عقب أكثر من أربعة عقود.. حزب العمال الكردستاني يعلن حل نفسه

حزب العمال الكردستاني والذي يعرف اختصارًا PKK، هو جماعة مسلحة كُرديّة يسارية نشأت في السبعينات في منطقة كردستان تركيا كحركة انفصالية بمزيج فكري بين القومية الكردية والثورية الاشتراكية تسعى لإقامة دولة ماركسية لينينية في كردستان.

يتبع الحزب كل من حزب الحياة الحرة الكردستاني في كردستان إيران وحزب الاتحاد الديمقراطي في كردستان السورية وحزب الحل الديمقراطي الكردستاني في كردستان العراق. وهي جماعة مسلحة رغم اسمها، ويمثلها حزب سياسي في تركيا منذ 2008م يسمى حزب السلام والديمقراطية.
يصنف حزب العمال كمنظمة إرهابية على لوائح الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا وإيران وسوريا وأستراليا، بينما رفضت الأمم المتحدة ودول أخرى كروسيا والصين وسويسرا ومصر والهند تصنيف الحزب كمنظمة إرهابية.
في مطلع الثمانينيات دخلت في صراع مسلح مع الدولة التركية بغية نيل حقوق ثقافية وسياسية وتقرير المصير لكرد تركيا. استمرت المواجهة حتى نهاية التسعينات، إلى أن اعتقلت تركيا زعيم الحزب عبدالله أوجلان ودخل الحزب مرحلة جديدة من النزاع.

نشأة وتأسيس حزب العمال الكردستاني
تأسس حزب العمال الكردستاني في 27 نوفمبر 1978 بطريقة سرية على يد مجموعة من الطلاب الماركسيين غير المؤثرين في الساحة السياسية الكردية، بينهم عبد الله أوجلان الذي اختير رئيسا للحزب، وبلغ أوج قوته في تسعينات القرن العشرين حيث تجاوز عدد عناصر الحزب العشرة آلاف مقاتل.
يتبنى الحزب التوجه الماركسي اللينيني، ومن أهدافه الجوهرية التي أعلن عنها مع نشأته إقامة دولة كردستان الكبرى المستقلة، إلا أنه تراجع عن مطلبه بالاستقلال لاحقاً، وصار يدعو إلى حصول الأكراد على الحكم الذاتي في تركيا. ورغم توجهه اليساري فإنه لم يحصل، بحسب مصادره الخاصة، على تمويل من المنظومة الاشتراكية، بل اعتمد في تمويل عملياته وإعداد مقاتليه على مصادره الخاصة، فيما تتهمه الأوساط التركية بأن تمويله مشبوه وغير شرعي.
أهداف الحب المعلنة
توسيع وتمتين العلاقات الشرق الأوسطية، (كردياُ وعربياً وتركياً وفارسياً)
العمل على حل القضايا دون تدخل الخارج خاصة القوى الامبريالية.
نشر خلايا الكوادر في كل أنحاء العالم.
بناء مجتمع بيئي ديمقراطي متحرر بعيداً عن السلطة والدولة
ترسيخ حياة آمنة مستقرة وأقتصاد راقي لشعوب الشرق الأوسط
بناء سياسة وسيادة وأقتصاد وجيش مستقل غير تابع لأي قوة تستطيع حماية المصالح الشرق أوسطية.
الإنخراط في العمل العسكري
بدأ الحزب نشاطه العسكري عام 1984، واتخذ مقاتلوه من كردستان العراق منطقة لحماية قواعدهم الخلفية، كما أقاموا تحالفا مع الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي بزعامة مسعود برزاني.
شهد عقدا الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين أكثر فترات الصراع الدموي بين الأكراد والجيش التركي خصوصاً بعد الاضطرابات التي شهدتها تركيا في يوليو 1980، والتي اضطرت بالمواطنين الأكراد للهروب إلى الدول الأخرى.
وانضم الأكراد الذين لجؤوا إلى سوريا إلى مخيمات اللجوء الفلسطينية، وشرع الذين لجؤوا إلى أوروبا بشرح القضية الكردية في الجامعات ومنظمات المجتمع المدني. في حين ظلّ الأكراد المتبقّون في تركيا في سجون ديار بكر العسكرية. وقبل فترة قصيرة من أحداث 12 سبتمبر استقرّ أوجلان في دمشق وبدأ بإدارة تنظيمه من هناك.

