مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

مرحلة جديدة من العلاقات.. روسيا وطالبان يدً واحدة في مواجهة الإرهاب

نشر
الأمصار

في خطوى تعكس مدى التقارب بين روسيا وطالبان، قال المبعوث الروسي الخاص إلى أفغانستان لوكالة الإعلام الروسية الرسمية الجمعة إن موسكو ستساعد حركة «طالبان» في مواجهة تنظيم «داعش» هناك.

العدو المشترك لموسكو وكابل

وفي هذا الصدد، أشار زامير كابولوف، وهو سفير روسي سابق لدى أفغانستان، إلى تنظيم «داعش - ولاية خراسان»، باعتباره «العدو المشترك» لموسكو وكابل.

وقال كابولوف في مقابلة مع وكالة الإعلام الروسية: «نرى ونقدر الجهود التي تبذلها (طالبان) في قتال الجناح الأفغاني لتنظيم (داعش)».

وأضاف: «سنقدم أفضل مساعدة لدينا للسلطات (الأفغانية) من خلال هياكل متخصصة».

ولا تعترف أي دولة في الوقت الراهن بحكومة «طالبان» التي استولت على السلطة في أغسطس 2021، بعد انسحاب فوضوي لقوات دولية تقودها الولايات المتحدة من أفغانستان بعد 20 عاماً من الحرب.

وتسلط تصريحات كابولوف الضوء على تقارب ملحوظ في السنوات القليلة الماضية بين موسكو وكابل التي وصفها الرئيس فلاديمير بوتين العام الماضي بأنها «حليفة» روسيا في مكافحة الإرهاب.

وحذفت روسيا، الشهر الماضي، حركة «طالبان» رسمياً من قائمة للمنظمات الإرهابية أضافتها إليها في 2003.

داعش"ولاية خراسان"

تنظيم الدولة الإسلامية - ولاية خراسان هو فرع ناشط لتنظيم الدولة الإسلامية في جنوب آسيا وآسيا الوسطى. تستخدم بعض المصادر الإعلامية بعض المصطلحات أيضًا مثل آي إس كي(آي-إس كي)، أو مصطلح آي إس-كي بّي أو داعش-خراسان للإشارة إلى التنظيم. 

كان تنظيم الدولة الإسلامية في ولاية خراسان ناشطًا في أفغانستان وشملت منطقة عملياته باكستان، وطاجكستان والهند حيث تبنى الهجمات، إضافة إلى سريلانكا والمالديف وبنغلاديش، حيث أعلن بعض الأشخاص ولاءهم له.

 يعتبر التنظيم وطالبان بعضهما البعض أعداءً. قدر عدد مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في ولاية خراسان في 2021 بـ 1500 - 2200.

هل تدعم واشنطن "ولاية خراسان" لمواجهة تقارب الصين وطالبان؟ | الجزيرة نت

أنشأ المتمردون على حركة طالبان التنظيم في يناير 2015 في شرقي أفغانستان، رغم أن أعضاءه يشملون أشخاص من بلدان متنوعة مثل باكستان وبنغلاديش والهند وميانمار. قُتل زعماؤه الأوائل وهم حافظ سعيد خان وعبد الرؤوف أليزا على يد القوات الأمريكية في يوليو 2016 وفبراير 2015 على التوالي. قتل أيضًأ زعماء لاحقين لهم؛ واعتقلت دائرة الاستخبارات الأفغانية زعيم التنظيم عبد الله أوروكزاي في أبريل 2020.

نفذ التنظيم عدة هجمات كبيرة ضد المدنيين أغلبها في أفغانستان وباكستان. قتلت تفجيرات التنظيم في يوليو 2018 نحو 149 شخص في ماستونغ، باكستان. 

قتل تفجير للتنظيم في كابول نحو 90 شخصًا في مايو 2021. قتل التنظيم في أغسطس 2021 نحو 13 شخص من أفراد الجيش الأمريكي وعلى الأقل 169 أفغاني أثناء الإخلاء الأمريكي لكابول، والذي اعتبر أكبر عدد لقتلى الجيش الأمريكي في أفغانستان منذ عام 2011

مركز المستقبل - لماذا كثفت الولايات المتحدة ضرباتها ضد "ولاية خراسان"؟

روسيا وتنظيم خراسان

وتعاني روسيا من تداعيات هجمات متعددة مرتبطة بتنظيم «داعش خراسان»، منها إطلاق النار على 145 شخصاً في مارس (آذار)، الذي تبناه التنظيم.

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في اجتماع رؤساء الدول الأعضاء بمنطقة شنغهاي، في الرابع من يوليو (تموز) الحالي، إن نظام «طالبان» محل ثقة روسيا في الحرب ضد الإرهاب. وأكد بوتين أيضاً في هذا الاجتماع الذي عقد في مدينة أستانا، عاصمة كازاخستان، أن «حركة (طالبان) تسيطر على البلاد، ولهذا تُعدّ حليفتنا في الحرب ضد الإرهاب».

