الإرهاب يظهر من جديد في الساحل
ما هي جماعة "نصرة الإسلام"التي تتبنى الهجمات الارهابية في الساحل الإفريقي؟

جماعة نصرة الإسلام والمسلمين هي منظمة عسكرية جهادية، تكونت في 3 جمادى الآخرة 1438 هـ / 2 مارس 2017 م بعد اندماج أربع حركات مسلحة مشاركة في الصراع في شمال مالي.

إمارة الصحراء التابع لتنظيم القاعدة
وصفت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين نفسها بأنها الفرع الرسمي لتنظيم القاعدة في مالي.
وفي عام 2017، اتحد كل من فرع إمارة الصحراء التابع لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وجماعة المرابطون، وجماعة أنصار الدين، وجبهة تحرير ماسينا لتشكيل جماعة نصرة الإسلام والمسلمين.
وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين، التي يمتد نفوذها إلى مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو، هي مسؤولة عن العديد من الهجمات وعمليات الاختطاف.
هجمات متكررة
في شهر يونيو/حزيران من عام 2017، شنت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين هجوما على منتجع يرتاده الغربيون خارج مدينة بامكو، كما كانت مسؤولة عن تنفيذ العديد من الهجمات المنسقة واسعة النطاق في العاصمة واغادوغو في يوم 2 مارس/آذار من عام 2018.
وفي سبتمبر/أيلول، قامت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين بتفجير لغم أرضي تحت حافلة لنقل الركاب في وسط مالي، ما أسفر عن مقتل 14 مدنيا وإصابة 24 آخرين.

في يوم 6 سبتمبر/أيلول من عام 2018، صنَّفت وزارة الخارجية الأمريكية جماعة نصرة الإسلام والمسلمين كمنظمة إرهابية أجنبية بموجب القسم 219 من قانون الهجرة والجنسية، بصيغته المعدلة.
و في يوم 5 سبتمبر/أيلول من عام 2018، صنَّفت وزارة الخارجية الأمريكية جماعة نصرة الإسلام والمسلمين بشكل خاص ككيان إرهابي عالمي بموجب الأمر التنفيذي رقم 13224، بصيغته المعدلة.
حظر جميع ممتلكات جماعة نصرة الإسلام والمسلمين
ونتيجة لهذا التصنيف، تم حظر جميع ممتلكات جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، والفوائد العائدة عليها التي تخضع للولاية القضائية الأمريكية، وتم منع الأمريكيين بوجه عام من إجراء أي معاملات مع جماعة نصرة الإسلام والمسلمين. كما يدخل في إطار الجريمة كل من الدعم المتعمد عن علم، أو محاولة توفير الدعم المادي، أو الإمكانيات المادية، أو التآمر لتوفيرهما لجماعة نصرة الإسلام والمسلمين.
سلسلة من الهجمات المنسقة في بوركينا فاسو ومالي
في الخامس عشر من مايو 2025، أعلنت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، المرتبطة بتنظيم القاعدة، مسؤوليتها عن سلسلة من الهجمات المنسقة في بوركينا فاسو ومالي، أسفرت عن مقتل العشرات، من بينهم 60 جنديًا في هجوم على قاعدة عسكرية ببلدة سولي شمال بوركينا فاسو. وجاء ذلك بعد أيام فقط من هجوم واسع النطاق.

و في الحادي عشر من مايو 2025، استهدف مناطق عدة شمال البلاد، وأدى إلى مقتل أكثر من 100 شخص، ما جعله أحد أكثر الهجمات دموية خلال هذا العام. وشهدت بلدة جيبو، المحاصرة منذ سنوات، معارك عنيفة تخللها استخدام مكثف للأسلحة الثقيلة، وسط تقارير عن انهيار مواقع للجيش وتقدم ميداني ملحوظ للمسلحين.
وقد أظهرت هذه التطورات تنامي القوة العسكرية والتنظيمية للجماعة، في مقابل تراجع واضح لدور الدولة وعجز القوات الحكومية عن فرض السيطرة أو حماية المدنيين، ما يعكس بوضوح حجم الأزمة الأمنية في منطقة الساحل الإفريقي.
وفي هذا الصدد، صنّف تقرير "مؤشر الإرهاب العالمي" لعام 2024 منطقة الساحل الإفريقي كأخطر بؤر الإرهاب في العالم للعام الثاني على التوالي، إذ سقط فيها أكثر من نصف ضحايا الهجمات الإرهابية عالميًا، بواقع 3885 قتيلًا من أصل 7555، واعتُبرت مالي والنيجر وبوركينا فاسو الأكثر تضررًا.
و في ظل تصاعد نفوذ جماعتي "نصرة الإسلام والمسلمين" التابعة لتنظيم القاعدة الإرهابي، و"داعش في الصحراء الكبرى"، اللتين تتصارعان على النفوذ، وتوسعان عملياتهما نحو دول غرب إفريقيا.
لماذا تنشط جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" في الساحل الإفريقي؟
يندرج تحت هذا السؤال السابق العديد من التحليلات والتفسيرات حو نشاط تلك الجماعة الإرهابية في الساحل الإفريقي والذي قد يمكن تناوله في النقاط التالية:-
تدخُل دولي حاسم يُعيد التوازن: في حال توحدت القوى الدولية الكبرى مثل فرنسا وروسيا وأمريكا واتفقت على تنسيق الجهود الأمنية بشكل فعّال، مع تقديم دعم حقيقي للجيوش الوطنية في دول الساحل، فقد يشهد الوضع الأمني تحولًا إيجابيًا، مما يساهم في استعادة الأراضي التي تحت سيطرة الجماعات المسلحة، بما في ذلك نصرة الإسلام والمسلمين، كما يمكن أن تساهم في احتواء توسع الجماعة. لكن نجاح هذا السيناريو يتطلب تنسيقًا حقيقيًا بين القوى الدولية والمحلية، وتفادي الانقسامات الجيوسياسية التي قد تضعف هذه الجهود.

اندماج سياسي محدود من بعض الفصائل: في حال فشل الحل العسكري واستمرار تصاعد الضغط المحلي والدولي، قد يُطرَح خيار إدماج بعض الفصائل المحلية من جماعة نصرة الإسلام والمسلمين في العملية السياسية كحل وسط، وقد يشمل هذا الخيار فصائل مثل حركة ماسينا التي تتمتع بدعم قبلي محلي وتركز على القضايا العرقية والقبلية في منطقة وسط مالي.
في حال أبدت هذه الفصائل استعدادًا للحوار، قد يتم التفاوض معها على وقف العنف مقابل الاعتراف السياسي بها ودمجها في العملية السياسية. هذا السيناريو قد يكون مشابهًا لما حدث مع حركات سابقة في منطقة أزواد، حيث تم التوصل إلى اتفاقات مؤقتة مع بعض الجماعات الجهادية المحلية في الماضي. ومع ذلك، فإن نجاح هذا السيناريو يعتمد على قبول الفصائل المسلحة شروط التسوية والقدرة على تنفيذ الاتفاقات بشكل عملي.

وفي هذا الوقت تتصاعد الهجمات التي تشنها تلك الجماعة في الساحل الإفريقي مع غياب تام للمنظمات الدولية التي تدين تلك الهجمات ومع انشغال المجتمع الدولي في العديد من القضايا الأخرى مثل حرب روسيا وأوكرانيا وحرب الإبادة الجماعية في غزة والصراع الناشب في كشمير بين الهند وباكستان ، يزداد نشاط تلك الجماعة في الساحل الإفريقي.