حرائق اللاذقية تخرج عن السيطرة.. كارثة بيئية تُلهب الساحل السوري

وسط مشاهد مأساوية تحبس الأنفاس، تقف غابات ريف اللاذقية في سوريا على خط النار، تلتهمها ألسنة اللهب دون هوادة، وتحوّل آلاف الهكتارات من الأشجار الكثيفة إلى رماد، بينما تلهث فرق الإطفاء خلف نيران جامحة خرجت عن السيطرة.

أربعة أيام من الحرائق المستعرة وضعت البلاد أمام واحدة من أسوأ الكوارث البيئية في تاريخها الحديث، فيما تحولت السماء إلى سحابة من الدخان، واختلط صوت صفارات الإطفاء بنداءات الاستغاثة.
ومع اشتداد الرياح واتساع رقعة النيران، تسابق السلطات الزمن، مدعومةً بفرق إقليمية من الأردن وتركيا، في معركة لا تزال مشتعلة على الأرض، وعلى قلوب السوريين.

وقد أعلنت وزارة الطوارئ وإدارة الكوارث السورية أن أكثر من 10 آلاف هكتار من الغابات والأحراج قد تحولت إلى رماد في 28 موقعاً مختلفاً، في واحدة من أسوأ الكوارث البيئية التي شهدتها البلاد خلال السنوات الأخيرة. وأوضح وزير الطوارئ، رائد الصالح، أن مئات الآلاف من الأشجار الحراجية قد أتلفت بالكامل، مشيرًا إلى أن الوضع مأساوي للغاية.
في السياق نفسه، تم إجلاء عدد من القرى في ريف اللاذقية تحسبًا لامتداد النيران إلى المناطق السكنية، بينما تشارك أكثر من 80 فرقة من الدفاع المدني السوري وفرق الإطفاء الحراجي التابعة لوزارة الزراعة، إلى جانب 60 آلية إطفاء و12 آلية هندسية ثقيلة لتقسيم الغابات وفتح خطوط النار أمام سيارات الإطفاء.

وأكدت السلطات أن سرعة الرياح ووعورة التضاريس أسهمتا في تعقيد عمليات السيطرة على الحرائق، ما استدعى تعزيزات خارجية، حيث وصلت صباح اليوم فرق من الدفاع المدني الأردني إلى الأراضي السورية للمشاركة في عمليات الإطفاء، كما أُرسلت طائرات ومعدات مختصة من الأردن للمساعدة من الجو. بالتوازي، وصلت 11 آلية للدفاع المدني التركي ومروحيتان بعد تنسيق مع الجانب السوري، لدعم الجهود المحلية في إخماد الحرائق.
وقد أعلنت وزارة الطوارئ السورية عن تشكيل غرفة عمليات ميدانية مشتركة بالتعاون مع منظمات مدنية محلية لتنظيم الدعم اللوجستي وتأمين نقل المياه وتدريب متطوعين على التعامل مع النيران، إضافة إلى دعم الفرق الميدانية بآليات ثقيلة للمساهمة في السيطرة على انتشار اللهب.

وقال الوزير الصالح في منشور على منصة "إكس": "نأسف على كل شجرة احترقت، كانت مصدرًا للهواء النقي لنا ولأجيالنا القادمة، ونثمّن عالياً ما تقدمه الفرق من تضحيات في هذه المواجهة الشرسة".
وفي ظل استمرار الحرائق، تبقى أعين السوريين شاخصة نحو الغابات المنكوبة، وسط دعوات رسمية وشعبية لمزيد من الدعم الدولي والمساعدة العاجلة لتفادي كارثة بيئية أكبر.