رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

أمجد توفيق يكتب: معادلة الثقافة والاقتصاد والألوان ال (٩)

نشر
الأمصار

من مأثورنا الشعبي أن الإنسان لا يستطيع مسك تفاحتين بيد واحدة ، لكنني وجدت صديقا مبدعا يستطيع مسك سبع تفاحات ، ويقول : هل من مزيد ؟
ذلك هو المثقف العضوي الفاعل محمد رشيد الذي يطير بجناحين من إرادة وأمل ، ولا يتورع أبدا عن مواجهة الصعاب والعقبات ، وتاريخه الشخصي مملوء بصفحات مشرقة ..
أقول ذلك تمهيدا لدخول معادلة الثقافة والاقتصاد بكل ما اكتنف المفهوم من تعريفات ووجهات نظر ومدارس فكرية ربما بدأ صراعها منذ أيام ماكس فيبر وكارل ماركس .. فحين أكد فيبر على الجانب الثقافي في التنمية المستدامة ، اختلف معه ماركس ليؤكد أن العلاقات الانتاجية تنتج ثقافتها .
كان هذا من الماضي برغم كل تأثيراته ، واليوم لا يختلف المفكرون في وجود علاقة جدلية بين الثقافة كمعبر عن الوعي الجمعي للمجتمع وبين الاقتصاد باعتباره فضاءً تلتقي مكونات المجتمع من خلاله ، وهناك من يشبه العلاقة بالقلب والعقل ، القلب كرمز للثقافة والعقل كرمز للاقتصاد .
لقد كان الفرنسيون أسبق من غيرهم في الاستعانة بالألوان ، وهم يطلقون البصمة البنفسجية للاشارة إلى العلاقة بين الثقافة والاقتصاد ، وانسحبت الألوان أيضا للاشارة إلى فروع الاقتصاد :
فالأسود رمز للاقتصاد المتعلق بالتهريب والنشاطات الخفية
والأبيض رمز للنشاط المتلق بتكنولوجيا المعلومات والاتصال
والأخضر للاقتصاد الذي يركز على البيئة
والأزرق يرمز إلى معالجة مخلفات الانتاج
والبني يرمز إلى الصناعات المدمرة والملوثة
والرمادي هو النشاط الذي لا يسجل ولا تشمله الاحصاءات
والأحمر يرمز إلى الاقتصاد المركزي الاشتراكي
وهناك اللون الفضي الذي يرمز إلى النشاطات الاقتصادية المتعلقة بكبار السن .
أظن أننا لسنا بحاجة لتوزيع هذه الألوان على النشاطات الاقتصادية في بلدنا ، فالحاجة الآن كما أقدر هو تعميق الوعي الجمعي بكل مؤثراته التاريخية والدينية والفلكلورية والبيئية والأعراف والتقاليد باتجاه توسيع خططنا الاقتصادية وجلب مستثمرين حقيقيين لتحقيق هذه الأهداف .
والثقافة كما أزعم تستطيع أن تركز الانتباه على مجالات حيوية لخلق مناخ يتقبل النشاط الاقتصادي ، سواء في حقل السياحة أو الانتاج الثقافي من سينما ومسرح وانتاج الكتب أو الصناعات الفلكلورية وغير ذلك كثير .
ولكي اختصر ، أقول : بأن العناصر التي تتحكم بثقافة المجتمع يمكن أن تكون مفيدة بل وضرورية إذا ما أحسن التعامل معها ، ويمكن أن تكون معرقلة إذا ما قاد النشاط إلى صراع معها ، يبقى الأسلوب المعتمد والارادة التي تحرك ، والخطط التي تستوعب .
بقي أن اؤكد على فرصة غاية في الأهمية وهي أن رجال الاقتصاد بفروعه كافة يمتلكون سلاحا مؤثرا وحاسما في تنشيط حقول اهتماماتهم ، وسلاحهم يعتمد على اقامة علاقات تفاعلية مع المثقفين الفاعلين فهم ضمير المجتمع ونخبته القادرة على التوجيه وخلق القناعات الداعمة للاهداف الاقتصادية .

* مشاركة ضمن فعاليات مؤتمر القمة الثقافي العربي ضمن المحور
( الثقافة والاقتصاد ودورهما في تنمية الإنسان وبناء المجتمع ) فندق موفنبيك البصرة .٨ آذار ٢٠٢٤