عقب بدء الحرب.. ماذا تمتلك باكستان من أنظمة الدفاع الجوي؟

تُعد جمهورية باكستان من الدول ذات الموقع الجيوسياسي الحساس في جنوب آسيا، حيث تتشارك حدودًا طويلة ومتقلبة مع الهند، الخصم التقليدي منذ استقلال الدولتين عن الاستعمار البريطاني عام 1947.
وقد شهدت العلاقات بين الجارتين النوويتين العديد من النزاعات المسلحة، أبرزها حروب 1947، 1965، و1971، بالإضافة إلى صدامات محدودة مثل صراع كارجيل 1999 ومناوشات متفرقة في كشمير.

التطورات الأخيرة
وفي خضم التطورات الأخيرة وبدء هجوم هندي على كشمير الباكستانية، أكد المدير العام لإدارة العلاقات العامة بالجيش الباكستانى الفريق أحمد شريف شودرى، اليوم الخميس، أن القوات المسلحة الباكستانية اعترضت ودمرت 12 طائرة هندية مسيرة فى مواقع متعددة.
وقال المتحدث باسم الجيش - في مؤتمر صحفي له - "بأنه في يومي 7 و8 مايو، طائرات هندية مسيرة حاولت التوغل في مناطق مختلفة من البلاد". وقال: "قامت الهند الليلة الماضية بعمل عسكري آخر ضد باكستان بإرسال طائرات مسيرة من طراز هيراب إلى مواقع متعددة".
تدمير الطائرات المسيرة
وأضاف أنه تم تدمير الطائرات المسيرة بنجاح في لاهور وجوجرانوالا وروالبندي وتشاكوال وبهاوالبور وميانوالي وكراتشي وتشور وميانو وأتوك، موضحا أن طائرة مسيرة ثالثة عشرة ضربت جزئيا هدفا عسكريا بالقرب من لاهور، مسببة أضرارا طفيفة في المعدات.
وتابع: "أصيب أربعة من أفراد الجيش الباكستاني في هجوم بطائرة مسيرة في لاهور، بينما استُشهد مدني واحد في مقاطعة ميانو".
في هذا السياق الأمني المعقد، تولي باكستان أهمية كبرى لتطوير دفاعاتها الجوية لحماية مجالها الجوي وردع التهديدات الهندية المحتملة.

مكونات الدفاع الجوي الباكستاني
يتكون نظام الدفاع الجوي الباكستاني من عدة عناصر رئيسية تشمل: شبكة الرادارات، منظومات الدفاع الجوي قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى، الطائرات الاعتراضية، وأصول الحرب الإلكترونية.
القوات الجوية الباكستانية (PAF)
القوات الجوية الباكستانية تمثل العمود الفقري للدفاع الجوي، وتمتلك أكثر من 500 طائرة قتالية موزعة على النحو التالي:
طائرات اعتراضية ومقاتلة متعددة المهام:
F-16 Fighting Falcon (الأمريكية): باكستان تملك حوالي 75 طائرة من هذا النوع، وتُعد من أكثر الطائرات تطورًا في الترسانة الباكستانية، مع قدرات عالية على القتال الجوي والقصف الدقيق.
JF-17 Thunder (مشروع مشترك صيني-باكستاني): تمثل العمود الفقري للأسطول الحديث، وتتميز بكفاءة عالية وسعر منخفض نسبيًا، وتنتج محليًا في باكستان.
Mirage III و Mirage V (الفرنسية): تُستخدم بشكل محدود حاليًا.
F-7PG و F-7P (نسخ صينية من MiG-21): أقل تطورًا، وتستخدم أساسًا للدفاع الجوي قصير المدى والتدريب.

أنظمة الدفاع الجوي الأرضية
أنظمة قصيرة ومتوسطة المدى:
HQ-7B (صيني): هو نظام دفاع جوي قصير المدى، مشابه للفرنسي Crotale، ويستخدم لحماية المواقع الحيوية.
LY-80 (HQ-16): نظام متوسط المدى تم تسليمه لباكستان في 2017 من الصين. يمتلك مدى يصل إلى 40 كم ويعترض أهدافًا على ارتفاعات متوسطة.
Anza Mk-I/II/III: صواريخ MANPADS محلية الصنع تستند إلى النظام الصيني QW-1. تُستخدم من قِبل القوات البرية وتوفر حماية متنقلة ضد الطائرات والمروحيات على ارتفاعات منخفضة.
RBS-70 (سويدي): صواريخ محمولة على الكتف موجّهة بالليزر، وتُستخدم للدفاع عن النقاط الحيوية.

