الحرب الإسرائيلية على غزة.. ارتفاع حالات الانتحار والانهيارات النفسية بصفوف جيش الاحتلال

بينما تتواصل تداعيات الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة منذ أكتوبر 2023، بدأت تتكشف جوانب جديدة من الأزمة، لا تتعلق هذه المرة بالخسائر الفلسطينية وحدها، بل بما تعانيه المؤسسة العسكرية الإسرائيلية نفسها.
آلة الحرب الإسرائيلية على غزة:
فقد بدأت وسائل إعلام إسرائيلية تسلط الضوء على ظواهر مقلقة داخل جيش الاحتلال، أبرزها ارتفاع معدلات الانتحار والانهيارات النفسية في صفوف الجنود المشاركين في العمليات العسكرية، ما يعكس حجم الضغط النفسي والانهيار المعنوي الذي يعيشه هذا الجيش، الذي بات يوصف من قبل مراقبين بأنه "جيش بلا عقيدة عسكرية".
كشفت وسائل إعلام إسرائيلية، نقلًا عن مصادر مطلعة، عن انتحار 35 جنديًا من جيش الاحتلال منذ بدء الحرب على غزة وحتى نهاية عام 2024. وفي تطور أكثر إثارة للقلق، أُعلن عن انتحار 7 جنود إضافيين منذ مطلع عام 2025 وحتى الآن، بسبب استمرار الحرب وتبعاتها النفسية، بحسب ما أكده الجيش الإسرائيلي.
ولا تتوقف الصورة عند حدود الانتحار فقط، بل تزداد قتامةً مع ما كشفته صحيفة "هآرتس" العبرية، التي أكدت أن وزارة الأمن الإسرائيلية صنفت نحو 9,000 جندي على أنهم معاقون نفسيًا، جراء تعرضهم لصدمات ما بعد الحرب منذ السابع من أكتوبر 2023، وهو ما يكشف حجم التأثير المدمر للعمليات القتالية على الجنود الإسرائيليين.

المثير في الأمر أن بعض الجنود الذين أقدموا على الانتحار، تم دفنهم دون إقامة جنازات عسكرية، ما يعكس تعمدًا واضحًا من المؤسسة العسكرية لإخفاء حجم الأزمة النفسية التي تعصف بصفوفها، في محاولة لتفادي الانكشاف أمام الرأي العام الإسرائيلي والدولي.
في سياق متصل، تحدثت الصحيفة عن قيام الجيش باستدعاء جنود مصابين باضطراب ما بعد الصدمة للعودة إلى الخدمة، في ظل النقص الحاد في الأفراد وانخفاض معدلات التجنيد، وهو مؤشر إضافي على أزمة هيكلية تضرب المؤسسة العسكرية من الداخل.
وتأتي هذه المؤشرات في ظل استمرار الخسائر الميدانية والاقتصادية، والانقسامات السياسية داخل إسرائيل، لتضع علامات استفهام كبرى حول جدوى هذه الحرب، والنتائج التي تحققها مقابل الكلفة البشرية والمعنوية التي تتحملها المؤسسة العسكرية.
تؤكد هذه التطورات أن إسرائيل، رغم قوتها العسكرية الظاهرة، تدفع ثمنًا باهظًا من الداخل، على مستوى الجنود والنظام النفسي للقوات المسلحة.
فارتفاع معدلات الانتحار والانهيارات العصبية داخل الجيش يشير إلى فقدان الثقة، وانهيار الروح المعنوية، مما يعزز من الرؤية القائلة إن الاحتلال يواجه حربًا استنزافية طويلة لا يملك فيها لا الرؤية ولا العقيدة لحسمها. وهي حرب لم تخلّف فقط دمارًا في غزة، بل زرعت كذلك الشك والانهيار في عمق المؤسسة العسكرية الإسرائيلية.
بدأت تظهر للعلن تداعيات غير مسبوقة داخل جيش الاحتلال، لا تتعلق فقط بالخسائر المادية أو الميدانية، بل بانهيار البنية النفسية والمعنوية للجنود. فقد كشفت تقارير إعلامية إسرائيلية عن ظواهر مقلقة تتعلق بارتفاع معدلات الانتحار والإصابة بالاضطرابات النفسية، وسط تعتيم رسمي ومحاولات لاحتواء الأزمة بعيدًا عن أعين الرأي العام.
انتحار في صمت: أرقام مقلقة

وفقًا لتقارير نُقلت عن مصادر إسرائيلية، فإن 35 جنديًا من جيش الاحتلال أقدموا على الانتحار خلال عام 2024 وحده، فيما سُجلت 7 حالات انتحار أخرى منذ بداية عام 2025، وهو ما يُعد مؤشرًا بالغ الخطورة على حجم الضغوط النفسية التي يتعرض لها الجنود المشاركون في العمليات العسكرية في غزة.
ورغم محاولات وزارة الدفاع الإسرائيلية تقليل حجم الأزمة، فإن صحيفة "هآرتس" كشفت أن عددًا كبيرًا من الجنود المنتحرين تم دفنهم دون إقامة جنازات عسكرية رسمية، وهو ما فُسر بأنه محاولة مقصودة لإخفاء حجم المأساة وتجنب تداعياتها السياسية والإعلامية.
اضطرابات نفسية متفاقمة: آلاف المصابين

في تطور موازٍ، كشفت الصحيفة ذاتها أن وزارة الأمن الإسرائيلية صنّفت نحو 9,000 جندي على أنهم يعانون من إعاقات نفسية، نتيجة الصدمة الناتجة عن المعارك الدامية في غزة منذ السابع من أكتوبر 2023. هذا الرقم الكبير يعكس مدى الانهيار النفسي داخل صفوف الجيش، ويضع علامات استفهام على قدرة هذه المؤسسة على الاستمرار في القتال طويل الأمد دون تداعيات كارثية.
ووسط هذه الأزمة، اضطر الجيش الإسرائيلي لاستدعاء عدد من الجنود المصابين باضطرابات ما بعد الصدمة للعودة إلى الخدمة، بسبب نقص في القوى البشرية، ما يهدد بمضاعفة الأزمة النفسية داخل المؤسسة العسكرية.