وتأتي تصريحات الرئيس الروسي في وقت تزايد فيه خطر «داعش خراسان» في روسيا. ووجه هجوم «داعش خراسان» المميت على قاعة كروكوس للحفلات الموسيقية في ضواحي مدينة موسكو، في مارس الماضي، ضربة قوية لسمعة روسيا الأمنية، إذ قتل فيه أكثر من 14 شخصاً ونحو 200 جريح.


وأعلنت موسكو استعدادها لتقديم كل أشكال المساعدة اللازمة لحركة «طالبان» لتعزيز قدراتها في مواجهة الإرهاب. وبعد مرور شهر واحد على شطب الحركة من قوائم الإرهاب الروسية، بدا أن الكرملين يستعد لإقامة علاقات تحالف مع أعداء الأمس.

مسؤولون من «طالبان» تابعون لوزارة الصحة العامة يحضرون مؤتمراً صحافياً لنور جلال جلالي وزير الصحة العامة في «طالبان» بكابل... أفغانستان 30 أبريل 2025 (إ.ب.أ)

قرار المحكمة العليا في الاتحاد الروسي 

وقال السفير الروسي الاسبق بافغنستان قرار المحكمة العليا في الاتحاد الروسي تعليق الحظر الذي ظل مفروضا لسنوات على نشاط حركة «طالبان»، أزال عمليا «كل العقبات أمام إقامة شراكة كاملة مع السلطات الأفغانية الحالية، بما في ذلك في إطار مواجهة مشتركة للتهديدات الإرهابية».

وأوضح الدبلوماسي الروسي أن بلاده «ترى وتقدر الجهود التي تبذلها حركة (طالبان) في مكافحة الجناح الأفغاني لتنظيم (داعش - ولاية خراسان)». وزاد أن «هذا التنظيم الإرهابي يتبنى آيديولوجية الجهاد العالمي المتطرفة. وهذه الجماعة عدو مشترك لروسيا وأفغانستان، وسنقدم كل مساعدة ممكنة للسلطات الأفغانية من خلال المؤسسات المتخصصة».

وكانت المحكمة الروسية العليا رفعت الشهر الماضي حركة «طالبان» من قوائم الإرهاب، ما يعني تلقائيا رفع الحظر المفروض على أنشطة الحركة في البلاد.

ووقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، نهاية العام الماضي، قانونا ينص على إمكانية تعليق الحظر مؤقتا على أنشطة منظمات مدرجة في القائمة الموحدة للتنظيمات الإرهابية، ما منح الاتصالات مع «طالبان» أساسا قانونيا ومهد لإصدار قرار المحكمة العليا.

وكان لافتا أن «طالبان» أوفدت ممثلا عنها إلى الجلسة الحاسمة للمحكمة العليا الشهر الماضي، ودافع محامي الحركة عن موقفها أمام ممثلي مكتب الادعاء العام ووزارة العدل الروسية.

التقارب بين روسيا وطالبان.. تقاطع مصالح أم "عدو عدوي صديقي"؟ – DW – 2024/6/7

وقد وافقت المحكمة الروسية العليا في الجلسة التي جرت خلف أبواب مغلقة، على التماس المدعي العام تعليق الحظر المفروض على أنشطة «طالبان» في روسيا.

وكما أشارت الخدمة الصحافية لمكتب المدعي العام فإن الأساس القانوني للاستئناف أمام المحكمة كان التعديلات التي أجريت في نهاية العام الماضي على قانون الإجراءات الإدارية والقانون الفيدرالي «بشأن مكافحة الإرهاب».

وتجيز هذه التعديلات التي وقعها بوتين في مرسوم رئاسي خاص، تعليق حظر أي منظمة إرهابية حال توقف الأنشطة التي تهدف إلى الترويج للإرهاب وتبريره ودعمه أو ارتكاب جرائم إرهابية ضد مصالح روسيا. وبالنظر إلى بيانات الجهات المختصة، تأكدت هذه الظروف في جلسة المحكمة، التي خلصت إلى أن الدعوى التي رفعها المدعي العام الروسي كانت مبررة. وأعلنت أن «تنفيذ القرار سيتم فورا».

لافروف: موسكو تلاحظ جهوداً من حركة "طالبان" لتحقيق الاستقرار

مراحل تطور العلاقات بين الجانبان

تبنت روسيا منذ سيطرة حركة طالبان على كابول، في أغسطس 2021، مقاربة براغماتية في تعاملها مع المسألة الأفغانية، بالرغم من وجود الحركة ضمن قائمتها للمنظمات الإرهابية منذ عام 2003. وقد كشفت روسيا ملامح مقاربتها لطالبان غداة انتصارها على الحكومة المدعومة أمريكياً؛ إذ تحدثت سفارتها في كابول عن هروب الرئيس الأفغاني آنذاك، أشرف غني، رفقة "أربع سيارات وطائرة هليكوبتر محملة بالمال".

