رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

ليبيا.. كارثة ارتفاع منسوب المياه الجوفية بمدينة زليتن تظهر أزمة جديدة

نشر
ارتفاع منسوب المياه
ارتفاع منسوب المياه الجوفية بمدينة زليتن في ليبيا

أظهرت كارثة ارتفاع منسوب المياه الجوفية بمدينة زليتن في ليبيا، أزمة جديدة تمثلت في أضرار لحقت بالأشجار والحيوانات بالمدينة، بالإضافة إلى ازدياد عدد المنازل المتضررة.

وقال المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، الجمعة، إن لجنة متابعة الأوضاع البيئية والإنسانية لمدينة زليتن في ليبيا، استعرضت الوضع البيئي والأضرار، التي لحقت بالأشجار والحيوانات بالمدينة، جراء ظاهرة ارتفاع منسوب المياه، وسبل معالجة الآثار المترتبة على هذه الظاهرة.

وأوضح المكتب الإعلامي للمجلس أن النائب الأول لرئيس حكومة «الوحدة» أمر وزير الزراعة والثروة الحيوانية في ليبيا، حسين عطية القطراني، بتشكيل فريق من الخبراء والاختصاصين بالقطاع للبدء فوراً في حصر الأضرار، الناجمة عن هذه الظاهرة للنباتات والأشجار والحيوانات.

واقترح أعضاء لجنة مجلس الدولة في ليبيا، إقامة ورشة عمل حول الإمكانات المتاحة للاستفادة من المياه في الاستخدامات الزراعية، واستغلالها الاستغلال الأمثل، من خلال خريطة للتنمية الزراعية والثروة الحيوانية، والبرامج المستقبلية لمقاومة الأمراض الحيوانية، والآفات الزراعية وآليات التنفيذ.

ليبيا.. النيابة العامة تحقق في أسباب أزمة المياه الجوفية بزليتن

بدأت نيابة زليتن الابتدائية في ليبيا، في التحقيق في مدى إسهام العوامل غير الطبيعية في نفاذ المياه الجوفية إلى سطح الأرض في مدينة زليتن في ليبيا، والتداعيات الناجمة عنها، بالاستعانة باختصاصيين من الهيئة الليبية للبحث العلمي.

وقال مكتب النائب العام في ليبيا، في بيان له، إن محققي الواقعة عاينوا الأماكن التي شهدت ارتفاعا مقلقا للمياه الجوفية، والأضرار المادية المترتبة على ذلك، ثم استمعوا إلى ذوي الوظائف التنفيذية في بلدية زليتن، ودونوا الآراء التي أبداها خبراء العلوم المتصلة حول الأسباب المؤدية للمشكلة.

وأصدر النائب العام في ليبيا، قرارا بتكليف أمانة استشارية من اختصاصيي الهيئة الليبية للبحث العلمي بمساندة عمل هيئة التحقيق في مجالاتها المتصلة بعلوم الهندسة والمياه والتربة والمناخ وتضاريس الأرض وطبيعتها والبيئة والصحة العامة.

وأجرى الاستشاريون المكلفون زيارة إلى المناطق التي شهدت ارتفاع منسوب المياه، لتحقيق مهمتهم المتمثلة في وصف تطور ارتفاع منسوب المياه الجوفية في المدينة خلال السنوات الأخيرة، ومد سلطة التحقيق بمحاكاة للتكوينات الجيولوجية في المدينة، ووصف هيدرولوجية حركة المياه تحت السطحية فيها، وتعيين المناطق التي شهدت نفاذ المياه الجوفية إلى سطح الأرض.

ويتولى الاستشاريون تعيين العوامل الطبيعية المؤدية إلى هذا النفاذ، وبحث أثر اختلال نظم إدارة البنية التحتية في المدينة على نشوء حالة النفاذ، واستجلاء كفاية تقدير جهة الإدارة كميات المياه المخصصة للمدينة من مياه منظومة النهر الصناعي، وتعيين أثر الخطأ في التقدير في نُشوء حالة نفاذ المياه الجوفية إلى سطح الأرض، وتعيين المشكلات البيئية والصحية المصاحبة لارتفاع منسوب المياه الجوفية، وأثر هذا الارتفاع على أساسات الأبنية والمنشآت.

