وقف إطلاق النار.. أمل يراود الفلسطينيين في غزة

بينما انشغل العالم خلال الأيام الماضية بتصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل، وما تبعه من تحليلات حول جبهات الصراع الجديدة في المنطقة، بقيت غزة، كما اعتادت، خارج دائرة الضوء.
هناك حيث الموت ما زال يحوم فوق الرؤوس، والجوع يتربص بالأجساد، والألم لا يعرف راحة.
غزة خارج العناوين.. لكنها في قلب المعاناة
رغم انشغال العالم بجبهات صراع أخرى، يواصل الجيش الإسرائيلي استهداف المدنيين الفلسطينيين بشكل مباشر، لا سيما عند نقاط انتظار المساعدات الإنسانية، فيما بات يُعرف بـ"مجازر المساعدات" اليومية، خاصة في محوري نتساريم والمناطق الغربية لمدينة رفح جنوب القطاع.

وفي مجزرة جديدة مساء أمس، استقبل مستشفى العودة في مخيم النصيرات أكثر من 10 شهداء ونحو 50 جريحًا، بعضهم لا تزال هويتهم مجهولة، نتيجة استهداف مباشر من قناصة الاحتلال وآلياته العسكرية في محور نتساريم.
ولم تتوقف الاعتداءات عند ذلك، بل شنت الطائرات الحربية الإسرائيلية خلال ساعات الليل وفجر اليوم سلسلة من الغارات طالت منازل المدنيين في مخيم دير البلح، وأسفرت عن استشهاد خمسة أشخاص، إضافة إلى عدد آخر – بينهم أطفال – سقطوا في قصف استهدف منزلاً بمنطقة أرض المفتي في النصيرات.
كما امتدت الغارات إلى مناطق خانيونس، تزامنًا مع استمرار القصف المدفعي شمال القطاع، وخاصة في بيت لاهيا ومنطقة السلاطين، إلى جانب عمليات توغل إسرائيلية واسعة في مناطق شرق مدينة غزة، مثل حي الزيتون والتفاح والشجاعية، إضافة إلى البلدة الشرقية في جباليا.
وسط هذا التصعيد، تستمر أزمة نقص المواد الأساسية، ما يدفع المواطنين للمخاطرة والتوجه نحو مراكز المساعدات الأمريكية رغم إدراكهم لخطر الاستهداف، على أمل الحصول على ما يسد رمقهم، في مشهد يومي تتكرر فيه المجازر بحق من يحاول النجاة.
"نحن نحب الحياة"... رسالة من تحت الركام
ورغم كل هذا الألم، لم تنطفئ جذوة الأمل لدى الفلسطينيين، الذين تلقفوا خبر وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل بتفاؤل حذر، لعل ذلك يعيد الأنظار إلى معاناتهم المتواصلة منذ أكثر من عام.
يقول أحد سكان القطاع: "نحن نحب أن نعيش، نحب الحرية، لا نحب القتل ولا العنف. إذا كان وقف إطلاق النار ممكنًا بين إيران وإسرائيل، فهو ممكن هنا أيضًا. نحن شعب يستحق أن يُنعم بالسلام".
في خان يونس، حيث لم يبقَ من البيوت سوى الركام، يجلس أطفال يصنعون ألعابهم من الحجارة والخشب، يواجهون القصف ببراءة، ويرفضون أن تُسرق طفولتهم. أما الكبار، وقد أرهقهم الجوع والنزوح، فلا ينتظرون شيئًا سوى إعلان وقف دائم لإطلاق النار.
بين القصف والأمل

ثلاثة عشر شهرًا مضت على بدء العدوان، ولا يملك الفلسطينيون سلاحًا سوى الأمل.
أمل في هدنة حقيقية، تعيد إليهم ما تبقى من حياة، وتمنحهم فرصة لترميم ما دمرته الحرب. فوقف إطلاق النار بين أطراف إقليمية كبرى، لا يجب أن يُنسينا أن هناك شعبًا محاصرًا يصرخ منذ شهور، وينتظر إنصافًا طال غيابه.