مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

الضفة الغربية في مهب الريح.. إغاثات دولية بسبب الكارثة الإنسانية المحتدمة

نشر
الأمصار

في تحذير شديد اللهجة، أعلنت الأمم المتحدة أن مستويات النزوح في الضفة الغربية وصلت إلى أرقام غير مسبوقة منذ عام 1967، وسط عمليات عسكرية إسرائيلية مكثفة وهجمات متصاعدة من قبل المستوطنين، في وقت تشهد فيه غزة انهيارًا كاملًا في القطاع الصحي، مع تفاقم الأوضاع الإنسانية إلى مستويات كارثية.

نزوح جماعي يهدد وجود الفلسطينيين في الضفة الغربية

أكدت منظمة الأمم المتحدة، الثلاثاء، أن العملية العسكرية الإسرائيلية المستمرة شمال الضفة الغربية، والتي بدأت في يناير الماضي تحت مسمى "الجدار الحديدي"، قد تسببت في نزوح عشرات الآلاف من الفلسطينيين. ووصفت الأمم المتحدة الوضع بأنه الأخطر منذ عام 1967، في إشارة إلى حرب الأيام الستة التي انتهت باحتلال إسرائيل للضفة الغربية.

وقالت جولييت توما، المتحدثة باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، في مؤتمر صحفي من الأردن، إن العملية العسكرية تُعد الأطول منذ الانتفاضة الثانية، وتؤثر بشكل مباشر على عدد كبير من مخيمات اللاجئين في شمال الضفة الغربية، متسببة في "أكبر حركة نزوح جماعي منذ أكثر من نصف قرن".

مفوضية حقوق الإنسان: ما يحدث قد يُصنف كـ"تطهير عرقي"

في بيان مقلق، حذّرت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان من أن النزوح القسري الجماعي للفلسطينيين على يد القوات الإسرائيلية قد يرقى إلى مستوى "تطهير عرقي"، ما يفتح الباب أمام انتقادات دولية وتحقيقات محتملة.

وصرّح المتحدث باسم المفوضية، ثمين الخيطان، بأن نحو 30 ألف فلسطيني ما زالوا مهجّرين قسريًا منذ بدء العملية العسكرية في يناير، فيما تم إصدار أوامر بهدم أكثر من 1400 منزل شمال الضفة الغربية فقط، واصفًا هذه الأرقام بأنها "مقلقة للغاية".

وأضاف أن عمليات الهدم شردت ما لا يقل عن 2907 فلسطينيين منذ أكتوبر 2023، في حين تسبب عنف المستوطنين في تهجير 2400 فلسطيني آخرين، نصفهم تقريبًا من الأطفال. وأكد أن هذه الإجراءات تُسهم بشكل مباشر في تفريغ مناطق كاملة من السكان الفلسطينيين.

تصاعد عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين

شهدت الضفة الغربية في النصف الأول من عام 2025 تصاعدًا كبيرًا في وتيرة العنف، حيث وثّقت المفوضية 757 هجومًا شنه مستوطنون إسرائيليون، بزيادة نسبتها 13% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وأسفرت تلك الهجمات عن إصابة 96 فلسطينيًا في يونيو فقط، وهو أعلى رقم شهري يُسجّل منذ أكثر من عقدين.

وترتبط هذه التطورات بتصاعد التوترات عقب الهجوم الذي شنّته حركة حماس على إسرائيل في أكتوبر 2023، والذي أشعل فتيل الحرب في غزة، وامتدت تداعياته إلى الضفة الغربية.

ووفق بيانات الأمم المتحدة، قُتل 964 فلسطينيًا في الضفة الغربية والقدس الشرقية منذ أكتوبر، بينما لقي 53 إسرائيليًا مصرعهم في هجمات فلسطينية أو اشتباكات، من بينهم 35 في الضفة الغربية و18 داخل إسرائيل.

غزة تحت النار.. انهيار طبي وإنساني شامل

في الوقت الذي تتفاقم فيه المعاناة في الضفة، يشهد قطاع غزة كارثة صحية غير مسبوقة، حيث حذّرت منظمة "أطباء بلا حدود" من أن القطاع الصحي هناك على وشك الانهيار الكامل.

وقالت منسقة البرامج لدى المنظمة، في تصريحات صادمة من قلب الحدث، إن "الاحتياجات الطبية للسكان في غزة هائلة وتتجاوز قدراتنا اليومية بشكل كبير". وأضافت: "نحاول جهدنا، لكننا نواجه تحديات تفوق طاقتنا، خاصة في ظل النقص الحاد في الإمدادات، وتعطيل دخول المساعدات الإنسانية والطبية".

مساعدات متأخرة ومصابون بلا علاج

وأكدت المسؤولة الأممية أن الكثير من شحنات الإغاثة تبقى عالقة أو تصل متأخرة، ما يفقدها فعاليتها في حالات الطوارئ. وأوضحت أن النساء، الأطفال، ومرضى الأمراض المزمنة هم الفئات الأكثر تضررًا من هذا الانهيار.

وطالبت بوقف فوري للعمليات العسكرية في غزة، قائلة: "استمرار العدوان لا يُنتج إلا الجثث والمعاناة"، مشددة على ضرورة تدخل المجتمع الدولي لفرض وقف إطلاق النار قبل أن تتدهور الأمور بشكل لا يمكن إصلاحه.

نداء استغاثة من منظمة أطباء بلا حدود

المدير الطبي للمنظمة أشار أيضًا إلى عجز كامل عن التعامل مع الحالات الطبية المعقدة، نتيجة نقص الأدوية والتجهيزات، قائلًا: "نحن نتعامل مع كارثة طبية بكل المقاييس".

وأضافت المنظمة أن الوضع الإنساني يزداد سوءًا كل دقيقة، خصوصًا بعد انهيار اتفاق وقف إطلاق النار، ما زاد من حدة القصف وعدد الإصابات اليومية بين المدنيين.

واختتمت منسقة البرامج تصريحها بعبارات مؤثرة قالت فيها:"لم أشهد في حياتي شيئًا مماثلًا لما يحدث الآن في غزة. عدد الإصابات، كثافة القصف، وغياب أبسط التجهيزات الطبية يجعل من الوضع جحيمًا لا يُطاق".

 

أزمة مركبة تهدد الاستقرار الإقليمي

 

التقارير الأممية التي توالت في الساعات الماضية، تكشف عن أزمة متعددة الأبعاد، لا تقتصر فقط على الجانب العسكري، بل تشمل أيضًا أبعادًا إنسانية، صحية، وحقوقية.

ويبدو أن الوضع في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة يتجه إلى مزيد من التعقيد، ما لم تتدخل قوى دولية كبرى للحد من التصعيد، وضمان توفير ممرات إنسانية عاجلة، ووقف فوري لإطلاق النار.

كما يتزايد الضغط على المجتمع الدولي، خاصة بعد التقارير التي تتحدث عن مؤشرات تطهير عرقي في مناطق فلسطينية، مما يهدد بانفجار سياسي وقانوني قد يمتد أثره إلى أروقة المحاكم الدولية والهيئات الأممية.