الرادارات ومنظومات الإنذار المبكر:
تمتلك باكستان شبكة متكاملة من الرادارات الأرضية الثابتة والمتنقلة، وتستخدم أنظمة صينية وغربية للرصد والتتبع.
نظام الإنذار المبكر المحمول جوًا (AEW&C) يتضمن:
Saab 2000 Erieye (سويدي): يوفر تغطية واسعة وقدرة على إدارة المعارك الجوية.
ZDK-03 Karakoram Eagle (صيني): مزود برادار AESA ومهم في المراقبة الجوية بعيدة المدى.
التحديثات الحديثة في الدفاع الجوي
التوسع في إنتاج JF-17 Block III:
هذه النسخة المتطورة من JF-17 تتضمن رادار AESA وقدرات حرب إلكترونية متقدمة وصواريخ بعيدة المدى مثل PL-15، ما يعزز قدرة الردع الجوي لباكستان.
منظومات دفاع جوي بعيدة المدى:
وفي هذا الصدد، هناك تقارير غير مؤكدة عن سعي باكستان للحصول على منظومات بعيدة المدى مثل FD-2000 (HQ-9) الصينية، وهي نظير S-300 الروسية، بمدى يصل إلى 200 كم.
التوسع في الحرب الإلكترونية:
باكستان تستثمر بشكل كبير في قدرات الحرب السيبرانية والإلكترونية، لمواجهة التهديدات غير التقليدية، بما يشمل تشويش الرادارات والصواريخ المعادية.
التوترات العسكرية مع الهند ودورها في تطوير الدفاع الجوي
أزمة كارجيل (1999) وحرب كارجيل الجوية المحدودة:
كشفت هذه الأزمة عن حاجة باكستان لتعزيز قدراتها الدفاعية، خاصة في مجال الاستطلاع الجوي والإنذار المبكر، وهو ما دفع لتحديث الأسطول الجوي لاحقًا.
توترات 2016 (هجوم أوري) و2019 (هجوم بولواما):
في فبراير 2019، قامت الهند بغارة جوية داخل الأراضي الباكستانية (بالاكوت)، وردت باكستان بإسقاط طائرة هندية MIG-21 وأسر طيارها.
هذا التصعيد كان لحظة حاسمة في تاريخ الدفاع الجوي الباكستاني، وأدى إلى تسريع شراء أنظمة مثل LY-80 وتعزيز التعاون مع الصين في مجال الطائرات بدون طيار والرادارات.

التهديدات الجوية من الهند
الهند تمتلك سلاحًا جويًا أكبر وأحدث، مدعومًا بطائرات متطورة مثل Rafale (فرنسية) و Su-30MKI (روسية)، بالإضافة إلى أنظمة دفاع جوي متطورة مثل:
S-400 الروسية: تم تسليمها للهند بدءًا من 2021، وتشكل تهديدًا كبيرًا لقدرات الردع الباكستانية.
Phalcon AWACS (إسرائيلية): توفر للهند قدرات كشف ومراقبة جوية بعيدة المدى.
صواريخ كروز مثل BrahMos: تهدد المواقع الحيوية الباكستانية بسرعة تفوق الصوت.
ورغم التحديثات، لا تزال باكستان تواجه تحديات في مواكبة التفوق التكنولوجي الهندي، خاصة في مجال الطائرات الشبح، الدفاع بعيد المدى، والحرب الإلكترونية.
وتعتمد باكستان على التحالف الدفاعي مع الصين يوفر حلولًا مهمة ولكن يخلق أيضًا نوعًا من التبعية الاستراتيجية والتقنية، ما يحد من تنوع مصادر التسلح.
وتستثمر باكستان في التصنيع المحلي، خاصة عبر مجمع الطيران الباكستاني PAC، الذي ينتج طائرات JF-17 وأنظمة إلكترونية، ولكن تحتاج إلى مزيد من الاستثمارات والتكنولوجيا المتقدمة.
في ظل التصعيدات المستمرة مع الهند وتغير طبيعة الحروب الجوية الحديثة، تدرك باكستان أن بناء درع جوي فعال هو أمر حيوي لحماية أمنها القومي.
وعلى الرغم من محدودية الموارد مقارنة بالهند، فقد استطاعت إرساء منظومة دفاع جوي متعددة المستويات تعتمد على مزيج من التكنولوجيا الصينية، القدرات المحلية، والتخطيط الدفاعي الفعال.
ومستقبل الدفاع الجوي الباكستاني يعتمد على تحقيق التوازن بين الردع التقليدي، التكنولوجيا المتقدمة، والقدرة على المرونة في مواجهة التهديدات المتغيرة.