دبلوماسية روسيا-طالبان.. تغيير قواعد اللعبة مع الإرهاب

وفي إشارة إلى اتهامه بنهب أموال الدولة، وهو ما كرَّره ممثلها الخاص في أفغانستان، زامير كابولوف، بالتعبير عن أمله في أن "تجد السلطات الجديدة من المال ما يصلح حجر الأساس للميزانية". وفي مقابل ذلك، أعلنت روسيا الاحتفاظ بوجود دبلوماسي في كابول، وتطوير علاقاتها مع طالبان، مع تأكيد تريثها في الاعتراف بها. وبعد يومين من توليها السلطة، أصبح السفير الروسي، دميتري جيرنوف، أول دبلوماسي أجنبي تستقبله طالبان علناً؛ حيث عرض عليها الدعم اللازم لإرساء دعائم الحكم والاستقرار.

وفي 20 أكتوبر 2021، استقبلت روسيا وفداً من طالبان لحضور اجتماع "صيغة موسكو"، برئاسة عبدالسلام حنفي، نائب رئيس الوزراء، وأصدرت وزارة خارجيتها بياناً عقب الاجتماع، يترجم موقف دول المجموعة من طالبان، ذكرت فيه احترام سيادة أفغانستان واستقلالها ووحدة أراضيها، ووجوب التعاون معها وفق مقتضيات "الواقع الجديد" المتمثل في وصول طالبان إلى السلطة بغض النظر عن اعتراف المجتمع الدولي بحكومتها، معربة عن قلقها من الأنشطة الإرهابية وتهريب المخدرات، ومطالبة طالبان بتشكيل حكومة شاملة.

روسيا تفتح حوارا حذرا مع طالبان درءا لإرهاب دولي جديد على حدودها

وفي أواخر ديسمبر 2021، أشاد نائب وزير الخارجية الروسي، أوليغ سيرومولوتوف، بقدرة طالبان على منع حدوث انهيار حاد للوضع الأمني وبجهودها لضمان الأمن والاستقرار. وفي مارس 2022، اعتمدت روسيا أول دبلوماسي تعينه طالبان، في مبادرة نادرة عكست رغبتها في تطبيع العلاقات معها، بالرغم من تكرار المسؤولين الروس لشروط الاعتراف بحكومتها، والتي ساقها وزير خارجيتها، سيرغي لافروف، في أوائل يونيو 2023، بحدثيه عن شمولية التمثيل الحكومي وحقوق العرقيات ومكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات.

وبهذا زاوجت موسكو تقاربها مع طالبان بخطاب نقدي لسياستها، فاستقبلت، في سبتمبر 2023، المعارض الأفغاني، أحمد مسعود، زعيم "جبهة المقاومة الوطنية"، الذي التقى زعيم حزب "العدالة" ونائب رئيس البرلمان الروسي "الدوما"، سيرغي ميرونوف، وهو قرار يفترض موافقة الكرملين، خاصةً أن ميرونوف تحدث عن كلمة لأحمد مسعود أمام المسؤولين الروس في جلسة برلمانية حول أفغانستان. وفي نوفمبر 2023، اعتبر رئيس مركز مكافحة الإرهاب التابع لرابطة الدول المستقلة، يفغيني سيسويف، تصريح زعيم طالبان بشأن "تصدير الشريعة"، خطراً على دول آسيا الوسطى، وأن طالبان لا تزال تشكل مصدر قلق وغير قادرة على التعامل مع تنظيم داعش-خراسان. وهذا الخطاب النقدي يعكس مناورة روسية تجاه طالبان لحملها على تقديم أكبر قدر من التنازلات.

ودعت روسيا، في سبتمبر 2023، وزير خارجية طالبان للمشاركة في مشاورات "صيغة موسكو" حول أفغانستان في مدينة كازان. وفي ديسمبر 2023، اعتبرت الخارجية الروسية قرار كازاخستان رفع طالبان من قائمة التنظيمات الإرهابية مساعداً لإخراج أفغانستان من عزلتها ويتيح فرصاً جديدة لدعم الشعب الأفغاني، ويخدم المصالحة والاستقرار في البلاد. وبهذا أكدت موسكو اقتناعها بأن التقارب مع طالبان يحقق شروط الاعتراف بها وليس العكس، وذلك بالرغم من احتفاظها بالخطاب النقدي الذي استعاده زامير كابولوف، بقوله، تعليقاً على القرار الكازاخستاني: "طالبان لم تتغير، وروسيا لا تتفاوض لحذفها من قائمة الجماعات المحظورة؛ وذلك قبل أن يعود كابولوف ليعلن بنفسه، أوائل أكتوبر 2024، عن شطب طالبان من لائحة الإرهاب الروسية وأن "القرار النهائي سيُعلن مستقبلاً".