رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

دبلوماسي سابق: حرب السودان تهدد بزعزعة أوضاع دول أفريقية

نشر
السودان
السودان

رأى مسؤول فاتيكاني، المونسنيور لويس ميغيل مونيوس كاردابا، أن الأزمة الراهنة في السودان، تهدد بزعزعة الأوضاع في بعض البلدان الهشة في أفريقيا.

ومع استمرار تدهور الأوضاع في السودان أجرى موقع (فاتيكان نيوز) الإلكتروني مقابلة مع رئيس أساقفة ناساي، المونسنيور لويس ميغيل مونيوس كاردابا، الذي كان لغاية أيام قليلة خلت سفيراً بابويا في كل من السودان وإرتريا وقد عين سفيراً في موزمبيق، تحدث فيها عن الفوضى السائدة في هذا البلد العربي، معتبرا أن “نتائج ما يجري اليوم ستستمر لسنوات كثيرة”، ولافتا إلى أن “هذه الأزمة تهدد بزعزعة الأوضاع في بعض البلدان الهشة في أفريقيا”.

ووفقا لإذاعة الفاتيكان، فقد استهل الأسقف حديثه مشيرا إلى أن "الصراع المسلح بدأ نتيجة خلافات بين جنرالين، هما عبدالفتاح البرهان الذي يقود الجيش النظامي السوداني، ومحمد حمدان دقلو الذي يرأس قوات الدعم السريع، وهى مجموعات مسلحة شبه عسكرية".

وأوضح أن "القتال اشتد بنوع خاص في العاصمة الخرطوم وفي إقليم دارفور، حيث وقعت مجازر تعيد إلى الأذهان تلك التي حصلت بين عامي 2003 و2005، بالإضافة إلى منطقتي كردفان والجزيرة، أما باقي المناطق فسيطر عليها الجيش النظامي وتنعم بهدوء نسبي".

حرب السودان تثير قلق منطقة القرن الأفريقي

وأشار المونسنيور كاردابا، إلى أن "الحرب الدائرة اليوم في السودان تثير قلق منطقة القرن الأفريقي، التي تعاني من تبعاتها، وتواجه خطر الانزلاق إلى أزمة إنسانية طويلة الأمد تترتب عليها نتائج على الصعيد الجيوسياسي، وذكر في هذا السياق بأنه قبل اندلاع الحرب كان السودان يستضيف أكثر من مليون ومائة ألف لاجئ أجنبي، من بينهم ثمانمائة ألف من جنوب السودان والعديد من الإيرتريين والأثيوبيين، وقد انقلبت هذه المعادلة اليوم وثمة خطر أن تتفجّر الأوضاع في البلدان الأفريقية المجاورة، لاسيما في جنوب السودان وتشاد ودول أخرى".

وفي سياق حديثه عن الأوضاع في إقليم دارفور، لفت السفير البابوي السابق في الخرطوم إلى أن "الحرب أعادت تأجيج توترات عرقية قديمة، وسببت مصادمات بين القبائل والميليشيات، فانزلقت المنطقة إلى حرب أهلية قبلية جديدة. كما أن الحرب التي اندلعت في 15 أبريل الماضي اشتدت حدتها بعد أن أعلنت مجموعتان مسلحتان في دارفور، كانتا على حياد، أنهما ستقاتلان إلى جانب الجيش النظامي وضد الميليشيات متهمة هذه الأخيرة بارتكاب فظائع في الإقليم”.

ثم لفت الأسقف إلى أن "كل مساعي الوساطة بين الأطراف المتنازعة لم تؤد إلى نتيجة لغاية اليوم، وقد باءت بالفشل أيضا المفاوضات التي جرت في جدة بدعم من الملكة العربية السعودية والولايات المتحدة. ولم يحترم أي من الجنرالين المتنازعين الهدنة المتفق عليها من أجل فتح ممرات إنسانية، وما يزال الطرفان يتبادلان الاتهامات بشأن خرق وقف إطلاق النار".

وذكر أن "ما يزيد الطين بلة قرار مجلس الأمن الدولي في كانون الأول ديسمبر الماضي بشأن إنهاء عمل بعثة الأمم المتحدة لدعم العملية الانتقالية في السودان، والتي اتُهمت بالتدخل في شؤون السودان الداخلية"، ورأى أن "تقلص الحضور الدولي في البلاد يمكن أن يمهد الطريق وللأسف أمام ارتكاب المزيد من الجرائم بحق المدنيين في السودان".

ومضى الدبلوماسي الفاتيكاني إلى القول إن "هذا الصراع ليس إلا استمرارًا للأوضاع السياسية غير المستقرة منذ سقوط الرئيس عمر البشير عام 2019، عندما رفضت الميليشيات تسليم السلطة إلى حكومة مدنية".

ولفت إلى "صعوبة الحوار بين الأطراف المتحاربة، مع أن هذه هي الدرب الواجب اتّباعها، كما أن الجماعة الدولية مدعوة إلى تكثيف الجهود من أجل إعادة السلام إلى ربوع البلاد، ووضعها على طريق الديمقراطية، بإسهام من السودانيين أنفسهم".

واعتبر أن "السلام وعملية الانتقال الديمقراطي لن يتحققا إن لم يلعب المجتمع المدني دوراً ريادياً بغية تحقيق تبدل سياسي وبناء سودان جديد"ز

ختاماً، شاء المطران كاردابا، أن يذكّر بأن "تطلعات الشعب السوداني، لاسيما الأجيال الفتية، لم تتغيّر منذ الثورة المدنية عام 2019 ألا وهي: التقدم والديمقراطية وضمان مزيد من الحريات وإحلال العدالة، وإمكانية أن يلعب المدنيون دوراً ناشطا في الحياة السياسية والاقتصادية".