رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

ما المنتظر من المفاوضات السودانية الجديدة في السعودية؟

نشر
الأمصار

دعوة سعودية جديدة إلى السودان لاستئناف العملية التفاوضية بين الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع، ولكن ما الذي يمكن أن تحققه؟

منذ 15 أبريل الماضي، يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع اشتباكات لم تفلح سلسلة هدنات في إيقافها، ما خلف أكثر من 3 آلاف قتيل، أغلبهم مدنيون، وأكثر من 5 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، بحسب الأمم المتحدة.

ونزح أكثر من ثلاثة ملايين شخص انتقل منهم 700 ألف إلى البلدان المجاورة التي يعاني معظمها من الفقر والصراع. وحذرت الأمم المتحدة من أزمة جوع متزايدة.

ويتبادل الجيش بقيادة البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، اتهامات بالمسؤولية عن بدء القتال وارتكاب انتهاكات خلال الهدنات المتتالية.

ويجد الجيش الذي يعتمد على الضربات الجوية والقصف المدفعي صعوبة في طرد قوات الدعم السريع من مواقعه في أنحاء الخرطوم.

وتوسطت الولايات المتحدة والسعودية في عدة اتفاقات لوقف إطلاق النار في السودان، لكنهما علقتا المحادثات في جدة بسبب انتهاكات من طرفي الصراع. واستضافت إثيوبيا في وقت سابق من الأسبوع الجاري قمة إقليمية لدول شرق أفريقيا لكن الجيش السوداني قاطعها متهما كينيا، الراعي الرئيسي، بالتحيز.

ما رأي الجيش السوداني عن مفاوضات الغد؟

أعلن الجيش السوداني، قبول دعوة السعودية لاستئناف العملية التفاوضية مع قوات الدعم السريع.

حيث قال الجيش السوداني على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "إن القيادة العامة للجيش" قبلت الدعوة من دولتي الوساطة بمنبر جدة؛ المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية باستئناف العملية التفاوضية مع  قوات الدعم السريع".

وأكد الجيش السوداني أن قبوله الدعوة يأتي "إيمانا من القوات المسلحة السودانية بأن التفاوض من الوسائل التي ربما تنهي الحرب"، مضيفا: "قبلنا الدعوة بالذهاب إلى جدة لاستكمال ما تم الاتفاق عليه من قبل، وهو تنفيذ إعلان جدة كاملا، لتسهيل العمل الإنساني وعودة مواطنينا والحياة الطبيعية إلى المدن".

كما أعرب عن أمله في أن تلتزم قوات الدعم السريع "هذه المرة بما تم الاتفاق عليه سابقا"، لافتا إلى أن "استئناف التفاوض لا يعني توقف معركة الكرامة الوطنية، فالقضاء على المتمردين ودحرهم هو هدف الشعب السوداني والقوات المسلحة السودانية وهي ملتزمة بهذا الهدف لوضع البلاد في مسارها الصحيح".

ويتكون الوفد التفاوضي للجيش من 4 أعضاء هم: رئيس الوفد اللواء محجوب بشرى، واللواء أبو بكر فقيري، والمقدم طلال سليمان، والسفير عمر صديق.

فيما يضم وفد قوات الدعم السريع التفاوضي رئيس الوفد، العميد عمر حمدان، بالإضافة إلى عز الدين الصافي، ومحمد المختار، وفارس النور.

مصر تطلق مبادرة للوساطة بين طرفي الصراع في السودان

في يوليو الماضي، شرعت مصر في مسعى جديد لوقف القتال بين الفصيلين المتحاربين في السودان واحتواء الأزمة الإنسانية، مستغلة قمة لدول الجوار في إحياء الجهود الدولية لاحتواء الحرب.

ودعا زعماء الدول السبع المجاورة للسودان في بيان مشترك طرفي الصراع إلى الالتزام بوقف إطلاق النار وناشدوا دول المنطقة ألا يتدخلوا في الصراع، واتفقوا على تيسير توصيل المساعدات.

كما حذروا من احتمال تفكك دولة السودان أو "تشرذمها وانتشار عوامل الفوضى بما في ذلك الإرهاب والجريمة المنظمة في محيطها". ودعوا المجتمع الدولي إلى الوفاء بالمساعدات التي تم التعهد بها الشهر الماضي.

وقال دبلوماسيون إن أولويات مصر التي حافظت على علاقات وثيقة مع الجيش السوداني تشمل إعادة تأكيد وجودها في ملف تشعر أن الجهود الإقليمية الأخرى استبعدتها منه، وأيضا منع وصول الدعم عبر الحدود إلى قوات الدعم السريع.

وقد استهدفت خطة مصر تحقيق وقف لإطلاق النار لمدة ثلاثة أشهر وفتح مسارات لنقل المساعدات من خلال عقد اجتماعات مع الجيش وزعماء القبائل، مستندة إلى العلاقات طويلة الأمد.

وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في كلمته بالقمة على "ضرورة إعلاء كافة الأشقاء في السودان للمصلحة العليا والعمل على الحفاظ على سيادة ووحدة السودان بعيدا عن التدخلات الخارجية التي تسعى لتحقيق مصالح ضيقة لا تخدم استقرار أو أمن السودان بل والمنطقة".

ولم يحضر الاجتماع ممثلو قوات الدعم السريع والجيش السوداني. لكن مجلس السيادة الحاكم في السودان برئاسة قائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان قال إنه يرحب بالنتائج وأن الجيش مستعد لوقف القتال إذا أوقفت قوات الدعم السريع الهجمات على المواقع المدنية والحكومية وتوقفت عن قطع الطرق والنهب.

ودعا رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد إلى موائمة عمليتي القاهرة وجدة مع المبادرة الإقليمية للهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق أفريقيا (إيجاد) التي تم الإعلان عنها في وقت سابق هذا الأسبوع.

وقال أبي "أود أن أؤكد أن مثل هذه العمليات، بما في ذلك قمة اليوم، يتعين أن تلتئم مع المبادرة الحالية التي وضعتها إيجاد وتلك المدعومة من الاتحاد الأفريقي".

ووصف مبعوث الأمم المتحدة إلى السودان فولكر بيرتس، محاولات الوساطة بأنها "دبلوماسية طوارئ"، وقال إن قوات طرفي الصراع استخدمت وقف إطلاق النار السابق لتعديل مواقعها.

وأضاف "ما زال كلا الطرفين المتحاربين يعتقد أن بوسعه الانتصار في الحرب لذا يقبلان المبادرات الدبلوماسية حين يعتقدان أنها قد تساعدهما في تحقيق أهدافهما".

وخلال مفاوضات يوليو السابقة، توصل الجيش السوداني وقوات الدعم السريع لعدة اتفاقيات لوقف إطلاق النار بوساطة من السعودية والولايات المتحدة، لكن المفاوضات التي جرت في جدة تم تعليقها بعد أن استمر تبادل الطرفان المتحاربان الاتهامات بانتهاك الهدنة.