وتسهم في تحقيق مصالحهما المشتركة، وذلك في إطار العلاقات الوثيقة والشراكة الاقتصادية الشاملة التي تجمع البلدين.
وأكد الزعيمان حرص البلدين على دعم جميع الجهود والمساعي المبذولة لتحقيق السلام والاستقرار الإقليميين بما يعود بالنماء والازدهار لجميع شعوب المنطقة.
أيضا يعد اللقاء المرتقب خلال الزيارة هو ثاني لقاء بين الزعيمين خلال 8 شهور، بعد اللقاء الذي جمعهما في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي على هامش مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ"COP29" في أذربيجان ، وتم خلاله بحث العلاقات بين البلدين وسبل تعزيزها في مختلف المجالات بما في ذلك الطاقة المتجددة والاستدامة والعمل المناخي ما يخدم المصالح المشتركة للجانبين.
ويرتقب أن تعطي القمة التي يعقدها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والرئيس التركي اليوم الأربعاء دفعة جديدة لعلاقات البلدين لتعزيز الشراكة بين بينهما، والانطلاق بالعلاقات إلى مستقبل واعد يدعم ازدهار ورخاء واستقرار البلدين والمنطقة.