مؤتمر حزب العمال الكردستاني الأول
عُقِد مؤتمر حزب العمال الكردستاني الأول في سوريا في الفترة 15-25 يوليو 1981، وحضر المؤتمر حوالي 60 عضواً من أعضاء التنظيم. وبناءًا على طلب الرئيس السوري في ذلك الحين حافظ الأسد، خرج الحزب من سوريا واستقرّ في شمال العراق.
بعد المؤتمر الثاني لحزب العمال الكردستاني بسوريا في عام 1984، بدأ التنظيم بالتجهيز لشن عملية مسلحة ضدّ أهداف عسكرية، خاصة في مدن هكاري وماردين وسيرت، لتكون أولى عملياته المسلحة في هكاري.
استمرت العمليات المسلحة التي شنها الحزب، وبعد انتهاء مؤتمره الثالث زادت هجماته على المباني الحكومية والمؤسسات العامة إلى جانب الأهداف العسكرية. وأعلنت الحكومة التركية حالة الطوارئ في عام 1987. وخلال هذه الفترة، قام التنظيم بتنفيذ اقتحامات في عدد من القرى في شرق تركيا بدعم من حكومات سوريا ولبنان وشمال العراق واليونان وروسيا.
تلقى الحزب ضربة قاضية عام 1999 باعتقال زعيمه عبد الله أوجلان، وسجنه في تركيا بتهمة الخيانة.
طلب أوجلان عام 2013 بوقف إطلاق النار وحث الحزب على الانسحاب من المناطق التركية، في اعلان وصفه «بالتاريخي»، لكن وقف اطلاق النار انتهى عام 2015 عندما شنت تركيا غارات جوية ضد معسكرات حزب العمال شمالي العراق.

تذهب بعض الإحصاءات إلى أن مجموع من قتلهم المسلحون الأكراد يبلغ أربعين ألف شخص. ولم تقتصر عمليات مسلحي حزب العمال العسكرية على الجيش التركي بل شملت مدنيين أتراك وأكراد، خصوصا من المتعاونين مع الحكومة التركية، كما شملت بعض السائحين الأجانب. وقد وجهوا ضرباتهم لبعض المصالح التركية في البلدان الغربية. في المقابل يتهم الحزب الجيش التركي بتدمير آلاف القرى الكردية وتهجير العديد من الأسر إلى تركيا.
اتخذ حزب العمال الكردستاني قراراً بزيادة علاقاته مع المنظمات الأخرى، وقام بإصدار بعض الصحف ومنها الشعوب الحرة والبلاد وديلان عام 1990. عام 1991، وبناءاً على فكرة عبد الله أوجلان، تم تأسيس حزب العمل الشعبي للمشاركة الانتخابات البرلمانية التركية، والانخراط في الساحة السياسية.

حل الحزب رسمياً
فيخطوة تاريخية يوم27 فبراير 2025، دعا زعيم حزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان، حزبه إلى حل نفسه وإلقاء السلاح، مؤكدًا تحمله “المسؤولية التاريخية” لهذه الدعوة. جاء ذلك في رسالة قرأها وفد من نواب “حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب” المؤيد للأكراد، بعد زيارتهم لأوجلان في سجنه بجزيرة إمرالي.
وأشار أوجلان إلى أن الحزب فقد أهميته بعد انهيار الاشتراكية الواقعية، مؤكدًا ضرورة إعادة تنظيم العلاقة التاريخية بين الأتراك والأكراد بروح الأخوة والديمقراطية.
كما دعا جميع المجموعات المسلحة إلى نزع سلاحها، مشددًا على أن الحلول القائمة على النزعات القومية المتطرفة لا تلبي متطلبات الحقوق الاجتماعية التاريخية للمجتمع.

وفي هذا الصدد، أعلن حزب العمال الكردستاني، اليوم الاثنين، حل نفسه وانتهاء أكثر من أربعة عقود من ما أسماه بـ "الكفاح المسلح" ضد الدولة التركية، حسبما أفادت "وكالة فرات للأنباء" الداعمة للأكراد.
وجاء في بيان للحزب بعدما عقد مؤتمره الأسبوع الماضي: "قرر المؤتمر الثاني عشر لحزب العمال الكردستاني حل البنية التنظيمية لحزب العمال الكردستاني وإنهاء كفاحه المسلح".
وكشفت مصادر صحفية أن قيادة حزب العمال الكردستاني، نشرت قرارات اجتماعات قيادتها، التي تمت خلال الفترة من 5 وحتى 7 مايو الجاري، أبرزها "إعلان الحزب حلّ نفسه، وانتهاء الصراع المسلّح، والتخلي عن السلاح".
وأضاف الحزب في إعلان قراراته: "نؤمن بأنه من أجل تطوير الديمقراطية الكردية، فإن الأحزاب السياسية ستقوم بما عليها من واجبات ومهام ومسؤوليات"، موضحًا أنه "يوجه دعوة لتعزيز الأخوّة الكردية التركية".

وقبل أيام قليلة، قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان: إنه "تم تجاوز كلّ العقبات، وحزب العمال الكردستاني سيُحلّ.. وسيتخلّى العمال الكردستاني عن السلاح".
وأعلن العمال الكردستاني، الجمعة الماضي، أنه قد يتخذ قريبًا قرارًا تاريخيًا بحل نفسه ونزع سلاحه، في إطار مبادرة جديدة للسلام مع تركيا وإنهاء تمرد دام أربعة عقود.