مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

د. عبد الله فيصل آل ربح يكتب: «تخطي تل أبيب»

نشر
د. عبد الله فيصل
د. عبد الله فيصل آل ربح

وُصفت زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للمنطقة، بأنها تاريخية على مستويات عدة. ركزت وسائل الإعلام على الصفقات النوعية بين ترمب ودول الخليج الثلاث التي زارها، مع تركيز أكبر على صفقات الذكاء الاصطناعي في المملكة؛ غير أن كلّ ذلك يتمحور حول ما فعله ترمب، من دون الحديث عمّا لم يفعله، وما ترتب على ما لم يفعل!

في خطوة غير مسبوقة لرئيس أميركي يزور منطقة الشرق الأوسط، لم يتوقف ترمب في تل أبيب ليلتقي المسؤولين الإسرائيليين الذين هم بحاجة لدعمه السياسي، في ظل استمرار حربهم الوحشية على الشعب الفلسطيني تحت ذريعة محاربة حركة «حماس». بل زاد على ذلك بخطوات أبعد يمكن وصفها بأنها تهميش لإسرائيل في حسابات إدارة ترمب. فقد واصلت الإدارة الجمهورية إجراء محادثات مع إيران، وأعلنت وقف إطلاق النار مع الحوثيين في اليمن، وأجرت مفاوضات أحادية الجانب لإطلاق سراح الجندي الإسرائيلي - الذي يحمل الجنسية الأميركية - عيدان ألكسندر من أسر «حماس»، إضافة لرفع العقوبات عن سوريا بمطلب سعودي.

بل لقد خالف ترمب كثيراً من التوقعات الإعلامية التي كانت تتحدث عن محاولته التوسط لمزيد من الاتفاقات الدبلوماسية بين بقية دول الخليج وتل أبيب. بل إن إسرائيل لم ترد في أي إشارة إعلامية خلال هذه الزيارة، فيما عدا الدعوات لإيقاف الحرب.

كل ما سبق يعبّر عن موقف الإدارة الجمهورية من الحكومة الإسرائيلية الحالية بقيادة بنيامين نتنياهو الذي يصرّ على المضي قدماً في تدمير الأراضي الفلسطينية، من دون وجود هدف سياسي أو عسكري واضح المعالم ويمكن تحقيقه. إن كل الدلائل تشير إلى أن استمرار نتنياهو في عبثه ليس له مبرر سوى تأجيل خضوعه للمحاكمة عقب الحرب؛ وكما نعلم، فإن للإسرائيليين تاريخاً في محاكمة قادتهم وسجنهم، كما حصل من قبل مع الرئيس موشيه كتساف، ورئيس الوزراء إيهود أولمرت.

يشكّل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عبئاً على واشنطن التي لم تبخل عليه بأنواع الدعم منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 حتى نهاية حكم الديمقراطيين، حيث خففت واشنطن من الدعم - لا سيما السياسي - بعد وصول الجمهوريين إلى الحكم. والسبب ليس إنسانياً بطبيعة الحال، ولكنه سياسي بامتياز. فالحليف يأخذ ويعطي، ولكن نتنياهو يأخذ لنفسه - وليس لإسرائيل - من دون أن يقدّم شيئاً لراعيه الأميركي.

خلاصة القول، إن حكومة ترمب تنطلق من ذهنية رجل الأعمال الذي ينشد الربح، ويعلم أين يستثمر موارده وكيف يختار شركاءه. بالتالي، فإن ترمب يزور الدول التي تتطلع للتنمية والازدهار لشعوبها وجيرانها وتضع التقدم الحضاري والاقتصادي نصب عينيها، ولا يجد ترمب نفسه مضطراً لمجاملة ورقة محروقة مثل نتنياهو. إن ما شاهده ترمب في الرياض والدوحة وأبوظبي هو المستقبل والازدهار الذي ينشده رجل الأعمال الطموح الذي لا يجد وقتاً لترقيع ما يفعله حليفه الآخر في تل أبيب.

من يرى حماسة ترمب والوفد المرافق له في المنتدى الاقتصادي السعودي - الأميركي، يعلم أن واشنطن تتطلع لشراكة رابحة للطرفين، وليس رعاية لحكومة تشكل عبئاً على جمهورها وليس فقط حليفها الأكبر.

نعم، مثّلت الرياض وجهة ترمب بازدهارها وتطلعها للمستقبل، فيما غابت تل أبيب عن حساباته في أول أعوام رئاسته.

نقلاً عن صحيفة الشرق الأوسط.