وأوضح مكتب النائب العام في ليبيا، أن الاستشاريين من المقرر أن يقدموا اقتراحات حول سبل معالجة المشكلة، وملاحظات من شأنها الإسهام في تحقيق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالمدن والمجتمعات المحلية، وإدارة مخاطر الكوارث.

قرارات عاجلة بشأن زليتن

وسبق أن أصدر رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب في ليبيا، أسامة حمّاد، قرارات عاجلة بشأن زليتن، من بينها إعلان حالة الطوارئ، وتخصيص 10 ملايين دينار للبلدية، تخصص للطوارئ، (الدولار يساوي 4.82 دينار في السوق الرسمية)، بالإضافة إلى عقد إنشاء شبكة رشح وتصريف في المحال المتضررة بقيمة 16 مليون دينار.

وقال رئيس مركز البحوث بالجامعة الأسمرية، مصطفى البحباح، لـ«الشرق الأوسط»، إن الوضع في المدينة «لا يزال على ما هو عليه؛ بل إن الأزمة تتفاقم»، وأوضح أن بعض المواطنين هناك «تركوا منازلهم، والدولة غائبة، والبلدية لا تملك ميزانيات لتسكينهم أو دعم المتضررين منهم».

ووصلت الأضرار إلى محطات الكهرباء في زليتن، وقال المتحدث باسم الشركة، وئام التائب، إن 8 محطات فرعية ومحطتين رئيسيتين تضررت بسبب ارتفاع المياه الجوفية في المدينة.

الشركة العامة للمياه تزيل نحو 5 آلاف متر مكعب من المياه يومياً

ومن جهته، قال محمد أرخيص، مسؤول لجنة الطوارئ بمدينة زليتن في ليبيا، إن الشركة العامة للمياه تزيل نحو 5 آلاف متر مكعب من المياه يومياً، بواسطة الشاحنات المخصصة لذلك، وتحدث عن وجود مقترح قيد الدراسة حالياً لبناء غرف خرسانية لتجميع المياه، ونقلها عبر خط إمداد رئيسي يقارب طوله نحو 5 آلاف متر يصب في البحر.

ولمقاومة أي أوبئة بيئية بسبب تجمع المياه أسفل البيوت وفي الساحات، أعلنت البلدية في ليبيا عن استمرار التطعيمات، والكشف على طلاب المدارس المتضررة من ارتفاع منسوب المياه، مشيرة إلى إطلاق حملة توعية تشمل توزيع المطويات، وتوعية الطلاب بمخاطر استعمال المياه الملوثة، والابتعاد عن البرك والمستنقعات. كما انطلقت حملة لتوزيع مياه الشرب على المناطق المتضررة، بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني في البلدية.

وقال المكي جبريل الذي تضرر منزله بشكل كبير جراء المياه الجوفية المتدفقة: «لقد تشققت خزانات مياه الصرف الصحي، وأصبحت المياه تخرج منها، ولهذا نحن الآن لن نركِّز على خزانات المياه أو الصرف الصحي؛ بل نبحث عن أضرار قواعد المنازل والهبوط الأرضي. وهذا ما نخاف منه».

أما محمد عبد الملك الذي اضطر لوقف أعمال بناء منزله بسبب تدفق المياه الجوفية، فقال من جهته: «بدأت البناء في منزلي؛ لكن لم أستطع أن أكمل بسبب المياه التي خرجت من الأرض، فنحن كلما حفرنا خرجت المياه الجوفية، ولا نستطيع البناء أبداً، فتنهار الأساسات».

وأضاف عبد الملك: «بسبب المياه انتشرت الحشرات، وبدأ الأطفال يملُّون من هذا الموضوع، فالشركة تقوم بشفط المياه بشكل يومي من دون أن تصل إلى نتيجة، والمياه الجوفية التي تخرج في ازدياد، ولا تنقص أبداً».

وفي غضون ذلك، يعوّل سكان زليتن في ليبيا على ما سموه «التجربة اليونانية» لحل أزمة المياه الجوفية سريعاً، حفاظاً على منازلهم من الانهيار.